الصين تسعى لبيع السيارات الكهربائية بعيدا عن أوروبا وأميركا

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

 

 

 

يرمز إحياء الصين مصنع فورد للسيارات في شمال شرقي البرازيل الفقير إلى تقدم الصين العالمي وتراجع الغرب، إذ استحوذت مجموعة “بي واي دي” (BYD) الصينية على المصنع الكائن في كاماساري وهو الذي هجرته الشركة الأميركية بعد نحو قرن من بدء هنري فورد إنتاجه لأول مرة في الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.

في البرازيل

وتعتزم “بي واي دي”، بموجب خطة استثمارية تزيد قيمتها عن مليار دولار، البدء بإنتاج السيارات الكهربائية والهجينة هذا العام في الموقع الجديد بولاية باهيا البرازيلية، والمقرر أن تصنّع فيه هياكل الحافلات والشاحنات ومعالجة مواد البطاريات، وفق ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز.

والمصنع الجديد للشركة الصينية في البرازيل هو أحد استثمارات الشركات الصينية في سلاسل توريد تصنيع السيارات الكهربائية في أهم الاقتصادات النامية في العالم، وفق الصحيفة البريطانية.

وقد تتسبب النزعة الحمائية الأميركية ضد المنتجات الصينية، من دون قصد، في دفع العديد من الأسواق الناشئة إلى الوقوع في أيدي الصين، حسب التقرير.

وفي الشهر الماضي، انتقد الرئيس الأميركي جو بايدن الدعم المالي الكبير الذي تقدمه بكين للصناعة الصينية، معلنا تعريفات جديدة شاملة على مجموعة من منتجات التكنولوجيا النظيفة، وأبرزها تعريفة بنسبة 100% على السيارات الكهربائية.

وقال بايدن إنها “ليست منافسة. إنه غش.. لقد رأينا الضرر هنا في أميركا”.

نزعة حمائية

وتهدف هذه الإجراءات جزئيا إلى تعزيز فرص بايدن في معركته الانتخابية ضد الرئيس السابق دونالد ترامب. لكن الرسوم الجمركية، المقترنة بالقيود المتزايدة على الاستثمار الصيني في الولايات المتحدة، سيكون لها تأثير هائل على سوق السيارات العالمية، مما يؤدي في الواقع إلى حرمان صانعي السيارات الكهربائية الكبار من أكبر اقتصاد في العالم، وفق الصحيفة.

ومن المتوقع أن ينتهي تحقيق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الدعم في السيارات الكهربائية الصينية الأسبوع المقبل، إذ تحاول بروكسل حماية شركات صناعة السيارات الأوروبية من خلال وقف تدفق السيارات الكهربائية الصينية منخفضة التكلفة إلى الكتلة.

ويقول مسؤولون حكوميون ومديرون تنفيذيون وخبراء إن سلسلة الرسوم الجمركية الجديدة على التكنولوجيا النظيفة التي أصدرتها واشنطن وبروكسل تجبر اللاعبين الرئيسيين في الصين على زيادة تركيزهم على الأسواق في بقية العالم.

أسواق أخرى

ويدفع هؤلاء بأن هذا سيؤدي إلى الهيمنة الصينية على أهم الأسواق الناشئة في العالم، بما في ذلك جنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط، والاقتصادات الغربية المتبقية التي تعتبر أقل حمائية من الولايات المتحدة وأوروبا.

ونقلت الصحيفة عن بيل روسو، الرئيس السابق لشركة “كرايسلر” في آسيا ومؤسس شركة “أوتو موبيليتي”، وهي شركة استشارية في شنغهاي، قوله “هذا هو الجزء الذي يبدو أنه مفقود في هذه المناقشة بأكملها حول (هل يمكننا رفع بعض الرسوم الجمركية وإبطاء التقدم الصيني؟).. هذا فقط دفاع عن وطنك.. لكنه يترك الأسواق الأخرى مفتوحة.. تلك الأسواق مؤثرة والصين تلاحق تلك الأسواق بقوة”.

وغالبا ما تكون الاستثمارات الصينية الجديدة ذات شقين، سواء في تصنيع السيارات، أو في المواد الخام التي تعتبر أساسية للاقتصاد الجديد.

ونقلت الصحيفة عن زميلة مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، إيلاريا مازوكو، قولها إن الغرب يحتاج إلى فهم أن طموحات الصين العالمية تخلق فرصة للعديد من البلدان لتوسيع قاعدتها الصناعية والحصول على استثمار أجنبي مباشر في “تقنيات المستقبل”.

وأضافت مازوكو أن استثمارات الصين في مجال التكنولوجيا النظيفة في العالم النامي “تعقد حقا” السياسة الخارجية للحكومات الغربية، التي حاولت بالفعل التحذير من خطر الاعتماد على بكين من خلال ما يسمى ببرنامج البنية التحتية لمبادرة “الحزام والطريق” للرئيس شي جين بينغ.

