توقع كبير اقتصاديي وزارة المالية في إسرائيل شموئيل أبرامسون أن ينكمش اقتصادها 1.5% إذا استمرت الحرب على غزة إلى نهاية السنة الحالية، وذلك بعد أن كان يتوقع نموا بنسبة 2.7% لسنة 2024 قبل بدء الحرب، وفق تقرير نقلته صحيفة “غلوبز” الإسرائيلية الاقتصادية.
السيناريو الأساسي
ووفق السيناريو الأساسي -الذي يتوقع انتهاء الحرب في فبراير/شباط المقبل، رجح أبرامسون -وفق تقريره- نمو الناتج المحلي الإسرائيلي 1.6% خلال السنة الحالية، مع انكماشه من حيث نصيب الفرد.
ويفترض السيناريو الأساسي استمرار الحرب على قطاع غزة 5 أشهر، لتنتهي في فبراير/شباط المقبل.
ومن المرجح أن تتراجع إيرادات الضرائب في إسرائيل 33 مليار شيكل (8.7 مليارات دولار) خلال 2024 مقارنة بتوقعات مكتب كبير الاقتصاديين في وزارة المالية في مايو/أيار 2023.
ومن المتوقع أن تسجل خزينة إسرائيل عجزا بقيمة 52 مليار شيكل (13.74 مليار دولار) بسبب انخفاض الإيرادات وحدها.
وقدم أبرامسون بيانات اقتصادية إلى مجلس الوزراء تظهر أن حجم مشتريات الإسرائيليين ببطاقات الائتمان تراجع بصورة حادة في الأشهر الأخيرة مقارنة بالربع الثالث من عام 2023.
ورغم أن حجم المشتريات يعاود الارتفاع نحو مستويات الربع الثالث -وفق التقرير- فإن التراجع بلغ 8 مليارات شيكل (2.11 مليار دولار) من الخسائر التراكمية.
وفي ما يتعلق بموازنة الدولة، أشار أبرامسون إلى أن العجز المالي المخطط له بنسبة 6.6% في عام 2024 سيكون الأعلى بين أي دولة باستثناء الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن يبلغ متوسط العجز المالي في الاقتصادات الغربية المتقدمة في عام 2024 نحو 1.3% فقط.
يشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية وافقت أول أمس الاثنين الماضي بعد محاولات مضنية على تعديل الموازنة العامة للدولة لعام 2024، برفعها إلى 582 مليار شيكل (156 مليار دولار)، أي بزيادة قدرها 70 مليار شيكل (19 مليار دولار) عن الميزانية الأصلية، آخذة بعين الاعتبار زيادة المصاريف على العمليات الدفاعية جراء الحرب على قطاع غزة.
واضطرت وزارة المالية إلى تقديم تنازلات قبل التصديق على الموازنة، إذ عارض الوزراء التخفيضات وهددوا بعدم دعم الميزانية في جلسة مجلس الوزراء الليلة الماضية، وحصلوا هذا الصباح على تنازلات في لقاءات شخصية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وكان الصراع الرئيسي في موازنات الوزارات المختلفة حول التخفيضات بعد أن أعلنت وزارة المالية عن تخفيض شامل بنسبة 3% تم رفعه في اللحظة الأخيرة إلى 5%.
وسعى نتنياهو ووزير ماليته بتسلئيل سموتريتش إلى عدم تقويض استقرار الائتلاف واكتفيا بتعديلات طفيفة.
توقع متواضع
بدوره، يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية أحمد البهنسي في تعليق للجزيرة نت أن توقع كبير اقتصاديي وزارة المالية الإسرائيلية بانكماش اقتصاد إسرائيل 1.6% في حال استمرار الحرب خلال السنة الحالية هو توقع متواضع.
وتوقع البهنسي انكماشا أكبر في الاقتصاد بالنظر إلى النهج التصعيدي الذي يتبعه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الجبهة الشمالية مع لبنان أو بإطالة أمد الحرب في قطاع غزة لإيجاد مخرج سياسي من القضايا التي فجرتها الحرب.
وقال إن استمرار نتنياهو في رئاسة الحكومة الإسرائيلية يعني المزيد من عجز الموازنة والانكماش، مشيرا إلى أن الموازنة عكست منطق “لا صوت يعلو فوق صوت الحرب”.
وأشار البهنسي إلى أن القانون الأساسي الإسرائيلي يجعل تمرير الموازنة أساسا لاستمرارية أي حكومة، مذكرا بما فعله بنيامين نتنياهو في الحكومة الائتلافية التي شكّلها مع نفتالي بينيت ضمن تحالف “أزرق أبيض” وفق اتفاق على تسلم الأول رئاسة الوزراء لفترة ويتسلمها الآخر بعده، لكن نتنياهو “ضرب إسفينا” وقت تسليم رئاسة الحكومة -وفق البهنسي- عندما عرقل الموازنة، مما أدى إلى إسقاط الحكومة برمتها.
وأشار البهنسي إلى أن الاستقطاعات في الموازنة الإسرائيلية من مخصصات فلسطينيي الداخل ظلت كما هي ولم يتم إلغاؤها مثل العديد من المخصصات، في وقت أشارت صحيفة هآرتس إلى تكرار الاستقطاعات مخصصاتهم قائلة “العرب دائما يدفعون”، مضيفا أنهم يتعرضون للتهميش في الأغلب.
خسائر أكبر
من جانبه، يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية أشرف حامد للجزيرة نت إن خسائر الاقتصاد الإسرائيلي أكبر مما يتم الإعلان عنه حتى ضمن التوقعات، بالنظر إلى أن أغلبية السكان هم احتياط للجيش، ومن لم يتم استدعاؤه إلى الخدمة العسكرية يحتمي بملجأ مع كل صفارة إنذار.
وبحسب حامد، فإن التخفيف من الخسائر الاقتصادية هو نهج يوازي التخفيف في عدد القتلى والجرحى من الجنود جراء المعارك، وهو ما يشير إليه خبراء عسكريون.
ويضيف أن أغلب العمالة في إسرائيل كانت من الفلسطينيين، وهم ممنوعون الآن من الدخول إلى المناطق داخل الخط الأخضر، مما جعل إسرائيل تلجأ إلى أسواق عمل أخرى في الهند وأفريقيا، لكن في المجمل لا تدعم البيئة الاقتصادية إلى الآن استقدام العمالة.
المصدر : الجزيرة + وكالات + الصحافة الإسرائيلية