اعتبر الرئيس الصيني شي جين بينغ أن الانتعاش الاقتصادي في الصين “لا يزال في مرحلة حرجة”، وذلك خلال اجتماع للمكتب السياسي للحزب الشيوعي اليوم الجمعة.
وسجلت الصين (ثاني أكبر اقتصاد في العالم) نموا بنسبة 4.9% في الربع الثالث، أي أقل بقليل من هدف بكين بمستوى 5%، وهو أحد أدنى المعدلات منذ سنوات. ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى تباطؤ الاستهلاك المحلي وصعوبات تواجه قطاع العقارات.
ودعا الرئيس الصيني إلى اتخاذ تدابير لتعزيز الاقتصاد قائلا إن “الوضع التنموي الذي تواجهه البلاد معقد، مع تزايد العوامل السلبية في البيئة السياسية والاقتصادية الدولية”.
وأضاف “من الضروري التركيز على تسريع بناء نظام صناعي عصري وبذل الجهود لزيادة الطلب الداخلي ومنع المخاطر ونزع فتيلها”.
وشدد أيضا على ضرورة تعزيز “الاعتماد على النفس” في قطاعي العلوم والتكنولوجيا المهمين و”تسريع بناء مخطط تنموي جديد”.
ويبذل المسؤولون جهودا حثيثة لحماية التعافي من تبعات جائحة كورونا، حتى بعد رفع تدابير العزل الصارمة نهاية 2022.
الصادرات
وارتفعت الصادرات الصينية الشهر الماضي للمرة الأولى منذ 7 أشهر، وإن كانت البيانات تُقارن بأرقام منخفضة من العام الماضي عندما كانت انعكاسات تدابير كورونا واضحة أكثر من غيرها.
وسجلت الصادرات الصينية، التي كانت محركا رئيسيا للنمو لفترة طويلة، تراجعا إلى حد كبير منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022 باستثناء انتعاش قصير الأجل في مارس/آذار وأبريل/نيسان.
وسلط الانخفاض المفاجئ في الواردات في نوفمبر/ تشرين الثاني الضوء على ضعف النشاط الاستهلاكي في الداخل.
وسجلت صادرات الصين بشكل عام زيادة غير متوقعة بنسبة 0.5% على أساس سنوي الشهر الماضي، بعد 6 أشهر من التراجع، في وقت عاودت الواردات التراجع، وفق أرقام رسمية نشرت الخميس تعكس تعافيا اقتصاديا محدودا.
وتعدّ الصادرات دافعا أساسيا للنمو في الصين، وينعكس أداؤها بشكل مباشر على الوظائف بالنسبة إلى ملايين الشركات العاملة في هذا القطاع.
وبلغ إجمالي الصادرات الصينية الشهر الماضي 291 مليار دولار، وفق الجمارك. لكن الصادرات تراجعت على أساس سنوي بنسبة 13.8% للولايات المتحدة، و11% للاتحاد الأوروبي. في المقابل، سجلت الصادرات إلى روسيا زيادة بنسبة 50.2%.
على صعيد آخر، انكمشت واردات الصين بنسبة 0.6% الشهر الماضي بعد زيادة في أكتوبر/تشرين الأول 3%، مما يعكس انخفاض الطلب المحلي. وعرفت الواردات الصينية تراجعا على مدى 11 شهرا قبل أن تسجل زيادة في أكتوبر/تشرين الأول.
خفض التصنيف إلى سلبي
وخفّضت وكالة موديز الثلاثاء توقعاتها لتصنيف الصين الائتماني من “مستقر” إلى “سلبي”، مشيرة إلى “مخاطر تراجع واسعة النطاق على القوة المالية والاقتصادية والمؤسساتية للصين”.
وعبرت وزارة المال الصينية عن “خيبة أملها” لهذا القرار، معتبرة أن مثل تلك المخاوف بشأن اقتصاد الصين “غير مبررة”.
قطاع العقارات
لكن مشكلات قطاع العقارات، الذي يعد المحرك التقليدي الآخر للنمو، أدت إلى تزايد المخاوف. حيث يعاني قطاع العقار الضخم في الصين من أزمة مديونية، إذ يدين بعض أكبر المطورين في البلاد بمئات مليارات الدولارات ويواجهون خطر الإفلاس.
وتشعر السلطات بالقلق لأن المخاوف من الديون تثير عدم ثقة المشترين وتؤدي إلى انخفاض أسعار المنازل، والأهم أن عدواها قد تصيب قطاعات أخرى.
وتضررت الثقة في قطاع العقارات، الذي يمثل ربع الناتج المحلي الإجمالي في الصين، منذ عام 2021 عندما اتخذت بكين إجراءات صارمة لمكافحة تراكم ديون الشركات العقارية، مما أدى إلى تأجيج أزمة الديون، وأثرت المشاكل المتفاقمة في القطاع هذا العام على الاقتصاد الصيني وهزت الأسواق المالية العالمية. وهو ما سرع من انهيار كبرى شركات القطاع سابقا “إيفرغراند” التي منحت مهلة حتى يناير/كانون الثاني المقبل لتقديم خطة لإعادة الهيكلة وتفادي تصفيتها.
وقال كبير الاقتصاديين الصينيين في بنك نومورا الياباني تينغ لو الخميس، إن أزمة العقارات لا تزال “أكبر عائق يؤثر على اقتصاد الصين”. وأضاف في مذكرة “رغم العديد من إجراءات التحفيز التي أُعلن عنها مؤخرا، نعتقد أنه لا يزال من السابق لأوانه التنبؤ ببلوغ القاع”.