شركات عالمية تتنافس على 30 مشروعا للطاقة في العراق.. ما أهميتها؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 10 دقيقة للقراءة

في قلب منطقة الشرق الأوسط، يبرز موقع العراق ضمن أهم المناطق الإستراتيجية في صناعة النفط والغاز عالميا، نظرا لما يمتلكه من موقع إستراتيجي مهم واحتياطيات هائلة من الموارد الطبيعية، تتيح للبلاد فرصا متميزة للاستثمار والتنمية في هذا القطاع الحيوي.

وفي سعيها لتعزيز الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات الأجنبية، كشفت وزارة النفط العراقية عن جولة جديدة من تراخيص الاستكشاف والإنتاج النفطي، حيث تستهدف استقطاب شركات الطاقة العالمية لتنفيذ 30 مشروعا إستراتيجيا في مختلف مناطق البلاد.

وفي وقت سابق، شهد العراق انسحاب عدد من الشركات العالمية المشاركة في قطاع النفط والغاز، نتيجة لعدة تحديات أمنية وسياسية وتقنية، ومع ذلك، تسعى الحكومة العراقية إلى تحفيز هذا القطاع وإعادة جذب الاستثمارات من خلال توفير بيئة استثمارية ملائمة وتشجيع الشراكات الإستراتيجية مع الشركات الكبرى.

 

جولة تراخيص جديدة

يأتي إعلان وزارة النفط عن جولة التراخيص الجديدة، ضمن جهود البلاد لتعزيز قطاعها الطاقي وتحقيق التنمية المستدامة.

وكانت وزارة النفط العراقية 27 أبريل/نيسان الجاري موعدا لفعاليات تسلم وفتح العروض التنافسية لشركات النفط العالمية على عقود الرقع الاستكشافية والحقول (النفطية والغازية) لجولتي التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة، إلى جانب إعلان الشركات الفائزة بهذه العقود، إلا أنها عادت وأعلنت أمس الأربعاء الإرجاء إلى موعد سيعلن عنه لاحقا.

وفازت في جولة التراخيص الخامسة بمرحلتها الأولى شركة الهلال الإماراتية وشركة جيوجياد الصينية، في حين يُنتظر إعلان باقي الشركات الفائزة في الجولة القادمة.

وبين المتحدث باسم الوزارة عاصم جهاد أن الجولة الخامسة “التكميلية” والسادسة تضم 30 مشروعا واعدا، بواقع 16 حقلا ورقعة استكشافية، للجولة التكميلية الخامسة، و14 رقعة استكشافية للجولة السادسة، التي تضم 11 رقعة للغاز الطبيعي و3 رقع نفطية.

وتؤكد وزارة النفط أن هدفها من هذه الجولات هو تعظيم احتياطي البلاد من النفط والغاز، ودعم قطاع الطاقة والصناعات المرتبطة بها، والنهوض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للمحافظات العراقية من خلال استثمار الموارد بالتعاون مع الشركات العالمية.

وإلى جانب العاصمة العراقية بغداد، تشمل هذه المشاريع محافظات نينوى (شمال)، والأنبار (غرب)، وكربلاء والنجف وبابل والقادسية والمثنى والبصرة وذي قار وميسان وواسط (جنوب)، وديالى (شرق)، وفق بيان الوزارة.

 

أهمية الاستثمارات المرتقبة

تمثل جولات التراخيص فرصة حيوية لتحقيق النمو والتطوير في قطاع النفط والغاز، وتعزيز دور العراق كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمية.

ويشير الخبير النفطي حمزة الجواهري إلى أن الجولة الخامسة تركز على الحقول الحدودية مع إيران والكويت، في حين تشتمل الجولة السادسة 14 رقعة استكشافية لحقول الغاز في الجانب الغربي من العراق بامتداد وادي حوران وعلى طول المناطق القريبة من الحدود مع سوريا والأردن والسعودية.

وحول أهمية هذه المشاريع بالنسبة للعراق، يؤكد الجواهري في حديثه للجزيرة نت، أنه في حال تمت الاستكشافات وجرى تطوير هذه الحقول فإن العراق سيكون في مصاف الدول المصدرة للغاز باحتياطيات غازية كبيرة.

وينوه الجواهري إلى جملة من التحديات التي تواجه الشركات العالمية للعمل في العراق خاصة فيما يتعلق بمشاريع الجولة الخامسة، إذ إن معظم الحقول الحدودية المعروضة هي مشتركة ما بين العراق وإيران، مما يعقد مباشرة العمل فيها بسبب العقوبات الأميركية على طهران.

وبالنسبة للجولة السادسة، يرجح الجواهري بروز تحديات أمنية بسبب نشاط الجماعات الإرهابية في المنطقة قرب الحدود السورية مع العراق، وهذا يتطلب جهودا محلية ودولية للتخلص من هذه المجاميع المسلحة.

وعن حجم الاستثمارات المطروحة يبين الخبير النفطي أنها لن تكون كبيرة في البداية وقد تتراوح بين 100 و300 مليون دولار، لأن كل ما يصرف يستعاد من إنتاج الحقول بعد 3 أشهر التي تليها وفق عقود الخدمة المعيارية في العراق.

ويلفت الجواهري إلى أن التطور الكبير الذي وصلت إليه تقنيات المسوحات الزلزالية سيسهم في تسريع عمليات الاستكشاف والحصول على نتائج أفضل بكثير من المسوحات السابقة لهذه المناطق.

General view of Nahr Bin Umar oil field, as workers spray disinfectant as a preventive measure against coronavirus, north of Basra, Iraq March 15, 2020. REUTERS/Essam Al-Sudani

تأثيرات اقتصادية محدودة

رغم أهمية الجولات التنافسية لتراخيص النفط والغاز، فإن التأثيرات الاقتصادية المتوقعة قد تكون محدودة نسبيا نظرا لعدة عوامل إدارية وبنيوية، وفق رأي الخبراء.

ويقول الخبير الاقتصادي عبد الحسن الشمري، إن حجم الاستثمارات ضمن جولات التراخيص الجديدة لم يعلن عنها لكنها بالتأكيد ستكون هائلة وكبيرة جدا، وذلك لاعتماد العراق على واردات النفط بشكل كامل في جميع مفاصل الموازنة العراقية، بما في ذلك دفع الرواتب وبناء المشاريع وغيرها.

ويبين الشمري في حديثه للجزيرة نت أن “اقتصاد العراق الريعي يفتقر إلى أدوات التطور والتقدم نحو الأمام، فليس هناك مشاريع صناعية أو زراعية، حيث تحاول القيادات السياسية الاعتماد على المستثمرين من أجل بناء المصانع والبنى التحتية للمشاريع الزراعية، وهذا خطأ كبير ترتكبه الحكومة العراقية، ولا بد أن تكون لديها رؤية اقتصادية واضحة وبرنامج عمل تسير عليه”.

وانتقد الشمري غياب التوازن بين الواردات ومتطلبات التنمية المستدامة، لأن أغلب واردات النفط تذهب إلى الرواتب والبطاقة التموينية والرعاية الاجتماعية، ولا يبقى شيء للبناء، إضافة إلى الفساد المستشري في وزارات الدولة وخصوصا في الجمارك والضرائب وجميع الوزارات، وهذا يجعلنا لا نشعر بحصول بوادر تطور وتقدم في البلد، لعدم وجود خطة اقتصادية واضحة لإنشاء المشاريع ونوعيتها.

11- الخبير الاقتصادي عبد الحسن محيي الشمري لفت إلى خسائر كبيرة بسبب زيادة استهلاك الوقود نتيجة الاختناقات المرورية في شوارع بغداد - الجزيرة نت

من جانبه، يوضح الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد صدام أن الاستثمارات الجديدة تتمثل في 600 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز، وهذا يسهم في استغناء العراق عن دفع تكاليف الغاز الإيراني المستورد بقيمة 4 مليارات دولار سنويا، فضلا عن تعزيز استقلال قطاع الطاقة تدريجيا خلال السنوات القليلة القادمة.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى صدام أن جدوى استثمار النفط والغاز وأهميته تكمن في إمكانية رفع طاقة التكرير محليا وتقليص استيراد المشتقات النفطية خصوصا بنزين السيارات.

ويشدد على أن التوازن ما بين صادرات النفط والتنمية المستدامة لا يمكن يتحقق إلا بعد استثمار فوائض الإيرادات النفطية في مشاريع إنتاجية غير نفطية، لا سيما في قطاعي الزراعة والصناعة التحويلية.

ودعا إلى اعتماد سياسات تهدف إلى استدامة التنمية من خلال تحفيز الاستثمار في قطاعات الخدمات والبنى التحتية المهمة، خصوصا في قطاعات الموانئ والطرق، ويشمل ذلك مشاريع مهمة مثل طريق التنمية الذي من الممكن أن يتحول إلى أحد محفزات التنمية المستدامة بشرط توفر البيئة المؤسسية الداعمة لذلك.

ويؤكد صدام ضرورة ضمان استفادة المواطن من عوائد النفط من خلال رفع مستوى الإنفاق على القطاعين الصحي والتعليمي، بتجهيز المستشفيات الحكومية والمدارس لمواكبة التطور والتخفيف عن كاهل المواطنين.

