قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن حدة الرد العالمي على سلوك إسرائيل في حربها على قطاع غزة تشتد بشكل متزايد، الأمر الذي أدى إلى سلسلة من المقاطعات الاقتصادية والعواقب الدبلوماسية.
وأشارت الصحيفة في تقرير لها إلى اعتراف دول أوروبية مثل إسبانيا والنرويج وأيرلندا رسميا بالدولة الفلسطينية، في حين تدرس دول أخرى اتخاذ خطوات مماثلة، وسط خطوات أخرى وصلت إلى منع جزر المالديف الإسرائيليين من دخول البلاد، مما أدى إلى تفاقم عزلة إسرائيل على الساحة العالمية.
وتعكس هذه النكسات الدبلوماسية -وفقا لهآرتس- نفاد الصبر الدولي المتزايد إزاء حرب إسرائيل المدمرة على قطاع غزة.
وتصف الصحيفة اعتراف العديد من الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية بأنه دليل على تحول ملحوظ في المشاعر الدولية، مما يقوض موقف إسرائيل الدبلوماسي.
إلغاء التجارة والأعمال
واعتبرت الصحيفة أن العواقب الاقتصادية المصاحبة لردود الفعل العالمية وخيمة وبعيدة المدى، فقد فرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مقاطعة على تصدير السلع والمواد الخام إلى إسرائيل.
أما فرنسا فألغت مشاركة إسرائيل في معرض “يورو ساتوري 2024” للأسلحة والدفاع، وهو ما يمثل ضربة كبيرة لصناعة الدفاع الإسرائيلية، ووصف وزير حكومة الحرب بيني غانتس هذا القرار بأنه “جائزة للإرهاب”، وحث فرنسا على إعادة النظر فيه، وفقا للصحيفة.
وفي قطاع الأعمال، قطعت العديد من الشركات الكبرى علاقاتها مع إسرائيل، فقد انسحبت مؤخرا شركة “بري آ مانجيه” من اتفاقية الامتياز مع مجموعة التجزئة الإسرائيلية “فوكس”، مستشهدة بحرب غزة باعتبارها حدث قوة قاهرة، وأكدت الصحيفة أن السلسلة البريطانية واجهت ضغوطا متزايدة من الجماعات المؤيدة للفلسطينيين، مما أدى إلى احتجاجات في لندن.
وأشارت الصحيفة إلى إعادة شركة ماكدونالدز -التي تواجه مقاطعة عالمية مؤيدة للفلسطينيين- الاستحواذ على فروعها الإسرائيلية البالغ عددها 225 فرعا، في محاولة للتخفيف من ردود الفعل العنيفة من زبائنها المسلمين.
وهي خطوة ينظر إليها على أنها محاولة لإبعاد العلامة التجارية العالمية عن وجودها المثير للجدل في إسرائيل، والذي أصبح مرتبطا بشكل متزايد بجنود الجيش الإسرائيلي والحرب على غزة.
قطاع التكنولوجيا الفائقة
وبدأت صناعة التكنولوجيا المتقدمة في إسرائيل -التي كانت ذات يوم فخرا لها ومحركا مهما لاقتصادها- تشعر أيضا بآثار التراجع جراء الحرب على قطاع غزة وما صاحبها من توترات وردود فعل عالمية.
وعلى الرغم من أنها لم تشهد مقاطعة مباشرة فإن الصحيفة أكدت أن المستثمرين الأجانب يتوخون الحذر، مما أدى إلى انخفاض النشاط الاستثماري.
ووفقا لمحافظ بنك إسرائيل المركزي أمير يارون، فإن من المتوقع أن يصل رأس المال الذي تم جمعه في الربع الثاني من عام 2024 إلى 3.5 مليارات دولار، وهي زيادة كبيرة عن الأرباع السابقة، ولكنها غير كافية لتعويض التأثير الاقتصادي الأوسع لما تأثر به القطاع.
ارتفاع التكاليف وتقاعس الحكومة
ووفقا للصحيفة، فقد أدت المقاطعة إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في إسرائيل، والتي تمثل أبرزها فيما يلي:
- ارتفاع تكاليف المعيشة في إسرائيل، مما زاد الضغوط الاقتصادية القائمة.
- رفعت شركة إلعال أسعار تذاكرها مع وقف شركات الطيران الأجنبية رحلاتها إلى إسرائيل.
- ارتفعت أسعار الشحن بسبب التهديدات الإقليمية.
- ارتفعت أسعار العقارات والمنتجات بسبب نقص العمالة.
وعلى الرغم من هذه التحديات فإن استجابة الحكومة الإسرائيلية كانت بطيئة، وفقا لهآرتس.
وقد تعرضت الحكومة الإسرائيلية الحالية لانتقادات بسبب تقاعسها وسياساتها غير الفعالة.
وترى الصحيفة أن المسؤولين يقدمون إجابات غامضة وغير مقنعة عند سؤالهم عن التدابير الرامية إلى الحد من ارتفاع تكاليف المعيشة.
وتشير الصحيفة إلى أنه ومع اكتساب حركة المقاطعة العالمية زخما يستعد المستهلكون الإسرائيليون لمزيد من الضغوط الاقتصادية، وأن عجز الحكومة عن معالجة هذه القضايا بشكل فعال يترك البلاد عرضة لمشاكل مالية أعمق في الأشهر المقبلة.