قطر تشق طريقا جديدا للطاقة بتطوير حقل العد الشرقي النفطي

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

الدوحةـ تشق دولة قطر طريقا جديدا في مجال الطاقة من خلال تطوير حقل العد الشرقي النفطي الواقع شرق العاصمة الدوحة، وذلك بهدف مضاعفة إنتاجه من النفط تزامنا مع تطوير حقل الشمال الخاص بالغاز الطبيعي.

وتعكس خطوة تطوير حقل العد الشرقي النفطي -الذي اكتسبته قطر بالكامل في عام 2019- التزام الدوحة بتعزيز قدرتها على استدامة الإنتاج، وتوفير الطاقة الأحفورية التي تلبي الاحتياجات المتزايدة للسوق العالمي.

وقبل أيام، أرست “قطر للطاقة” عقدا بقيمة 2.21 مليار ريال قطري (607 ملايين دولار) على شركة هندسة النفط البحرية الصينية (سي أو أو إي سي)، لتنفيذ الجزء الثاني من المرحلة الخامسة لتطوير “حقل نفط العد الشرقي- القبة الشمالية”.

وقالت قطر للطاقة إن “العقد يتضمن القيام بأعمال التصميم والتوريد والبناء والمقاولات للجزء الثاني من المرحلة الخامسة لتطوير حقل نفط العد الشرقي لمدة 43 شهرا”.

وتستهدف “قطر للطاقة” زيادة إنتاج حقل العد الشرقي البحري إلى متوسط 61 ألف برميل نفط يوميا وما يزيد على 37.2 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا.

ويبلغ إنتاج قطر من النفط الخام حاليا قرابة 600 ألف برميل يوميا، وتصدّر نحو 520 ألف برميل يوميا منه إلى الأسواق الآسيوية، في حين تحتفظ بنحو 80 ألف برميل يوميا للاستهلاك المحلي.

وتأتي المرحلة الثانية من تطوير حقل نفط العد الشرقي بعد أقل من 4 أشهر من بدء المرحلة الأولى من توسعة حقل الشمال للغاز الطبيعي الذي من شأنه أن يرفع إنتاج قطر من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن إلى 126 مليون طن سنويا بحلول عام 2027، حيث تسعى الدوحة إلى تعزيز مكانتها على عرش الطاقة العالمي.

تعزيز الإنتاج النفطي

وتعليقا على الخطوة القطرية لتطوير حقل العد الشرقي، يقول الخبير في شؤون الطاقة شوقي مهدي إن حقل العقد الشرقي يعد أحد أهم الحقول النفطية القطرية، والذي يعود تاريخ اكتشافه إلى ستينيات القرن الماضي (القبة الشمالية)، فيما بدأ إنتاج القبة الجنوبية في 1999.

ويوضح مهدي في حديث للجزيرة نت أن المهم في هذا الإعلان هو فوز شركة هندسة النفط البحرية الصينية بعقد تطوير الحقل، الأمر الذي يعكس التطور الملحوظ في العلاقة مع الشركات الصينية في ظل الشراكة بين قطر والصين في إطارها الواسع، لافتا إلى أن هذا الإعلان يأتي بعد فترة من فوز إحدى الشركات الصينية بالمشاركة في تطوير حقل الشمال.

ويشير إلى أن قطر للطاقة تسير في طريقها لتنفيذ خططها الرامية لتطوير الحقول النفطية في الدولة لرفع الإنتاج وزيادة الكفاءة، وسبق هذه الخطوة إعلان مهم قامت به قطر للطاقة في 2019 بالبدء في إدارة وتشغيل حقلي العد الشرقي القبة الشمالية والعد الشرقي القبة الجنوبية بعد انتهاء اتفاقيات التطوير والمشاركة بالإنتاج بين قطر للطاقة وشركة “أوكسيدنتال” المحدودة التي استمرت لنحو 25 عاما (منذ أكتوبر/تشرين الأول 1994).

ويضيف الخبير في شؤون الطاقة أنه خلال الفترة الانتقالية في 2019 قامت قطر للطاقة بعمل مراجعة كاملة لسلامة الآبار المنتجة للنفط -بما فيها آبار الحقن- وتم وضع الخطط اللازمة لذلك، وبعدها أعلنت قطر للطاقة عن العطاءات الخاصة بتطوير الحقول النفطية، ومن بينها حقل العد الشرقي.

ويؤكد مهدي أن تطوير حقل العد الشرقي يمثل خطوة في طريق تنفيذ إستراتيجية تعزيز الإنتاج النفطي وتحسين أداء قطاع الطاقة القطري، موضحا أن عملية التطوير تسهم في تعظيم واردات الدولة من قطاع النفط وتزيد الطاقة الإنتاجية لدولة قطر كمنتج رئيسي في سوق الطاقة.

ويتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من العطاءات الخاصة بتطوير الحقول النفطية -مثل حقل الشاهين- على غرار عقود المرحلة الثالثة لتطوير حقل الشاهين ضمن مشروع يحتوي على 4 حزم رئيسية حصلت عليه شركة “لارسن آند توبرو” لتطوير حقل الشاهين العملاق الذي ينتج حاليا نحو 300 ألف برميل يوميا كأكبر حقل نفطي بحري في قطر وأكثرها تعقيدا، مما يتطلب استخدام تكنولوجيا عالية ودخول شركات لها وزنها في أسواق الطاقة العالمية.

ويرى شوقي أن كل هذه العقود تجسد تنوعا في الشركاء بشكل غير تقليدي، مما يعني أن قطر للطاقة أرادت أن تستفيد من مختلف أشكال التكنولوجيا في العالم بدءا من الولايات المتحدة ودول أوروبا والصين والهند وغيرها لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الهيدروكربونية.

مكانة عالمية

من جهته، يؤكد الخبير في مجال النفط والغاز طارق الشيخ أن عملية تطوير حقل نفط العد الشرقي البحري تهدف إلى زيادة إنتاجية الحقل المكتشف في عام 1960 وبدأت عملية الإنتاج في 1964، لرفع الإنتاجية بمقدار حوالي 61 ألف برميل نفط يوميا، مشيرا إلى أن الحقل سيساهم بنحو 10% من إنتاج النفط الخام في البلاد.

ويقول الشيخ في حديث للجزيرة نت إن احتياطيات الحقل من النفط الخام تقدر بنحو 1.2 مليار برميل، فيما تبلغ احتياطياته من الغاز المصاحب حوالي 50 تريليون قدم مكعبة.

ويرى أن ترسية العقد الأخير لشركة هندسة النفط البحرية الصينية (سي أو أو إي سي) تعد خطوة جديدة ومختلفة في تعاون قطر الدولي في مجال الطاقة، إذ تعد هذه المرة الأولى التي تدخل فيها شركة صينية في شراكة بهذا الحجم مع قطر في مجال النفط، مما يعكس تطلعات قطر الدائمة نحو التكنولوجيا المتطورة.

ويؤكد الشيخ أن حقل العد الشرقي النفطي يكتسب أهمية متزايدة في إنتاج الطاقة وله قيمة اقتصادية تسهم في الناتج القومي لقطر، وتؤكد هذه الخطوة التزام الدوحة بأن تظل رائدة في إنتاج الطاقة النظيفة ومصدرا للتنمية المستدامة، كما تعزز مكانة قطر كشريك رائد في صناعة النفط والغاز على المستوى العالمي وتعكس إستراتيجية البلاد في تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الاستدامة البيئية.

مورد مستقر

بدوره، يقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم الهور إنه في نفس سياق تطوير ركائز الاقتصاد الريعي القطري عملت الدوحة على تعزيز مكانتها كمورد معتمد ومستقر في مجال الطاقة، سواء الغاز المسال أو البترول أو المشتقات النفطية.

ويضيف الهور للجزيرة نت أنه للمحافظة على هذه المكانة توالت المشاريع ذات العلاقة وتعددت الاستثمارات في المجال، سواء بشكلها المباشر أو اللوجستي المرتبط بالقطاع، ويأتي تطوير مشروع العد النفطي في سياق مدروس ممنهج لتطوير القطاع.

كما لفت إلى أن عملية تطوير الحقل تحمل دلالات عدة، أولاها التعاون مع الشركة الصينية من بداية التصاميم إلى التوريد والبناء والتركيب والمقاولات، علما بأن أكثر من 75% من إنتاج الدوحة من الغاز والطاقة يتوجه إلى الأسواق الآسيوية، وبالتالي يأتي التعاون المشترك بين شركاء التجارة في المجال نفسه، والدلالة الأخرى هي العمل ليس فقط على استقرار وثبات الإنتاج وإنما تعزيزه في ظل تقلبات الطلب العالمية وتقلبات الأسعار.

ويؤكد الهور أن كل هذه العمليات تبقي مكانة الدوحة المتقدمة كمنتج موثوق للطاقة، وبالتالي تساهم في تعزيز مكانتها الاقتصادية وتصنيفها الائتماني واستقطابها الاستثمار الدولي كبقعة آمنة وفرصة مجدية للاستثمار.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *