إسلام آباد – تنتهي قمة منظمة شنغهاي للتعاون في باكستان اليوم، وسط آمال بتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المنظمة لا سيما في مجال التجارة والاستثمار والبنية التحتية.
وتشكل منظمة شنغهاي للتعاون منصة ذات أهمية للدول الأعضاء لتعزيز التواصل الإقليمي والتعاون الاقتصادي الأوسع بين دول المنظمة، من خلال تسهيل التجارة الإقليمية والاستثمار والترابط.
وتشكل المبادرات الاقتصادية التي تتماشى بشكل وثيق مع مبادرة الحزام والطريق الصينية أهم الجوانب التي تدفع بها المنظمة لتحقيق النمو في جميع أنحاء المنطقة.
وبالنسبة إلى باكستان، يقف الممر الاقتصادي المشترك بينها وبين الصين الذي يعدّ درة التاج في مبادرة الحزام والطريق في رأس قائمة أولويات العلاقات مع بكين والمنظمات التي تشارك فيها صاحبة ثاني أكبر اقتصادات العالم كلاعب رئيسي، وذلك يجعل باكستان لاعبًا أساسيا في المشهد الاقتصادي الإقليمي.
المبادرات الاقتصادية
تركز منظمة شنغهاي للتعاون على تعزيز العلاقات الاقتصادية وتعزيز التجارة بين الدول الأعضاء، كما تعمل على تعزيز اتفاقيات التجارة الإقليمية والاستثمارات والتعاون في قطاعات مثل الطاقة والنقل والزراعة، مما يشكل أهمية خاصة للدول غير الساحلية داخل المنظمة، إذ تسهل الوصول إلى أسواق أكبر.
وتستحدث المنظمة أيضا فرصًا للاستثمار بين الدول الأعضاء، فعلى سبيل المثال تستثمر دول مثل الصين وروسيا في قطاعات مختلفة في جميع أنحاء المنطقة، كالتكنولوجيا والتصنيع والزراعة والطاقة وهو ما يساعد في التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل وتعزيز الصناعات المحلية.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي والباحث في معهد الدراسات الإستراتيجية في إسلام آباد (آي إس إس آي ISSI) أحمد نعيم سالك إن الناتج المحلي الإجمالي المشترك لأعضاء منظمة شنغهاي للتعاون تجاوز في السنوات الأخيرة 20 تريليون دولار، بما يمثل نحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، كما شهدت المنظمة زيادة مطّردة في أحجام التجارة، مع نموها بنحو 12% سنويا.
ويضيف سالك -في حديث للجزيرة نت- أن منظمة شنغهاي للتعاون تعمل على تعزيز التعاون المتعدد الأطراف في مجالات مثل الزراعة والتمويل والاقتصادات الرقمية، مما يوفر منصة للاقتصادات الأصغر للاستفادة من زيادة فرص التجارة والاستثمار.
ويوضح سالك أن من بين المبادرات الرئيسة التزام منظمة شنغهاي للتعاون بتعزيز مشاريع تطوير البنية الأساسية، الذي عزز الاتصال عبر أوراسيا (آسيا وأوروبا) بصورة كبيرة وأدى إلى خفض تكاليف التجارة وتعزيزها إقليميا.
وأشار إلى دور إنشاء مناطق التجارة الحرة والممرات الاقتصادية عبر الحدود في تبسيط الأنشطة التجارية، في حين يعمل تعزيز الاقتصادات الرقمية ومبادرات التجارة الإلكترونية على تعزيز التكامل الاقتصادي.
وأضاف سالك أن المنظمة تسهل التعاون في مجال الطاقة بين الدول الأعضاء الغنية بالموارد مثل روسيا وكازاخستان وأوزبكستان مع الدول المستوردة للطاقة مثل الصين والهند.
ما أهمية القمة لباكستان؟
وعن أهمية القمة الحالية لباكستان، يقول الخبير الاقتصادي أسامة رضوي -للجزيرة نت- إن قمة منظمة شنغهاي للتعاون فرصة لباكستان، رغم ما مرت به من تقلبات أمنية وأزمات اقتصادية؛ فاستضافة القمة تشير إلى الدور العالمي الذي تلعبه إسلام آباد في السياسة.
وتتوافق رؤية مبادرة الحزام والطريق مع الأهداف الاقتصادية لمنظمة شنغهاي للتعاون، وخاصة في ما يتعلق بتحسين البنية التحتية والطرق وشبكات المواصلات، وتعزيز التجارة، وتشجيع الاستثمار في جميع أنحاء المنطقة، مما أدى إلى استحداث فرص للدول الأعضاء في المنظمة للتواصل والانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق.
ويقول أحمد سالك إن الأهداف الاقتصادية لمنظمة شنغهاي تتوافق بشكل وثيق مع أهداف مبادرة الحزام والطريق المتمثلة في إنشاء ممرات تجارية وفرص استثمارية عبر آسيا، تجعلهما متكاملتين في نواح كثيرة.
وتولي باكستان أهمية كبيرة لمشاريع البنى التحتية والتواصل مع الدول الإقليمية في إطار التبادل الإقليمي والتجارة المشتركة، إضافة إلى موقعها الإستراتيجي المطل على بحر العرب، والذي يجعل منها ممرًا رئيسا للتجارة مع أفغانستان ودول آسيا الوسطى والصين وصولًا إلى روسيا وأوروبا، ومن هنا تبرز أهمية الممر الاقتصادي المشترك بين الصين وباكستان.
ويقول سالك إن باكستان باعتبارها عضوًا رئيسًا في المنظمة منذ عام 2017 تمكنت من الاستفادة من موقعها الإستراتيجي كمركز عبور بين آسيا الوسطى والصين وجنوب آسيا.
ويُعد مشروع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان -أحد المكونات الحيوية لمبادرة الحزام والطريق الصينية- من النتائج الاقتصادية الملموسة لمشاركة باكستان مع أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون.
وأضاف سالك أن تركيز منظمة شنغهاي للتعاون على تعزيز التجارة الإقليمية من خلال خفض التعريفات الجمركية وتحسين الوصول إلى الأسواق يسمح لباكستان بزيادة الصادرات إلى الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، ومن ثم تنويع شركائها التجاريين خارج الأسواق الغربية التقليدية.
وأشار إلى أن مشروع الممر يعد حجر الزاوية في مبادرة الحزام والطريق لأنه مصمم لتعزيز البنية التحتية وقطاعات الطاقة والنقل في باكستان مع توفير طريق مباشر للصين إلى بحر العرب، مما يعزز الاتصال الإقليمي لمصلحة الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي وصولًا إلى أفضل طرق التجارة.
من جهته، يقول أسامة رضوي إن مشروع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان على وشك الدخول في مرحلة أخرى، إذ اكتمل 36 مشروعًا إلى الآن، بقيمة 26 مليار دولار.