حددت الصين اليوم هدفها لنمو اقتصادي بمستوى 5% للعام 2024، في رقم طموح أقر المسؤولون في ثاني أكبر اقتصاد في العالم بأن تحقيقه “لن يكون سهلا”.
وكشف رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ هذا الرقم، إضافة إلى بعض السياسات الاقتصادية والتوجهات التي تنطوي على تعديل النموذج الاقتصادي، وذلك خلال الاجتماع السنوي للمجلس الوطني لنواب الشعب، وهو الهيئة التشريعية للبلاد التي يحكمها الحزب الشيوعي بزعامة الرئيس شي جين بينغ ويستمر أسبوعا.
ومعدل النمو المستهدف سيتطلب تحفيزا حكوميا أقوى من الصين حتى تتمكن من تحقيقه، إذ لا يزال الاقتصاد يعتمد على الاستثمار في البنية التحتية الحكومية، مما أدى إلى تراكم الديون على حكومات المناطق.
وأمام آلاف المندوبين حذر لي تشيانغ من أن “تحقيق أهداف هذا العام لن يكون سهلا”، مشيرا إلى أن “الأسس للتعافي الاقتصادي المستدام والنمو في الصين ليست صلبة بما يكفي”.
وكانت دورة العام الماضي للمجلس شهدت تنصيب شي جين بينغ لولاية رئاسية ثالثة غير مسبوقة، ليعزز مكانته باعتباره أبرز زعيم للعملاق الآسيوي منذ ماو تسي تونغ.
وهذه السنة يجد آلاف المندوبون الذين يحضرون المؤتمر أنفسهم أمام سلسلة من التحديات الاقتصادية والأمنية تشمل تراجع القطاع العقاري وارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب وتباطؤا اقتصاديا عالميا أدى إلى تراجع الطلب على المنتوجات الصينية.
عراقيل أمام النمو
ويتماشى هدف النمو المعلن للعام 2024 مع ما كان موضوعا للعام الذي سبقه، لكنه يبقى ما دون نسب سادت لأعوام طويلة وكانت أعلى من 10%.
وبلغت نسبة النمو في الصين العام الماضي 5.2%، وقد كانت من الأدنى التي تسجلها منذ التسعينيات.
وقالت وانغ تاو كبيرة اقتصاديي الصين في مصرف “يو بي إس” “لا نعتبر أن هدف النمو بنسبة 5% متواضع، بل على العكس نعتقد أنه (هدف) طموح”.
وتابعت “تواصل السوق العقارية الانخفاض ولم تبلغ القعر بعد، وهو ما يفرض ضغوطا تراجعية على الاقتصاد”، مرجحة أن ينعكس ذلك “تأثيرا سلبيا على التمويل والإنفاق المحليين للحكومة، وثروة الأسر وإنفاقها”.
وتسببت أزمة العقارات والانكماش الاقتصادي المتزايد وانهيار سوق الأوراق المالية وتفاقم مشاكل ديون الحكومات المحلية في زيادة الضغوط المفروضة على قادة الصين للاستجابة لهذه النداءات.
وحذر لي تشيانغ في كلمته من وجود “مخاطر باقية ومخاطر خفية” في الاقتصاد الصيني، لكن الصين تتجنب منذ أعوام مواجهة الضغوط التي يعانيها اقتصادها من خلال خطة إنقاذ واسعة، خشية أن يفرض ذلك ضغوطا كبيرة على ميزانية الدولة، ولا يرى الخبراء أن مقاربة بكين في الفترة المقبلة ستختلف عن ذلك.
وبحسب تقرير عمل حكومي، تعتزم الصين زيادة ميزانيتها العسكرية بنسبة 7.2% هذا العام، حيث ستبلغ 1.665 تريليون يوان (231.4 مليار دولار).
مخاوف المستثمرين
وفي مسعى لتهدئة مخاوف المستثمرين تعهدت الصين اليوم بفتح “قنوات جديدة” للتجارة الدولية، إضافة إلى خفض التعرفة على التقنيات المتطورة.
ويتوقع محللون أن تخفض الصين توقعاتها للنمو السنوي في المستقبل، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ النمو الاقتصادي في الصين 4.6% هذا العام ثم يتراجع أكثر على المدى المتوسط إلى نحو 3.5% في 2028.
قلق صيني كبير
وقبل يومين، أعلن متحدث باسم المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني -وهو أعلى هيئة استشارية سياسية في الصين- أن الاقتصاد وتأمين وظائف للشباب يشكلان “مصدر قلق كبير”، وذلك قبيل بدء البرلمان الصيني دورته السنوية.
وتأتي اجتماعات المؤتمر السنوي للحزب الشيوعي الحاكم في وقت يواجه فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم مجموعة من التحديات، منها:
- أزمة السكن التي طال أمدها.
- انخفاض الاستهلاك المحلي.
- استمرار البطالة في صفوف الشباب.
وبلغ معدل البطالة بين الشباب رسميا نحو 15% في نهاية العام 2023 بعدما عدّل مكتب الإحصاء طرق احتساب هذه النسبة.
وكان مكتب الإحصاء قد توقف عن نشر نسبة البطالة الحساسة سياسيا لأشهر عدة بدءا من الصيف الماضي، في وقت ارتفع فيه معدل البطالة إلى ما يزيد كثيرا على 20%.
وقال ليو إن الاقتصاد الصيني ما زال يتمتع بأسس جيدة وظروف مواتية لتعزيز تنمية عالية الجودة، مضيفا أن البلاد أظهرت أيضا قدرتها على الصمود في مواجهة الصدمات الخارجية والصعوبات الداخلية.