يُعدّ شهر سبتمبر/أيلول أقسى أشهر السنة بالنسبة لأصحاب الأسهم، في حين تميل أسعار الأسهم في أغلب الأحيان إلى الارتفاع خلال بقية أشهر السنة، وفق تقرير لصحيفة “ذي إيكونوميست” البريطانية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه ينبغي ألا تتغير أسعار الأصول إلا استجابة لمعطيات حقيقية وفاعلة، مثل التدفقات النقدية، في حين يجب على المتداولين تحديد التقلبات المتوقعة واستغلالها وموازنتها. لكن ما حدث في سبتمبر/أيلول 2023 أن المستثمرين تعلّموا أو بالأحرى تقبّلوا حقيقة أن أسعار الفائدة ستبقى مرتفعة على المدى الطويل.
وأوضحت الصحيفة أن السبب الكامن وراء هذا الانحدار كان سلسلة متسارعة من إعلانات السياسة النقدية بدأت مع الاحتياطي الفدرالي الأميركي في 20 سبتمبر/أيلول الماضي، وانتهت بعد يومين لتشمل 11 بنكا مركزيا، كررت جميعها تقريبا رسالة “لتكن أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول”.
كما رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة، وتحدث عن سباق طويل. وفي المتوسط، توقّع محافظو الاحتياطي الفدرالي أن يظل سعر الفائدة القياسي (البالغ حاليًا 5.25-5.50%) أعلى من 5% بحلول نهاية عام 2024.
وبالنسبة لسوق السندات، فإن هذا مجرد تأكيد لتوقعات الصيف. فقد ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل سنتين -الذي يُعدّ حساسا للتوقعات قريبة المدى للسياسة النقدية- من 3.8% في مايو/ أيار إلى 5.1%، كما ارتفعت أسعار الفائدة الأطول أجلا إذ بلغ العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات 4.6% وهو أعلى مستوى له منذ 16 عاما.
ولم يقتصر ذلك على الولايات المتحدة فقط، إذ تبلغ عائدات السندات الألمانية لأجل عشر سنوات 2.8%، أي أكثر من أي وقت مضى منذ عام 2011.
كما تقترب عائدات السندات البريطانية من المستوى الذي بلغته في الخريف الماضي، والذي لم تصل إليه في ذلك الوقت إلا وسط مبيعات رخيصة وانهيار السوق.
من ناحية أخرى، ارتفع سعر الدولار بفضل الاقتصاد القوي للولايات المتحدة وتوقعات بإمكانية وصول نسبة النمو إلى مستوى أعلى مقارنة بالبلدان أخرى. وقد زاد مؤشر الدولار بنسبة 7% منذ أدنى مستوى مسجّل له في يوليو/ تموز الماضي.
وذكرت الصحيفة أن سوق الأوراق المالية كانت بطيئة في استيعاب احتمال استمرار ارتفاع أسعار الفائدة مقارنةً بأسواق السندات والصرف الأجنبي، علمًا بأن تكاليف الاقتراض ليست المحرك الوحيد لها.
وقد تحمّس المستثمرون -تضيف الصحيفة- بشأن إمكانات الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الأميركي المرن، أو بعبارة أخرى، ربما يفسّر احتمال النمو السريع للأرباح سبب ازدهار سوق الأوراق المالية حتى في مواجهة السياسة النقدية المتشددة.
وخلصت الصحيفة إلى أن المستثمرين لم يدركوا حتى الآن أن أسعار الفائدة سوف تظل -ببساطة- مرتفعة ما دامت توقعات سوق السندات تشير إلى ذلك، ويُصرّ عليها محافظو البنوك المركزية. وإذا كان هذا هو الحال فعلا، ربما تكون الأشهر القليلة المقبلة أكثر قسوة.