يستعد الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية المستوردة من الصين، وهي خطوة تهدف إلى مواجهة ما يعتبرها ممارسات تجارية غير عادلة من قبل بكين على ما ذكرته وكالة بلومبيرغ.
ويأتي هذا القرار -وفق الوكالة- في الوقت الذي تواجه فيه أوروبا طوفانًا من السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة، مما تسبب في اضطراب كبير في السوق.
ومع ذلك، فإن التعريفات المقترحة تثير الجدل وتثير مخاوف بشأن الانتقام المحتمل من الصين وتأثيرها على المستهلكين الأوروبيين.
إجراءات للتنفيذ
ومن المقرر أن تقوم المفوضية الأوروبية بإبلاغ الشركات المصنعة للمركبات الكهربائية في الصين في وقت مبكر من الأسبوع المقبل بشأن فرض رسوم جمركية مؤقتة بدءًا من 4 يوليو/تموز على ما ذكرته بلومبيرغ.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه التعريفات إلى رفع رسوم الاستيراد إلى ما يزيد عن 10% الحالية، وتستهدف شركات مثل “بي واي دي” و “سايك” و”جيلي”.
وتعد هذه الخطوة جزءًا من جهد أوسع تبذله بروكسل لمعالجة الممارسات المشوهة للسوق، بما في ذلك الإعانات التي تقدمها بكين لصناعة السيارات لديها وفقا للوكالة.
ووفقًا لتقرير بلومبيرغ، وجدت المفوضية الأوروبية “أدلة كافية” على أن واردات السيارات الكهربائية الصينية تستفيد من الإعانات مثل التحويل المباشر للأموال، والإعفاءات الضريبية، وتوفير السلع أو الخدمات بأقل من أسعار السوق.
آثار مرتقبة
وتهدف التعريفات إلى مساعدة شركات صناعة السيارات الأوروبية في الدفاع عن أسواقها، ولكنها قد تؤثر أيضًا على الشركات المصنعة الغربية التي تنتج السيارات في الصين وتصدرها إلى أوروبا، مثل شركتي تسلا وبي إم دبليو وفقا لوكالة الأنباء الألمانية.
وحذر مدير معهد “كار” لأبحاث السيارات للوكالة الألمانية فرديناند دودنهوفر من أن حوالي 14% من السيارات الكهربائية المباعة في ألمانيا يتم استيرادها من الصين.
وفي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، سجلت في ألمانيا 111 ألف سيارة كهربائية بينها 15 ألفا مستوردة من الصين.
وأشار دودنهوفر إلى أن هذه الأرقام لا تشمل العلامات التجارية الصينية فحسب، بل تشمل أيضا السيارات التي تنتجها الشركات الأوروبية في الصين، مثل داسيا سبرينج، أرخص سيارة كهربائية في السوق الأوروبية.
وحذر من أن فرض رسوم جمركية مرتفعة على هذه السيارات قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض الطلب على الطرازات ذات الأسعار المعقولة نسبيا.
انتقام محتمل
وتعمل الصين، أكبر منتج للسيارات الكهربائية وبطاريات المركبات الكهربائية في العالم، على توسيع حصتها السوقية في أوروبا بقوة.
ويُنظر إلى التعريفات المقترحة من قبل الاتحاد الأوروبي على أنها محاولة لمنع تكرار انهيار صناعة الطاقة الشمسية، حيث تفوق المنافسون الصينيون المدعومون من الدولة على المصنعين الأوروبيين على ما قالته بلومبيرغ.
ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن التعريفات الجمركية يمكن أن تؤدي إلى إجراءات انتقامية من جانب بكين.
وأشارت الصين إلى أنها قد تفرض رسومًا جمركية تصل إلى 25% على واردات السيارات الأوروبية ذات المحركات الكبيرة، مما يؤثر على علامات تجارية مثل مرسيدس بنز، وبورشه، وبي إم دبليو. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لبكين استهداف الطيران الأوروبي والسلع الزراعية ومنتجات الألبان، وحتى تقييد صادرات المواد الحيوية لإنتاج السيارات الكهربائية، مثل العناصر الأرضية النادرة والليثيوم على ما ذكرته الوكالة.
مخاوف اقتصادية وبيئية
وأثار فرض الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية الصينية جدلا حول الآثار الاقتصادية والبيئية المحتملة.
ويرى دودنهوفر أن التعريفات الجمركية على المنتجات الصديقة للبيئة يمكن أن تعيق التحول إلى اقتصاد أنظف وتعطل التبادلات الصناعية المهمة مع الصين. وأضاف أن “فرض رسوم جمركية عقابية على المركبات الكهربائية سيكون خطأ كبيرا من شأنه أن يلوث المناخ ويعوق التبادل الصناعي المهم مع الصين”.
وتنقسم شركات صناعة السيارات الأوروبية حول هذه القضية. وفي حين يدعم البعض، مثل “ستيلانتيس”، التدابير الرامية إلى حماية الشركات المصنعة المحلية، فإن آخرين، بما في ذلك مرسيدس بنز وفولكس فاغن، يحذرون من سياسات الحماية التي قد تؤخر التحول إلى اقتصاد أكثر اخضرارا على ما ذكرت بلومبيرغ.
وشدد هربرت ديس، الرئيس التنفيذي السابق لشركة فولكس فاغن، والذي يشغل الآن منصب رئيس مجلس إدارة شركة “إنفينيون تكنولوجيز”، على أن الصراعات التجارية المتصاعدة يمكن أن تضر بالاقتصاد العالمي.