غفلة إسرائيلية عن التمديد لنائب محافظ البنك المركزي

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

للمرة الأولى في تاريخ بنك إسرائيل (البنك المركزي)، يواجه البنك وضعا غير مسبوق حيث ستنتهي ولاية نائب المحافظ أندرو أبير السبت القادم من دون أي قرار حكومي بشأن تمديدها أو تعيين بديل، وفقا لتقرير نشرته صحيفة كالكاليست الإسرائيلية.

ووفقا للقانون الإسرائيلي، فإن الحكومة ملزمة بتعيين نائب لمحافظ البنك المركزي، لكن هذا القرار لم يُطرح حتى على جدول أعمال الحكومة، وهذا يثير تساؤلات حول تداعيات هذا الإهمال على الاقتصاد الإسرائيلي وإدارة السياسات النقدية.

تجاهل حكومي وتداعيات خطيرة

وبحسب كالكاليست فقد كان من المفترض أن يتم تمديد ولاية أبير خلال اجتماع الحكومة الأخير، لكن الاجتماع أُلغي تماما ولم يكن الموضوع مدرجا أصلا على جدول الأعمال.

وكشفت “كالكاليست” أن محافظ البنك أمير يارون أوصى قبل أسابيع بتجديد ولاية أبير، لكن تنفيذ القرار يتطلب موافقة الحكومة. وبحسب القانون، “يجب على الحكومة تعيين نائب المحافظ بناء على توصية المحافظ”.

اللافت في الأمر -بحسب الصحيفة- أن هذه ليست مجرد مسألة إدارية بل انتهاك قانوني، حيث ينص القانون صراحة على ضرورة تعيين نائب لمحافظ البنك. عدم القيام بذلك يضع الحكومة في مخالفة قانونية صريحة، ما يثير انتقادات حادة بشأن الإدارة الاقتصادية للدولة.

 

تأثير على السياسة النقدية

ويلعب نائب المحافظ دورا محوريا في صنع القرار الاقتصادي، حيث إنه عضو في اللجنة النقدية التي تحدد سعر الفائدة والسياسات النقدية الأساسية. ووفقا للقانون، يمكن للجنة الاستمرار في العمل بوجود 4 من أصل 6 أعضاء، لكن غياب نائب المحافظ يعكس حالة من عدم الاستقرار المؤسسي قد تؤدي إلى تآكل الثقة في قدرة البنك المركزي على اتخاذ قرارات حاسمة.

وإلى جانب ذلك، فإن نائب المحافظ عضو في المجلس الإداري للبنك، الذي يحدد ميزانيته وسياسات الرواتب وإدارة احتياطيات النقد الأجنبي، مما يجعل غيابه ثغرة خطيرة في الهيكل الإداري للبنك. والأكثر خطورة، أنه في حال تعذر على المحافظ أداء مهامه لأي سبب كان، لن يكون هناك نائب يتولى المسؤولية، ما قد يُدخل البنك في أزمة إدارية غير مسبوقة.

الحكومة تتجاهل القرار

ما يثير الدهشة بحسب كالكاليست هو أن تجديد تعيين أبير لا يتطلب أي إجراءات معقدة، إذ يكفي استفتاء حكومي سريع عبر الهاتف أو حتى عبر تطبيق واتساب، كما تم في قرارات حكومية سابقة. ومع ذلك، لم يتم اتخاذ أي خطوة في هذا الاتجاه، مما يعكس ترددا واضحا من الحكومة في اتخاذ القرار، أو ربما تجاهلا متعمدا.

أما إذا كان هناك توجه لتعيين شخص جديد بدلا من أبير، فإن هذا القرار سيستغرق وقتا طويلا، لأن المنصب يتطلب موافقة لجنة غرنيس التي تُعنى بالموافقة على التعيينات العليا في الدولة، مثل محافظ البنك المركزي، رئيس الأركان، رئيس الشرطة، ورؤساء أجهزة الأمن، مما يبرز مدى أهمية هذا المنصب وتأثير غيابه على استقرار المؤسسات المالية.

ولجنة غرنيس هي لجنة استشارية إسرائيلية تُقيّم تعيين كبار المسؤولين في القطاع العام لضمان نزاهتهم وكفاءتهم، ومن ضمنهم محافظ البنك المركزي ونائبه.

محافظ البنك تحت الضغط

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تشهد الحكومة مماطلة في القرارات المتعلقة ببنك إسرائيل، فقد سبق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن حاول استبدال محافظ البنك أمير يارون خلال العام الماضي. وكان المرشح الرئيسي آنذاك إفي بنامليخ، أستاذ الاقتصاد في جامعة نورث وسترن وخبير في التمويل، وشؤون الإفلاس، وأسواق الائتمان.

لكن اندلاع الحرب بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول حال دون تنفيذ التغيير، إذ أدركت الحكومة أن استبدال المحافظ خلال الحرب قد يؤدي إلى زعزعة الأسواق الإسرائيلية وإلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد.

وفي نهاية المطاف، اضطر نتنياهو إلى تمديد ولاية يارون في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رغم أنه كان يسعى لاستبداله بسبب مواقفه النقدية تجاه السياسات الاقتصادية للحكومة. ووفقا للقانون، فإن محافظ البنك ملزم بتقديم المشورة الاقتصادية للحكومة، لكن هذا الدور الاستشاري قوبل برفض ضمني من نتنياهو، الذي لم يكن راضيا عن توصيات يارون بضرورة تقليص الإنفاق الحكومي وتشجيع سياسات النمو.

انتقادات

وأكد بنك إسرائيل في بيان رسمي أن القانون ينص صراحة على ضرورة تعيين نائب لمحافظ البنك، مشيرا إلى أن المحافظ يستطيع تعيين موظف مؤقت من داخل البنك ليحل محل نائب المحافظ لحين اتخاذ الحكومة قرارا رسميا.

أما مكتب رئيس الوزراء، فقد ردّ على الجدل المتزايد قائلا: “عند عودة رئيس الوزراء من الخارج، سيتم بحث الموضوع واتخاذ القرار المناسب”. لكن هذا التبرير لم يهدئ المخاوف، إذ يرى الخبراء أن تأخير القرار يعكس عدم جدية الحكومة في احترام الاستقلال المالي للبنك المركزي.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *