بكين– قبل نحو 26 عاما، بدأ هوي كا يان، رئيس شركة التطوير العقاري الصينية، باتباع أسلوب استثماري يسير، وهو الاقتراض لشراء الأرض، وبيع المنازل على الموقع قبل أن تُبنى لسداد القروض، وتمويل المشروعات التالية.
وبدءا من منتصف التسعينيات، كان هذا النهج مربحا للغاية مع ارتفاع أسعار المساكن في الصين إلى حد غير معقول، وتحول هوي -الموظف السابق في صناعة الصلب- من قرية ريفية إلى أغنى رجل في الصين، وأصبحت شركته “إيفرغراند” إمبراطورية عقارية.
لكن اسم مجموعة “إيفرغراند” -التي تضم 8 صناعات- أصبح يتصدر عناوين الأخبار منذ فترة، خاصة مع الإعلان -نهاية يونيو/حزيران الماضي- عن وصول ديون الشركة إلى 328 مليار دولار، ووضع السلطات الصينية رئيس الشركة أمس قيد الإقامة الجبرية، في حين علّقت المجموعة -اليوم الخميس- تداول أسهمها في بورصة هونغ كونغ.
وأثار الانزلاق نحو الهاوية لواحد من أكبر المطورين العقاريين في الصين المخاوف بشأن خطر انتقال العدوى إلى النظام المالي، وزعزعة استقرار الاقتصاد الذي ضعف بالفعل، بسبب الطلب المحلي والأجنبي الفاتر، وتعثر نشاط المصانع، وارتفاع معدلات البطالة، حسب تقرير لشركة الأبحاث “كابيتال إيكونوميكس”.
فماذا تعرف عن “إيفرغراند”؟
تعدّ إيفرغراند للعقارات واحدة من بين 8 صناعات أساسية تمتلكها المجموعة الرئيسة، وتأسست في 1996 في مدينة قوانغتشو جنوب الصين خلال الأزمة المالية الآسيوية، وطُرح أول عقار طورته الشركة في 1997، وبيع بالكامل خلال ساعتين، حيث حقق حجم مبيعات قدّر بـ 80 مليون يوان صيني (الدولار يعادل حاليا 7.3 يوان)، وهو ما منح الشركة القوة والثقة للانطلاق.
وبقيت الشركة خلال سنواتها العشر الأولى تعمل في مدينة قوانغتشو، ونجحت في حجز مقعد بين أكبر 10 شركات تطوير عقارية صينية في المدينة، وبعد 2006، توسعت “إيفرغراند” للمدن الرئيسة الأخرى؛ مثل: شنغهاي وتيانجين و”ووهان”، وتمكنت خلال سنتين من إنشاء 50 مشروعا عقاريا.
لكن التحول الأبرز للشركة كان في 2009، عندما أُدرجت في هونغ كونغ، لتصبح إحدى المؤسسات العقارية من البرنامج الرئيس الصيني، ذات القيمة السوقية الأعلى في هونغ كونغ.
وبحلول نهاية 2011، كانت الشركة قد طورت أكثر من 200 مشروع، في أكثر من 120 مدينة رئيسة في الصين.
وفي 2016، أُدرجت “إيفرغراند” ضمن قائمة أفضل 500 شركة في العالم، وأصبحت أول مطور عقاري في العالم ينضم للقائمة.
وفي نهاية 2016، نجحت في التحول من “العقارات” إلى مجموعة تضم خدمات متنوعة.
حجمها ومجالاتها
وفي نهاية 2014، حققت المؤشرات الأساسية للشركة في حجم المبيعات، ومساحة المبيعات، وصافي الربح، ومساحة البناء، ومساحة الإنجاز، متوسط معدل نمو يزيد عن 30% لمدة 5 سنوات متتالية.
وفي قائمة أفضل 500 شركة في العالم، ارتفع تصنيفها من المرتبة 338 إلى المرتبة 158، ومن ثم إلى 138 في 2019، لتصبح واحدة من أسرع الشركات التي ارتفع تصنيفها ضمن أفضل 500 شركة في العالم.
تمتلك شركة إيفرغراند للعقارات أكثر من 1300 مشروع، في أكثر من 280 مدينة صينية، لتوفير مساكن لأكثر من 12 مليون شخص.
أما مجموعة “إيفرغراند” فتوسعت لتشمل -بالإضافة للعقارات- خدمات، أبرزها: الصحة والطاقة والشبكات، التي وصلت لمئات الملايين من العملاء. وبلغ إجمالي أصول المجموعة 2.3 تريليون يوان صيني (320 مليار دولار تقريبا).
وحققت “إيفرغراند” لسيارات الطاقة الجديدة توسعا عالميا، حيث نجحت في تسويق 9 نماذج من سيارتها “هينغ تشي”، وتسعى “إيفرغراند” لتحقيق إنتاج ومبيعات سنوية تبلغ مليون مركبة بحلول 2025، و5 ملايين مركبة بحلول 2035.
وحسب رؤيتها المعلنة لسنة 2022، كانت المجموعة تستهدف الوصول لمبيعات سنوية تصل إلى تريليون يوان، بأصول تبلغ 3 تريليون يوان صيني، لكن “إيفرغراند” للعقارات أُثقلت بالديون، ولم تبلغ المجموعة ذلك الهدف.
تأثير الانهيار على اقتصاد الصين
تشير التقديرات إلى أن قطاع العقارات والصناعات -الذي ترتبط به “إيفرغراند” في الصين- يمثل نحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي، ويريد المسؤولون تجنب أزمة أوسع نطاقا.
وتحاول الحكومة الصينية الحد من تداعيات الأزمة وحماية الناس العاديين، رغم أنها امتنعت عن التعليق على إيفرغراند مباشرة.
وقال بروس بانغ، كبير الاقتصاديين الصينيين في المؤسسة المالية العالمية “آي إن جي”، لصحيفة فاينانشيال تايمز، إن تخلف المطورين عن السداد سيستمر، حيث يواجه جميع المطورين من القطاع الخاص -تقريبا- ضغوطا على التدفق النقدي لن تختفي في وقت قريب، وأضاف أن أي دعم يأتي من الحكومة سيحتاج إلى وقت حتى يصب في التدفق النقدي، وبدء أعمال البناء الجديدة.
وتشمل التزامات إيفرغراند الضخمة ما يقرب من 20 مليار دولار من السندات الدولية، لكن نظرا لأن المقرضين الأجانب يمتلكون حصة صغيرة نسبيا من إجمالي ديون إيفرغراند؛ فإن خسائرهم لن تكون كبيرة بما يكفي لتتسبب في أي عدوى دولية كبيرة.
ويضيف بروس بانغ، أنه لو تم احتواء خسائر المستثمرين الأجانب نسبيا، فإن الأزمة قد تجبر بعض المستثمرين على إعادة التفكير في كيفية إقراض الشركات الصينية الأخرى مستقبلا.
مؤسس إيفرغراند
شو جيا يين -المعروف أيضا باسمه باللغة الكانتونية هوي كا يان- ولد في 9 أكتوبر/تشرين الأول 1958 بمقاطعة خنان:
- يشغل حاليا منصب رئيس مجلس الإدارة، وأمين لجنة الحزب الشيوعي في الصين بمجموعة “إيفرغراند”.
- هو أستاذ إدارة، ومشرف دكتوراه.
- يعمل في الوقت نفسه نائب رئيس مجلس الأعمال الصيني لمجموعة “بي20” (B20)، وهي منظمة غير ربحية أنشأها المجلس الصيني، لتعزيز التجارة الدولية استجابة لقمة أعمال مجموعة العشرين.
- نائب رئيس مجلس الأعمال الصيني، التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ.
- نائب رئيس اللجنة الصينية لمجلس أعمال طريق الحرير.
- نائب رئيس غرفة تجارة الصين الدولية.
- نائب رئيس اتحاد الشركات الصينية.
- نائب رئيس جمعية رجال الأعمال الصينيين.
- تخرج سنة 1982 في قسم المعادن في معهد ووهان للحديد والصلب (جامعة ووهان للعلوم والتكنولوجيا حاليا)، وتخصص في المواد المعدنية والمعالجة الحرارية.
- احتل شو جيا يين المرتبة 53 في “قائمة فوربس العالمية للأغنياء لسنة 2021” بثروة تقدر بـ 27.7 مليار دولار أميركي.