جنوب لبنان- مع اقتراب موسم الصيف، تتصاعد المخاوف في جنوب لبنان من انعكاس العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع السياحي. ويخشى أصحاب المؤسسات السياحية، بما فيها الفنادق والمطاعم وبيوت الضيافة، من كساد موسمهم بعدما استعاد بعض الزخم في الصيف الماضي بعد سنوات من الركود نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة.
ويلقي العدوان الإسرائيلي المتواصل على مناطق عدة في جنوب لبنان بظلاله الثقيلة على توقعات الموسم السياحي لهذا العام 2024، تهدد بجدية إعادة القطاع إلى حالة من الجمود وقطع أرزاق أصحاب المؤسسات السياحية، بعدما وسعت إسرائيل من دائرة اعتداءاتها لتشمل مناطق غير تلك الحدودية المواجهة.
واقع معدوم
وفي هذا السياق، يتوقع رئيس الاتحاد اللبناني للنقابات السياحية علي طباجة، أن يكون الواقع السياحي في الجنوب، وخاصة في المناطق الحدودية “معدوما” هذا العام بسبب العدوان. ويوضح للجزيرة نت، أن “جميع السكان نزحوا قسرا نظرا لوقوعها على خطوط التماس مع العدو الإسرائيلي”.
ويشير إلى أن نسبة الإشغال في المناطق الجنوبية المحاذية للشريط الحدودي لن تتجاوز 20% إلى 30% إذا استمر العدوان. وأن القطاع السياحي في لبنان بشكل عام سيتأثر بشكل كبير، بناء على متابعتهم مع النقابات السياحية في بيروت وجبل لبنان والمناطق اللبنانية الأخرى.
ويضيف طباجة أن الحجوزات السياحية حتى الآن لم تسجل أرقاما كبيرة، وأكد أن الاعتماد هذا العام سيكون بشكل أكبر على اللبنانيين المغتربين، بنسبة تتراوح بين 90% إلى 95%، حيث يعتبرون العمود الفقري لهذا القطاع.
تداعيات العدوان
وفيما يتعلق بعدد المؤسسات السياحية، أوضح طباجة أن نقابة المطاعم والمؤسسات السياحية في مناطق الجنوب تشمل حوالي 500 إلى 600 مطعم، بين متوسط وكبير، وفي المنطقة الحدودية هناك 150 مطعما جميعها مقفلة. وأشار إلى أن بعض المؤسسات السياحية في المناطق المحاذية مفتوحة، بينما أخرى مغلقة.
أما الفنادق في منطقة الجنوب، فلا يتجاوز عددها 50 إلى 60 فندقا. مؤكدا أن بيوت الضيافة التي نشطت في السنوات الماضية وشكلت دعما كبيرا للاقتصاد اللبناني والقطاع السياحي، جميعها مغلقة الآن، خاصة تلك القريبة من الشريط الحدودي، وستتأثر سلبا هذا العام بنسبة تقارب 90%.
وأدت الأزمة المستمرة نتيجة العدوان الإسرائيلي إلى ضربة كبيرة لقطاع المنتجعات السياحية، الذي يعتبر دعامة أساسية للاقتصاد الجنوبي. حيث أغلقت العديد من المنتجعات أبوابها في مناطق الناقورة ومرجعيون وحاصبيا، بينما يشهد القطاع في صور والنبطية ركودا، على أمل أن تعوض الأعياد والمناسبات بعضا من الخسائر التشغيلية.
خسارة الموسم
ويقول محمود مهدي، صاحب مؤسسة “ريف دي لا مير” السياحية التي تقع في الناقورة، “إن المؤسسة تتضمن خدمات الفندق والمطعم والمسبح والشاليه”. ويضيف للجزيرة نت: “الضرر بدأ منذ عام 2020 وتفاقم كل سنة أكثر من قبل، بدءا من جائحة كورونا ثم الأزمة الاقتصادية والآن الأحداث المؤلمة التي تطال أهلنا في جنوب لبنان وفلسطين”.
ويشير مهدي إلى أنه تم استهداف المسبح ولحقت بهم أضرارا مادية. ويضيف “كنا نراهن على عدم استمرار هذه الحرب لفترة طويلة، لكننا الآن في الشهر الثامن والأحداث والمواجهات مستمرة”.
ويتابع مهدي: “إذا انتهت الحرب غدا، لا أعتقد أننا سنتمكن من فتح المؤسسات فورا. نحن بحاجة إلى وقت للصيانة وإصلاح الأضرار التي لحقت بنا، وسنحتاج لوقت إضافي لإعادة الأمور إلى نصابها، وما إن ننتهي من ذلك يكون موسم الصيف انتهى لهذا العام”.
وحال محمد عبود، صاحب بيت ضيافة في وادي الحجير الواقع في جبل عامل بين أقـضية مرجعيون وبنت جبيل والنبطية في الجنوب ليس أفضل من مهدي، حيث قال للجزيرة نت “كنا نعمل والأمور جيدة، ولكن منذ 8 أشهر، مع بدء الحرب، تأثرنا بشكل كبير وأغلقنا المكان، لم نستقبل أي زوار بسبب خطورة المنطقة والقصف على وادي الحجير”.
ويضيف: “بالمقارنة مع العام الماضي، فقد كان هناك إقبال كثيف وحركة نشطة، حيث كنا نؤجر البيت بـ 150 دولارا خلال أيام الأسبوع و200 دولار في نهاية الأسبوع”. ويقدر أن خسائره بلغت حتى الآن 40 ألف دولار.
تحدي ومواجهة
ومن جهته، يقول علي شكر، صاحب مطعم “سهر” الذي يبعد حوالي 50 كيلومترا عن الطرف الشمالي من الجليل الأعلى للجزيرة نت: “نحن تضررنا بشكل مباشر وكأننا على الحدود. اضطررنا لإغلاق المطعم لمدة 5 أشهر متواصلة لتجنب تعريض حياتنا وحياة الآخرين للخطر”.
ويواصل حديثه بالقول “كان لدي 24 موظفا توقفوا عن العمل. وفي عيد الفطر الأخير، قررنا إعادة فتح المطعم على أمل تحسن الأوضاع. التحدي الأكبر الذي نواجهه اليوم هو عدم وضوح مستقبل هذه الحرب، لكننا مصرون على عدم الإغلاق مرة ثانية”.
ويؤكد شكر أنه مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فإن الوضع الحالي سيئ جدا ولا يقارن على الإطلاق. كان الموسم الماضي ممتازا، حيث شهد إقبالا كبيرا من الرواد والكثير من الاحتفالات والمناسبات والأفراح، ولكن اليوم الركود سيد الموقف والناس تخاف من تطور الوضع العسكري، كل شيء مؤجل حتى إشعار آخر لوقف العدوان”.