استقر سعر صرف الدولار الأميركي في بنوك مصر تحت مستوى 50 جنيها، بعد يوم تحريكه إلى ما فوق هذا المستوى من 30.85 جنيها، المستوى الذي حافظ عليه البنك المركزي المصري لفترة طويلة.
- وسجل سعر بيع العملة الخضراء 49.70 جنيها في بنك كريدي أغريكول ومصرف أبو ظبي الإسلامي وبنك الاستثمار العربي وبنك أبو ظبي التجاري وبنك الإمارات دبي الوطني.
- في حين سجّل 49.60 جنيها في بنوك مصر وميد وقناة السويس والأهلي المصري والمصري لتنمية الصادرات والعقاري المصري العربي.
وبعد أن قال محافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله، في مؤتمر صحفي أمس الأربعاء، إنه لم يعد يستهدف سعر صرف معينا، بل يستهدف مستوى تضخم (مستويات الأسعار) أحاديا (دون 10%)، يبرز سؤال: من الرابحون والخاسرون من رفع المؤسسة المصرفية يدها عن الجنيه؟
ليس تعويما كاملا
يرى كبير إستراتيجي الأسواق في شركة “أوربكس” في مصر عاصم منصور، في حديث للجزيرة نت، أن ما حدث أمس الأربعاء هو تحريك لسعر الصرف إلى نطاقات محددة وليس تعويمًا كاملا (ترك سعر الصرف ليحدده العرض والطلب).
وأشار حسن عبد الله أمس الأربعاء إلى أن البنك المركزي لديه القدرة على التدخل بناء على قواعد السوق، إذ إن البنوك المركزية في أي دولة لديها الحق في التدخل إذا كانت هناك تحركات غير منطقية.
ووفق منصور، فإن قائمة الرابحين والخاسرين من ارتفاع سعر صرف الدولار في البنوك تضم التالي:
أولا: الرابحون
- البورصة المصرية
ثمة تأثيران على البورصة المصرية من تطورات أمس، أولهما التأثير الإيجابي من خفض قيمة الجنيه يتمثل في زيادة جاذبية الأسهم بالنسبة للمستثمرين العرب والأجانب؛ فهي مقومة بالجنيه، وبالتالي صار الدولار يشتري المزيد من الأسهم، مما يعد فرصة للمزيد من الأرباح، وفق منصور.
ويضيف أن تراجع الجنيه في السوق الموازي بعد صفقة رأس الحكمة الاستثمارية أدى إلى تراجع البورصة المصرية.
وحسب منصور، فإن كبح نشاط السوق الموازية من شأنه تشجيع المستثمرين العرب والأجانب على الاستثمار في البورصة، فيتعاملون مع جهة قانونية لا مخاطرة فيها.
لكن في المقابل، يأتي التأثير السلبي من رفع الفائدة 600 نقطة أساس دفعة واحدة، مما يجعل الودائع المصرفية وشهادات الاستثمار منافسًا قويا للأسهم كاستثمار آمن يدرّ عائدا مباشرًا مقابل أصل معرض للعديد من المخاطر.
وطرح بنك مصر والبنك الأهلي المصري أمس الأربعاء شهادات استثمار لأجل 3 سنوات بفائدة متناقصة 30% للسنة الأولى، و25% للثانية، و20% للثالثة.
يقول منصور إن الفترة المقبلة تشمل شهر رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى المباركين، ورغم أن السائح العربي المتوقع قدومه إلى مصر في هذه الفترة سيحصل على جنيهات أقل -حتى بعد خفض قيمة الجنيه- مقارنة مع ما سجّلته السوق الموازية خلال الفترة الماضية، فإنه سيتعامل مع البنوك بصفة قانونية، وسيستفيد الجهاز المصرفي من هذه التعاملات.
استبعد منصور أن يستفيد المصدرون من تراجع قيمة الجنيه بقدر ما سيستفيدون من ثبات سعر صرف الدولار وتوفير السيولة النقدية، قائلًا إن تقلبات سعر الصرف في السوق الموازية (السوق السوداء) خلال الفترة الماضية أدت إلى خسائر لكثير من المصدرين.
ينتفع المستثمرون بخفض قيمة الجنيه، وهو الإجراء الذي يقول منصور إنه يوضح الرؤية خلال حسابات جدوى الاستثثمار خلال إنشاء المشروعات والاستحواذات وشراء الأسهم.
ثانيا: الخاسرون
- الحكومة المصرية
يقول منصور إن الحكومة المصرية تموّل استيراد المواد الأساسية بالدولار الأميركي، ومع ارتفاعه ستزيد الكلفة التي تتحملها الحكومة، كما ستزيد كلفة ما ستسدده لخدمة ديونها.
ويضيف أن رفع الفائدة بنسبة 6% دفعة واحدة سيزيد كلفة اقتراض الحكومة المصرية، إذ يرفع كل 1% كلفة الاقتراض 70 مليار جنيه (1.41 مليار دولار).
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في وقت سابق من السنة الحالية، إن الحاجات الأساسية التي تستوردها مصر تكلفها مليار دولار شهريًا، بالإضافة إلى نحو مليار دولار أخرى للمواد البترولية، زيادة على مليار دولار شهريًا لاستيراد الغاز لتوفير الكهرباء.
يتوقع خبراء الاقتصاد موجة تضخم (ارتفاع مستويات الأسعار) جرّاء خفض قيمة الجنيه أمام الدولار قبل أن تستطيع الحكومة والبنك المركزي السيطرة عليها، فمصر تعتمد على الاستيراد في نسبة كبيرة من السلع حتى السلع الأساسية، كما أن السلع المنتجة محليا يتم استيراد موادها الخام من الخارج.
ويتوقع منصور ارتفاعا في أسعار الطاقة ومنتجاتها من نفط ووقود وغاز طبيعي، فضلا عن ارتفاعات في أسعار السلع الأساسية نتيجة زيادة كلفة استيراد هذه المواد من قبل الحكومة.
يقول منصور إن تقلبات السوق الموازية أدرت أرباحًا على كثير المضاربين، لكن تراجع سعر صرف الدولار بعد صفقة رأس الحكمة ومن بعده خفض قيمة الجنيه أزالا أمرا مربحا بالنسبة لهم.