وتقول “من الصعب أن نقول لدولة في العالم النامي: لا ينبغي أن ترغبي في امتلاك المزيد من المصانع أو التكرير، لأن هذا استثمار صيني.. مع (مبادرة الحزام والطريق) كانت ثمة حجة ذات مصداقية مفادها أن كثيرا من الديون لن تكون مستدامة.. لكن في هذه الحالة إذا فتحوا مصانع، فإنهم يوظّفون السكان المحليين، لذا يتقبل قادة هذه البلدان الأمر”.

توقعات السوق

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتم بيع 10.1 ملايين سيارة كهربائية هذا العام في الصين، و3.4 ملايين في أوروبا، و1.7 مليون في الولايات المتحدة، وأقل من 1.5 مليون سيارة كهربائية في كل مكان آخر في العالم.

ومع ذلك، توقعت الوكالة أن ينمو الأسطول العالمي من السيارات الكهربائية بمقدار 8 أضعاف ليصل إلى نحو 240 مليون سيارة في عام 2030، وهذا يعني أن مبيعات السيارات الكهربائية العالمية السنوية تبلغ 20 مليون سيارة في عام 2025 و40 مليون سيارة في عام 2030، أو 30% من إجمالي مبيعات السيارات.

علاوة على ذلك، من المرجح أن تأتي حصة كبيرة متزايدة من هذا التوسع من أسواق جديدة.

وفي بعض الاقتصادات النامية المهمة، تستثمر الشركات الصينية في إنتاج المواد الخام ومعالجتها، وهو الأمر اللافت للنظر أكثر من مشاركة الصين في النظام البيئي للسيارات الكهربائية في إندونيسيا، موطن أكبر احتياطيات من النيكل في العالم، وهو مكون رئيسي في بطاريات السيارات الكهربائية، تقول الصحيفة.

وفي العام الماضي وحده، استثمرت الشركات الموجودة في الصين وهونغ كونغ 13.9 مليار دولار في إندونيسيا، ويعتقد أن معظمها كان في صناعة المعادن والتعدين، وتمثل الشركات الصينية أكثر من 90% من مصاهر النيكل في البلاد.

وحرصت البنوك الصينية على توفير التمويل لمصانع النيكل عندما كان الآخرون مترددين، وفق ما نقلت الصحيفة عن ألكسندر باروس، الرئيس التنفيذي لمجمع موروالي الصناعي في إندونيسيا، أكبر موقع لمعالجة النيكل في البلاد، والذي بنته شركة تسينجشان، وهي شركة صينية لإنتاج النيكل.

أما شركة “بي واي دي” فتبحث عن أصول تعدين الليثيوم في البرازيل، والتي تعمل على تكثيف استخراج المعدن الرئيسي لبطاريات السيارات الكهربائية، وذلك بالتوازي مع استثمارها في إنتاج السيارات في كاماساري.

إستراتيجية أوسع

وفي الصين، يُنظر إلى التوسع العالمي من قبل صانعي السيارات الكهربائية على أنه جزء من إستراتيجية أوسع في عهد الرئيس الصيني الحالي لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول النامية من خلال مبادرة الحزام والطريق.

وعلى مدى السنوات الأخيرة، تجاوزت قيمة صادرات الصين إلى الأسواق الناشئة نظيرها في الاقتصادات المتقدمة، وهو تغيير تاريخي بعد عقود من اعتماد النمو الصيني بشكل أكبر على اقتصادات مجموعة السبع.

ومع ذلك، فإن توسع صناعة السيارات الصينية في هذه الأسواق الجديدة يهدد بتآكل حصة السوق التي تمتلكها العديد من شركات صناعة السيارات المتعددة الجنسيات.

ووفق الصحيفة، يثير هذا الأمر القلق بشكل خاص بالنسبة للشركات اليابانية التي تمكنت من بناء مكانة قوية في سوق جنوب شرق آسيا.

ونقلت عن مسؤول كبير في الحكومة اليابانية قوله “يمكن للصين أن تقدم عروض مبيعات مقنعة للغاية لدول جنوب شرق آسيا”، مما يسلط الضوء على قدرة بكين على بيع ليس فقط السيارات الكهربائية، ولكن أيضا المواد الخام المهمة للبطاريات. “هذا هو الخطر الأكبر بالنسبة لليابان”.

وكان مسؤول تنفيذي كبير آخر يعمل مع شركة صناعة سيارات يابانية أكثر وضوحا، عندما قال “نحن مرعوبون من تدفق السيارات الصينية إلى أسواق جنوب شرق آسيا”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *