أزمة اقتصادية تضرب دارفور.. توقف القوافل التجارية وارتفاع كبير بالأسعار

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

الفاشر- يشهد إقليم دارفور غرب السودان هذه الأيام حالة من التدهور التجاري والاقتصادي؛ بسبب توقف حركة القوافل التجارية المحملة بالبضائع القادمة من بورتسودان إلى الإقليم مع اشتداد وتيرة الحرب هناك، مما جعل من الصعب على القوافل التجارية الوصول إلى وجهتها المقصودة، بسبب انعدام الأمن.

وتعدّ القوافل التجارية القادمة إلى دارفور من بورتسودان، مرورا بمدينتي كوستي والأبيض إلى الفاشر الركيزة الأساسية للحركة التجارية، حيث تستقبل مدن الإقليم وعبر الطريق القاري عشرات الشاحنات المحملة بالبضائع والمحروقات، لكنها اليوم أضحت مهددة بأعمال النهب والسلب، بسبب الحرب واتساع رقعتها في دارفور وكردفان.

ونظرا إلى التطورات العسكرية المتصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع في الإقليم، فقد ارتفعت أسعار السلع الأساسية والمحروقات المستخدمة؛ مثل: وقود السيارات على نحو غير مسبوق، مع وجود ندرة في البضائع بالتزامن مع عدم توفر السيولة المالية لدى المواطنين، بسبب إغلاق البنوك والتأخر في دفع استحقاقات الموظفين الحكوميين لأكثر من 7 أشهر، مما أثّر في الاقتصاد والظروف المعيشية للمواطنين الذين عانوا الفقر لسنوات عديدة، بسبب الصراعات والأزمات المتراكمة.

ويرى تجار من سوق مدينة الفاشر -أجرت الجزيرة نت حوارات معهم- أن أسعار السلع الاستهلاكية ارتفعت خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مقارنة بالأشهر القليلة السابقة التي شهدت انسيابا في حركة القوافل التجارية من وإلى مختلف مدن دارفور، تحت حماية ورعاية القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح التي أعلنت مؤخرا خروجها عن مبدأ الحياد.

وأشار التجار إلى ارتفاع أسعار المستلزمات اليومية وقطع إمدادات المياه والكهرباء عن المدينة، بسبب نقص الوقود، إضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل من دولتي ليبيا وتشاد إلى دارفور في ظل الاقتتال بين الطرفين.

ارتفاع جنوني في الأسعار

تقول زينب، وهي ربة منزل جاءت إلى السوق إن “ارتفاع الأسعار يعود إلى ندرة البضائع الموجودة في الأسواق”.

وذكرت أن أسعار اللحوم الحمراء سجلت أعلى مستوى لها حيث تجاوز سعر كيلو لحم الضأن 5 آلاف جنيه، و3 آلاف جنيه لكيلو البقر، بينما بلغ سعر جوال السكر وزن 50 كيلو 85 ألف جنيه، وسعر عبوة زيت الفول النباتي 35 ألف جنيه.

وأشارت إلى أن أسباب هذا الارتفاع يعود إلى قلة الوارد وانعدام الأمن في الوقت الراهن، مشيرة إلى أن الخضروات والفاكهة بجانب البصل التي تأتي من شرق البلاد شهدت هي الأخرى ارتفاعا كبيرا في الأسعار، مع وجود ندرة وتراجع في القدرة الشرائية بمختلف الأسواق.

صور من اسواق الفاشر خاصة للجزيرة نت

تراجع في القوة الشرائية

قال آدم أحمد سليمان أستاذ الاقتصاد بجامعة الفاشر في حديث للجزيرة نت، إن “الحرب في السودان تعيق وصول السلع الضرورية للمواطنين، خاصة في الجنينة ونيالا وزالنجي وأخيرا مدينة الفاشر”.

وأضاف، أن ذلك أدى إلى توقف مرافق الإنتاج الزراعي والرعوي، بجانب قطع الطرق وانسياب تدفق المساعدات الإنسانية والأدوية مع غلاء الأسعار.

وذكر آدم أن التعقيدات والظروف الأمنية على الطريق القاري الرابط بين الخرطوم والفاشر جعل معظم الناس، خاصة التجار، يقضون فترات طويلة في انتظار وصول القوافل التجارية، مع ارتفاع تكاليف النقل وفقدان سبل كسب العيش للعديد من المواطنين.

وتابع آدم، أن اتساع دائرة الحرب في دارفور تسببت في تراجع القوة الشرائية ودور الدولة تجاه تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، فضلا عن توقف الإنتاج والتضخم وارتفاع مستوى سعر صرف العملة الرسمية، حيث تجاوز الدولار 100 جنيه في ظل هروب الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى دول الجوار؛ مثل: تشاد وإثيوبيا ومصر.

صور من اسواق الفاشر خاصة للجزيرة نت

تراجع بورصة الفاشر

قال سليمان محمد الدومة المشرف العام للبورصة السلعية بولاية شمال دارفور، إن بورصة المدينة شهدت تراجعا ملحوظا في الآونة الأخيرة، بسبب الحرب القائمة في البلاد.

وقال للجزيرة نت “كانت مدينة الفاشر في السابق تستقبل في اليوم ما بين 50 إلى 60 شاحنة بضائع تجارية، بينما توقفت تماما هذه الأيام، بسبب اتساع رقعة القتال”.

وأضاف، أن الطوف التجاري كان له باع كبير في تحريك النشاطات التجارية والاقتصادية خلال 7 أشهر الماضية، لكن بعد التصعيد والتوترات الأمنية تسبب إيقاف وصول الشاحنات إلى دارفور ندرة في المواد الغذائية والسلع الأخرى.

من جهته أعرب آدم عثمان صديق رئيس الغرفة التجارية بأحد أسواق المدينة عن توقعه بحدوث زيادة في أسعار السلع خلال الأيام المقبلة، حال عدم وصول البضائع من بورتسودان شرق البلاد.

وقال آدم عثمان للجزيرة نت، إن “الوضع المعيشي لا يخفى على أحد، خاصة في ظل عدم وجود رقابة وسيطرة على الأسواق وجشع التجار”.

وأضاف أن “أغلب السلع نفدت من المتاجر، ومعظم التجار نقلوا بضائعهم من الأسواق إلى أماكن أخرى أكثر أمنا، بينما لجأ آخرون إلى الدول المجاورة، من بينهم التجار في مدن نيالا والجنينة وزالنجي”.

ويرى آدم أن الولاية باتت خالية تماما من المخزون الإستراتيجي للغذاء، ما يفاقم ذلك الوضع في الأيام المقبلة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *