صعود صناعة السيارات الكهربائية في الصين يقلق الغرب

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

يمثل صعود مصنعي السيارات الكهربائية الصينيين مثل “بي واي دي” و”نيو” إشارة إلى تغير جذري في المشهد العالمي لصناعة السيارات.

وأثار الارتفاع الحاد في صادرات السيارات من الصين -والذي تضاعف بشكل كبير منذ عام 2020- الرعب بين عمالقة صناعة السيارات التقليديين مثل تويوتا، كاشفا عن عصر جديد من المنافسة لم تعهدها الشركات من قبل، من حيث حجم الإنتاج ومكوناته وقدرة التصنيع والتوزيع عبر المنافذ.

ووفقا لتاكيرو كاتو رئيس قسم السيارات الكهربائية في “تويوتا”، والذي تحدث لفايننشال تايمز، فإن زيارته للصين في عام 2018 كانت مفاجِئة، حيث كشفت له الزيارة عن قدرات التصنيع المتطورة في البلاد.

يأتي هذا في وقت يشهد تفوق الصين على اليابان باعتبارها أكبر مصدّر للسيارات في العالم، مع تفوق شركة “بي واي دي” الصينية على منافستها تسلا في الربع الأخير من عام 2023.

ويشير تقرير فايننشال تايمز إلى النهج الذي وصفته الصحيفة بـ”العدواني” لشركة “بي واي دي”، والذي يثير إلى جانب مصنعي السيارات الكهربائية الصينيين الآخرين الذين يستهدفون الأسواق الخارجية تحديا لعمالقة السيارات التقليدية عالميا.

ويقر التقرير بأن تدفق السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة إلى الأسواق الغربية يثير تساؤلات ملحة للحكومات الغربية، ويضعها بين مطرقة تشجيع اعتماد المركبات الكهربائية وسندان حماية المصنعين المحليين.

وينقل التقرير عن مايكل دون الرئيس التنفيذي لشركة “دون إنسايتس” -التي تقدم خدمات استشارية عالمية للمستثمرين وشركات صناعة السيارات الكهربائية- قوله “بينما تقدم الولايات المتحدة دعما ماليا لزيادة الإنتاج المحلي تواجه أوروبا حيرة في التفكير بشأن فرض رسوم جمركية للحد من السيارات الصينية الرخيصة”.

ميزة التكلفة المنخفضة

ويضيف تقرير فايننشال تايمز أنه رغم وجود حواجز تجارية محتملة فإن مصنعي السيارات الصينيين يحظون بميزة التكلفة المنخفضة قياسا بغيرهم من المصنعين، وذلك بفضل خبرتهم في بطاريات الليثيوم، وهو ما يُظهر جليا مع بيع طراز “أوتو0 3” من “بي واي دي” بأسعار أقل من طراز “مودل 3” من “تسلا” في الأسواق الأوروبية الرئيسية.

ويشير التقرير إلى أنه مع وجود قدرة احتياطية على تلبية 75% من الطلب العالمي على السيارات الكهربائية، إضافة إلى طموحاتهم للتوسع في الولايات المتحدة فإن مصنعي السيارات الصينيين مثل “بي واي دي” على استعداد لاختراق الأسواق الغربية، ومع ذلك تبقى التحديات، مثل حواجز الرسوم الجمركية والمشاعر المناهضة للصين ماثلة في تلك الأسواق أمامهم.

ويسلط جورجي جواهردو الخبير المختص في شركة “دينتونس غلوبال أدفايزورز” للاستشارات الضوء على التعقيد الذي تواجهه شركات السيارات الصينية لدى عملها خارج الصين، إذ يشير إلى أنها تفتقر إلى الدعم الحكومي الذي تتمتع به هذه الشركات داخل الصين، وهذا الواقع يمكن أن يؤثر على ميزة التكلفة التي تتمتع بها في الأسواق التنافسية.

A staff member works on an assembly line manufacturing Geely's GX6 cars, at the Geely's plant in Chengdu, Sichuan province, China April 13, 2023. REUTERS/Zoey Zhang

ويضيف التقرير أن الحكومات الغربية في حالة تأهب ضد توغل الصين في أسواقها، إذ حذرت إدارة بايدن المكسيك بشكل خاص من موجة الاستثمارات الصينية القادمة.

كما أشار التقرير إلى أهمية نتائج التحقيق الخاص بالاتحاد الأوروبي، والذي يسلط الضوء على نتائج الإغراق والدعم الصيني للأسواق، وستصدر النتائج في نوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام.

المخاطر الأمنية المفترضة

وفي الوقت نفسه، يركز المسؤولون الحكوميون في الولايات المتحدة وأوروبا أيضا على المخاطر الأمنية المفترضة لوجود مكونات صينية في البنية التحتية الحيوية مثل الطاقة والاتصالات وفقا لفايننشال تايمز، وهي مخاوف من المتوقع أن تطبق الآن على قطاع المركبات الصينية، بالإضافة إلى البطاريات والتكنولوجيات النظيفة الأخرى.

وعلى الناحية الأخرى، يعرّف كوري كومبس الخبير في “فريق تريفيوم تشاينا” المختص في أبحاث السوق السياسيين الغربيين الذين يفكرون في منع الصين من الوصول إلى سلاسل الإمداد النظيفة بالنظر في تأثير ذلك على طموحاتهم في تحقيق سياسة صفر من الانبعاثات الكربونية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تحجيم انتقالاتهم المناخية الخاصة بدون إستراتيجيات تخفيف كافية.

ويظهر هذا الصعود الكبير لمنتجات السيارات الكهربائية الصينية لحظة محورية لصناعة السيارات العالمية، فبينما تكافح الدول الغربية لحماية صناعاتها وأهدافها المناخية يشكل التمدد الصيني الكبير تحديا ملحا وتمهيدا لاصطدام مصالح وشيك بين تطلعاتها المناخية وأهدافها في مواجهة وتحجيم الصين.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *