كيف أثّرت الأزمة الاقتصادية في مصر في مكونات “شنطة رمضان”؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

القاهرة- تراجعت مظاهر الاحتفاء بشهر رمضان في مصر مع دخول موجة الغلاء عامها الثاني على التوالي، وارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية؛ بسبب ارتفاع معدلات التضخم ثلاثة أمثالها منذ عامين وأزمة نقص العملة الصعبة.

وتتعدد أوجه مظاهر استقبال شهر رمضان في مصر ما بين الاحتفال به بالزينة والأنوار وشراء المستلزمات الرمضانية؛ مثل: “ياميش رمضان” وإعداد “كرتونة رمضان”، أو “شنطة رمضان” وتقديمها للمحتاجين من الأسر الفقيرة والعمالة اليومية، والتجهيز لموائد الرحمن لإطعام الصائمين.

“شنطة رمضان” كما في اللغة الدارجة، هي من مظاهر التكافل الاجتماعي، وأحد أوجه الأعمال الخيرية التي تسبق قدوم الشهر المبارك بهدف مساعدة الفقراء وميسوري الحال، وهي عبارة عن مساعدات عينية، وليست مالية لاستخدامها في إعداد وجبات الإفطار.

يختلف وزن الشنطة الرمضانية على حسب قدرات المتبرعين، وتختلف كذلك مكوناتها ما بين المواد الغذائية الرئيسة إلى إضافة بعض “ياميش رمضان”؛ مثل: البلح والزبيب ولكن بكميات قليلة، وفي جميع الأحوال لا تقل عن نحو 5 كيلوغرامات.

الجمعيات تشكو تراجع التبرعات

وكشفت زينب مجاهد المسؤولة بجمعية عباد الرحمن بمركز أخميم بمحافظة سوهاج (صعيد مصر) عن “معاناة الجمعية وكثير من الجمعيات في المحافظة في إعداد (كراتين) شهر رمضان؛ بسبب قلة المتبرعين خاصة من الأغنياء ورجال الأعمال والنواب، وارتفاع أسعار المواد الغذائية”.

وأضافت “بسبب قلة شنط رمضان سوف نُدخل بعض الحالات ضمن برنامج مطعم أبواب الخير للحصول على وجبة إفطار، بدلا من الكرتونة”.

وأشارت زينب مجاهد، في تصريحات للجزيرة نت، إلى أن أعداد المحتاجين هذا العام أكثر من أي عام مضى، وقالت “نشتري الكرتونة التي تحتوي على بعض المواد الغذائية الرئيسة بسعر 300 جنيه (الدولار يساوي نحو 50 جنيها) بدلا من 159 جنيها العام الماضي، ونشتريها من الجمعيات الخيرية الكبيرة، خاصة الحكومية بسعر أقل من السوق بنحو 50%”.

وأوضحت زينب أن قيمة ومكونات الشنطة أصبحت قليلة وأنهم أصبحوا “غير راضين عن مكوناتها، خاصة أننا في بعض السنوات كنا نضع البروتين (لحوم أو دجاج) ولكنها الآن جافة، وحتى البلح (التمر) ليس من النوع الممتاز الذي كنا نضعه كل عام”.

كيف تغير شكل ووزن شنطة رمضان؟

يقول محمد أبو كمال المشرف بأحد السلاسل التجارية بمحافظة الجيزة، إن “ارتفاع الأسعار حمل بعض الناس على التخلي عن تلك العادة، بعد أن تضاعفت أسعار شنطة رمضان ما بين 100% و200%، بينما حملت بعضهم على تقليل مكوناتها وحجمها”.

وفي حديثه، للجزيرة نت، أوضح المشرف أن المتجر لم يطرح هذا العام العدد الكبير من الكراتين الرمضانية التي كان يطرحها كل مرة، وراعى أن تكون مكوناتها أقل وزنا مع الحفاظ على التنوع حتى تصبح في متناول راغبي فعل الخير.

شنطة رمضان

وبشأن مكونات الكرتونة، تحدث أبو كمال عن الأرز والزيت والسكر والصلصة والمسلى الصناعي والفول والمكرونة والشاي، إلى جانب البلح الجاف وأحيانا كيس تمر، وكان فيما مضى لفة قمر الدين والتمر هندي وجوز الهند والزبيب والكركدية ضمن مكونات الشنطة.

محاولات حكومية وأوضاع اقتصادية متردية

وفق مسح الدخل والإنفاق الصادر من الجهاز المركزي للإحصاء، لسنة 2019/2020 بلغت نسبة الفقر في مصر 29.7%، أي أكثر من 30 مليون فقير.

وسجلت هذه النسبة قبل أزمة كورونا وقبل خفض قيمة الجنيه 4 مرات منذ 2022، وهو وضع أدخل كثيرا من الأسر المصرية إلى دائرة الفقر.

وفي محاولة لتقليل أثر ارتفاع الأسعار، زادت الحكومة المصرية معارض “أهلا رمضان” ومبادرة “كلنا واحد” إلى 3 آلاف منفذ وسلسلة على مستوى الجمهورية، وتراوحت نسب الحسم على السلع ما بين 10% و30%.

وحسب الحكومة، تضم المنافذ والسلاسل كبار منتجي السلع الغذائية والرمضانية، إلى جانب الشركة القابضة للصناعات الغذائية بوزارة التموين والتجارة الداخلية والشركات التابعة لها، مع تخصيص مساحات لجهاز الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع و”أمان” بوزارة الداخلية.

عادات لا تغيب لكنها تتأثر سلبيا

يقول رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، محمود العسقلاني، إنه “رغم التأثير السلبي للغلاء على ظاهرة التجميع والتوزيع لكراتين وشنط شهر رمضان في مصر، فإنها لا تغيب أو تختفي. من طبائع المصريين أنهم يحرصون على العادات والمناسبات حتى وإن تردت الظروف الاقتصادية”.

مبادرة رمضان

المثير في الأمر، يضيف محمود العسقلاني للجزيرة نت، اختفاء كيس السكر أحد المكونات الرئيسة من كرتونة رمضان لدى بعض الناس، على خلفية أزمة نقص هذه المادة الأساسية، ويقول “أبحث بنفسي على أي كميات من السكر وأضعها في الكرتونة من أجل توزيعها على المحتاجين”.

وبشأن تأثير الأسعار، أوضح العسقلاني، أن الكرتونة فقدت جزءا من قيمتها ومكوناتها دون شك، مشيرا إلى أن أكثر المتضررين هم الفقراء والعمالة اليومية في التجمعات السكانية والشركات والمصانع والعقارات وغيرها.

ورأى العسقلاني أن الأوضاع الاقتصادية  الصعبة التي يمر بها ملايين المصريين يجب أن تكون دافعا وحافزا للأغنياء، من أجل زيادة التبرع والإسهامات حول ما يخص إعداد وتوزيع شنط رمضان؛ لتعزيز أجواء التكافل بين الناس.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *