تبدو الأجواء فوق العراق والأردن وفلسطين وإسرائيل ولبنان وإيران شبه خالية من الرحلات العابرة من الشرق إلى الغرب والعكس، وفق ما أظهر موقع “فلايت رادار 24” المتتبع لحركة الطيران العالمية.
وفي المقابل، اتخذت غالبية شركات الطيران العالمية خطوطًا ملاحية بعيدة بعض الشيء لتجنب توترات الشرق الأوسط الذي تشهد سماؤه تحليقا مستمرا للطيران الحربي الإسرائيلي، وصواريخ بين أطراف الصراع.
وأمام التوترات الناجمة عن الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ عام، أُجبرت شركات الطيران التي تربط أوروبا بالشرق الأوسط وجنوب آسيا على الطيران في مسار أكثر التفافًا باستخدام المجال الجوي المصري والسعودي.
مفترق جوي
ولطالما كان الشرق الأوسط مفترق طرق عالميا للسفر الجوي، حيث تقطع مئات الطائرات المنطقة كل يوم في رحلات طويلة المسافة تربط بين الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا.
لكن السفر عبر هذه المسارات أصبح أكثر تحديًا، إذ أجبرت التوترات المتزايدة شركات الطيران على تقليص الخدمات كإجراء احترازي للسلامة، في وقت أضافت الإبادة الإسرائيلية بغزة مزيدا من تعقيدات الطيران بين الشرق والغرب.
وتأتي هذه التحديات بعد أن أضافت الحرب الروسية الأوكرانية ساعات إضافية من التحليق إلى العديد من الرحلات من خلال إغلاق المجال الجوي الشاسع أمام العديد من المشغلين العابرين للحدود.
والأسبوع الجاري، كان الأكثر تجنبًا للمجالات الجوية الإيرانية واللبنانية والإسرائيلية على وجه الخصوص، منذ بدء إسرائيل بارتكاب مجازر بحق الفلسطينيين في غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتزامن تجنب الخطوط الملاحية فوق المنطقة مع تعليق عشرات شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى كل من إسرائيل ولبنان وإيران، وبدرجة أقل الأردن والعراق، بفعل تصاعد المواجهات.
أساس الأزمة
وأطلقت إيران أمس الثلاثاء عشرات الصواريخ على إسرائيل (180 بتقدير إسرائيلي) “ردا على اغتيال إسماعيل هنية وحسن نصر الله ومجازرها بغزة ولبنان” وفق ما أعلنت طهران.
وتسبب ذلك في إصابات بشرية وأضرار مادية وإغلاق المجال الجوي، بينما هرع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ.
واغتالت إسرائيل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وآخرين، في غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 سبتمبر/أيلول الماضي.
بينما اغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بقصف مقر إقامته خلال زيارة طهران نهاية يوليو/تموز الماضي، واتهمت إيران إسرائيل باغتياله.
تغيير مسارات
وحسب موقع “فلايت رادار 24” بدأت الخطوط البريطانية والإمارات ولوفتهانزا وشركات طيران أخرى في تحويل الخدمات بعيدا عن المجال الجوي العراقي، منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وجاء هذا التغيير في الخطوط الملاحية، بعد إعلان إسرائيل أن صواريخ من إيران أطلقت على دولة الاحتلال، إذ تحولت العديد من الشركات إلى الطيران عبر السعودية وفوق شبه جزيرة سيناء.
وقالت شركة الطيران الهولندية “كيه إل إم” في بيان إنها أعادت توجيه بعض رحلاتها وتجنبت المجال الجوي لإيران والعراق والأردن.
ويعتبر الطيران في خطوط ملاحية بعيدا عن الخطوط المباشرة مكلفا لشركات الطيران، من حيث استهلاك الوقود، إلى جانب إحداث فوضى في مواعيد الإقلاع والهبوط لعديد الرحلات.
مطار بن غوريون
في إسرائيل، أظهرت بيانات مطار بن غوريون قيام السلطات الملاحية بتغيير خطوطها في أكثر من مناسبة منذ توسيع الصراع مع حزب الله منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي.
وفي وقت كان مطار بن غوريون يتعامل يوميا مع قرابة 550 رحلة يوميا، تراجع اليوم إلى أقل من 200 بسبب إلغاء عديد شركات الطيران العالمية تسيير رحلاتها إلى تل أبيب بفعل التوترات القائمة.
وبالعودة إلى الشهور الأولى من حرب الإبادة على غزة، توقفت شركة طيران العال الإسرائيلية عن التحليق فوق معظم شبه الجزيرة العربية، مشيرة إلى مخاوف تتعلق بالسلامة، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة عدة ساعات الرحلات إلى بانكوك.
كما أرجأت الشركة الإسرائيلية خدماتها إلى الهند، بينما ألغت المسارات الموسمية إلى طوكيو.
وفي الشهر الأول للحرب على غزة، انخفض الطلب على السفر الدولي بنسبة 5% منذ أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق فوروارد كيز (ForwardKeys) وهي شركة لتحليلات السفر.