9- الباحث في التجارة والنقل الدكتور أحمد صدام لفت إلى أن التبادل التجاري كان شبه معدوم قبل فتح الحدود لكن كانت كثير من السلع السعودية تدخل للعراق عن طريق الأردن والكويت - الجزيرة نت

أبرز الرقع النفطية الجديدة

وعرضت جولة التراخيص الخامسة عدة مناطق يعتقد أنها غنية باحتياطيات النفط والغاز، أبرزها:

  • “بلوك 7” النفطي، الذي تبلغ مساحته نحو 6 آلاف كيلومتر مربع، وتمتد المنطقة على محافظات النجف والمثنى وواسط وبابل والديوانية، قرب حقول الناصرية والغراف، ولم يتم حفر أي آبار في البلوك حتى الآن.
  • “بلوك11” الذي تبلغ مساحته نحو 8 آلاف كيلومتر مربع، وتمتد الكتلة على محافظتي النجف والمثنى، وتم حفر بئر واحدة فيه، ومن المتوقع العثور على كميات وفيرة من النفط.
  • حقل أبو خيمة الذي يمتد على مساحة 294 كيلومترا مربعا ضمن محافظة المثنى، ويضم بئرا واحدة، ويحتوي الحقل على النفط والغاز المصاحب.
  • حقل الظفرية حيث تم حفر بئرين ضمن محافظة واسط، و6 آبار في حقول الفرات الأوسط التي تبلغ مساحتها الإجمالية 1073 كيلومترا مربعا، وهي مشتركة بين محافظتي النجف وكربلاء.
  • مجموعة من الرقع النفطية المهمة جنوب العراق تشمل زرباطية والفاو الشهابي والدائمة وقلعة صلاح وساسان، وجبل سنام المشترك مع الكويت وغيرها.
  • الحقول النفطية الممتدة من مناطق شرق بغداد وتمتد بمساحة 231 كيلومترا مربعا، ضمن محافظتي بغداد وصلاح الدين، وتضم 7 آبار للنفط والغاز المصاحب.
  • عدة حقول للنفط والغاز في محافظة نينوى.

وتتميز هذه الجولة بتضمنها المشروع البحري الأول في العراق، من خلال التنقيب بمسافة 400 كيلومتر مربع ضمن المياه الإقليمية العراقية للخليج العربي والتي تضم تراكمات غازية مهمة.

بينما تضم جولة التراخيص السادسة 8 مناطق غنية بالنفط والغاز في محافظة الأنبار، و3 في المثنى، واثنتين في نينوى، وواحدة في النجف.

الخبير النفطي حمزة الجواهري (الجزيرة 1)

جولات التراخيص السابقة

ومنذ أن فُتح قطاع التنقيب والإنتاج العراقي أمام استثمارات القطاع الخاص في عام 2008، أضافت البلاد أكثر من مليوني برميل يوميا من إنتاج النفط، لدعم التوسع الاقتصادي المستمر في البلاد والحاجة إلى غاز طبيعي إضافي لتوليد الطاقة، وفق مديرية العقود والتراخيص النفطية العراقية.

وكانت وزارة النفط العراقية قد أطلقت جولة التراخيص الأولى في 30 يونيو/ حزيران 2008، وشملت 4 مناطق نفطية هي الرميلة والزبير وغرب القرنة (المرحلة الأولى) وميسان.

وشملت جولة التراخيص الثانية التي أعلن عنها في 31 ديسمبر/كانون الأول 2008، توقيع 7 عقود، ضمت مجنون، حلفايا، القيارة، غرب القرنة (المرحلة الثانية)، الغراف، بدرة، ونجمة، قبل إطلاق الجولة الثالثة 2009-2010، حيث تمت ترسية حقول غاز عكاز، المنصورية، والسيبة، في حين تم الانتهاء من الجولة الرابعة في عام 2012.

بعد ذلك اعتمد العراق نموذجا مختلفا للعقود لتصبح اتفاقيات تقاسم أرباح بدلا من نموذج عقد الخدمة الذي ظهر في العروض السابقة، ففي الجولة الخامسة عام 2018، تم منح 6 رقع، وبعد ذلك، في عام 2021، جرى إكمال ترسية حقل المنصورية للغاز غير المطور في محافظة ديالى.

ويتم عرض غالبية المناطق بموجب عقد طويل الأجل يتراوح بين 30 و34 عاما، وهو قائم على تقاسم الأرباح للاستكشاف والتطوير والإنتاج، كما يتم تقديم منطقتين بموجب عقود التطوير والإنتاج لمدة تتراوح بين 20 و25 عاما.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *