تواجه صناعات الكاكاو والقهوة والشاي تحديات جمة تهدد استدامتها واستمراريتها في ظل تغيرات سوقية واجتماعية وبيئية، وفق تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.
هجمات البحر الأحمر
ووفق الصحيفة، تعاني بعض الأسواق من نقص في مخزون الشاي لتعطل الإمدادات نتيجة هجمات الحوثيين على سفن في البحر الأحمر التي تعد توسيعا لدائرة حرب إسرائيل على قطاع غزة.
ولفت التقرير إلى أنه لا توجد مشكلة كبيرة في الإنتاج في الهند أو كينيا، لكن الشاي يستغرق وقتا أطول للوصول نتيجة تحول مسارات الشحن إلى رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا.
وتوقعت الصحيفة في تقريرها أن يكون الكاكاو التالي، فقد زاد سعر مسحوقه والشوكولاتة الساخنة في متاجر بريطانيا 25% خلال العام المنتهي في يناير/كانون الثاني الماضي.
وسجّلت العقود الآجلة للكاكاو مستويات قياسية مدفوعة بتأثر دول غرب أفريقيا -حيث يأتي معظم الكاكاو- بالطقس المتطرف وإصابات المحاصيل، في حين يواجه كثير من صغار مزارعي الكاكاو، والبالغ عددهم 6 ملايين، صعوبات على مستوى العالم.
وعدّ التقرير التوترات الحالية إشارة إلى هشاشة العولمة والإنتاج السلس ونقل المنتجات من الجنوب إلى أوروبا والولايات المتحدة، فقد عاودت قهوة الأرابيكا إلى الفائض بعد ارتفاع الأسعار في عام 2021، بسبب الجفاف والصقيع في البرازيل، لكن حبوب الروبوستا ذات الجودة المنخفضة من فيتنام تعاني من نقص في المعروض الذي تتضرر من اضطرابات في البحر الأحمر.
سباقات الشاي
ومن عجيب المفارقات -وفق التقرير- أن يُنقل الشاي عبر مسافات طويلة حول أفريقيا بعيدا عن قناة السويس، وهي التي أدى افتتاحها عام 1869 إلى وضع حد لـ”سباقات الشاي” التي تقوم بها السفن الشراعية لجلب الإمدادات من الصين إلى الغرب في أسرع وقت.
وبمجرد أن تمكنت السفن البخارية من اختصار آلاف الأميال من الرحلة، عبر القناة، صارت السفن زائدة عن الحاجة.
ولفت التقرير إلى احتمال تمكّن قناة السويس من استئناف عملياتها الطبيعية في الوقت المناسب، لكن الطريق التجاري الحيوي سيظل هدفا مغريا للمهاجمين، وقد اضطرت قناة بنما، كذلك، إلى الحد من الممرات.
وأشارت الصحيفة إلى أن إنتاج السلع الزراعية اتّسم دوما بالتقلب، حيث يرتفع الإنتاج سنة ويتراجع في سنة تالية، لكن تغير المناخ يزيد المخاطر ويجعل من الصعب على المزارعين كسب عيشهم بشكل ثابت، إذ يكون لديهم رأس مال أقل للاستثمار الزراعة، وسبب أقل للمثابرة.
ولم يكن الكاكاو استثناء من التأثيرات السلبية، فارتفاع أسعاره ينذر بتأثير سلبي على صناعة الحلوى هذا العام، وقد كانت ظروف الزراعة صعبة في بلدان مثل غانا ونيجيريا، لدرجة أن المزارعين لا يستطيعون حصاد ما يكفي لمعالجتها وتحويلها إلى زبدة لصناعة الشوكولاتة.
مضاربات
وأحدثت صناديق التحوط من خلال المضاربات أزمة، وحتى التدابير حسنة النية قد تخلف تأثيرات غير مقصودة، فقانون الاتحاد الأوروبي الجديد الذي يهدف إلى مقاومة إزالة الغابات يمكن أن يأتي على مخزون القهوة والكاكاو في المستودعات الأوروبية (يزيل مزارعو المحصولين الغابات لتوسيع مساحتهم المزروعة لزيادة الإنتاج).
وأشار التقرير إلى أن “الإمبراطوريات القديمة” للقهوة والكاكاو والشاي صارت هشة وسط تغير المناخ وانقطاع طرق التجارة العالمية، والنتيجة تظهر على رفوف محال البقالة التي ينقص منها المنتجات.
وفي وقت سابق توقع تقرير لوكالة رويترز أن تشهد الأسواق الكاكاو عجزا عالميا قدره 375 ألف طن في موسم 2023-2024.
ومع استمرار أسعار الكاكاو في الارتفاع غير المسبوق -يقول تقرير رويترز- تستعد الصناعة لعواقب محتملة طويلة المدى، في وقت يراقب المحللون عن كثب جولات المحاصيل القادمة في الربع الثاني لتقييم مدى خطورة الوضع وآثاره على المواسم المستقبلية.