تحولت المعادن الرئيسة حول العالم (النحاس والفضة والذهب) إلى حصان رابح منذ مطلع عام 2024، في سباق أكثر الأصول المستثمرة تحقيقا للعوائد عالميا.
ويكشف مسح -أجرته الأناضول استنادا إلى بورصات السلع وأسواق المال العالمية- عن أن المعادن كانت صاحبة أكبر المكاسب منذ مطلع العام الجاري، متفوقة على الأداء الاستثنائي لبورصة نيويورك.
وتأتي هذه المكاسب للمعادن الثلاثة، مع استمرار ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة عالميا، إلى جانب قيام بنوك مركزية بالتحوط من المخاطر بشراء الذهب، في حين زاد الطلب الصناعي على النحاس والفضة.
النحاس ملك الصناعة
يظهر المسح أن النحاس كان صاحب أعلى عائد للمستثمرين فيه خلال العام الجاري، بنسبة تجاوزت 30% حتى نهاية جلسة 30 مايو/أيار الجاري بقيمة 4.7 دولارات للكيلوغرام.
وارتفع الطلب العالمي على النحاس منذ عام 2023 مع ثورات الذكاء الاصطناعي، بحكم أنه عنصر رئيس يدخل في صناعة كل شيء، بدءا من السيارات الكهربائية إلى خطوط النقل، ومراكز البيانات التي تدعم الذكاء الاصطناعي.
وخلال العام الجاري، تهافتت الدول الكبرى -وعلى رأسها الولايات المتحدة- على توسيع استثماراتها في سوق النحاس وزيادة حصتها السوقية منه، عبر التوجه لشراء حصص رئيسة في شركات عالمية منتجة للنحاس.
الفضة أصل ومدخل إنتاج
أما الفضة، فقد أظهر مسار تحركها خلال العام الجاري ارتفاع سعر الأونصة بنسبة 29% حتى نهاية جلسة أمس الخميس إلى 31.2 دولارا.
ويعود ارتفاع أسعار أونصة الفضة عالميا إلى استفادتها من العوامل نفسها التي استفاد منها الذهب، مثل ارتفاع الطلب على الملاذ الآمن بسبب المخاطر الجيوسياسية.
كما تأثرت الفضة إيجابا بتوقعات خفض الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي (المركزي الأميركي) بحلول الربع الأخير من العام الجاري، إضافة إلى ارتفاع الطلب الاستثماري على الفضة.
وتميزت الفضة هذا العام، مستفيدة من الطلب الصناعي الفعلي عليها، لكونها عنصرا مهما في عديد من الصناعات، وعلى رأسها تقنيات الطاقة النظيفة، التي تزايد الاهتمام بها مؤخرا على مستوى العالم.
لذلك، تمتلك الفضة طبيعة مزدوجة، إذ تعمل بوصفها أصلا ماليا ومدخلا صناعيا.
والفضة مكون أساسي في الألواح الشمسية، ومع النمو القوي لهذه الصناعة، من المتوقع أن يصل استخدامها إلى مستويات قياسية هذا العام.
وتوقعت هيئة الفضة العالمية أن تواجه سوق الفضة نقصا في العرض للسنة الرابعة على التوالي خلال 2024، وربما تواجه ثاني أكبر فجوة في العرض على الإطلاق هذا العام بنسبة 17%.
الذهب
ومنذ مطلع العام الجاري، صعدت أسعار الذهب بنسبة 14.2% حتى نهاية جلسة الخميس إلى 2350 دولارا للأونصة، وهو أقل بنحو 100 دولار عن القمة التاريخية المسجلة خلال وقت سابق من أبريل/نيسان الماضي.
يأتي الارتفاع على أسعار الذهب في المقام الأول، وسط مواصلة البنوك المركزية العالمية التدافع لشراء الذهب، وسط مخاوف تسارع التضخم والتوترات الجيوسياسية.
وفي إجمالي الربع الأول 2024، اشترت البنوك المركزية حول العالم 290 طنا من الذهب، وهو أعلى مستوى في تلك الفترة على الإطلاق، حسب بيانات مجلس الذهب العالمي.
كما استمرت شهية الصين لشراء الذهب منذ مطلع 2023، إذ واصل بنك الشعب الصيني (المركزي الصيني) مشترياته من الذهب للشهر الـ18 على التوالي خلال أبريل/نيسان الماضي، إذ رفع إجمالي حيازته من الذهب إلى 2264.3 طنا.
ماذا عن البقية؟
يكشف تقرير -صدر عن صحيفة وول ستريت جورنال يوم 17 مايو/أيار الجاري- أن النحاس والفضة أكثر استثمارين في سوق السلع والأوراق المالية تحقيقا للعوائد.
في حين تفوقت أسهم التكنولوجيا الأميركية على الذهب، إذ حقق المستثمرون في تلك الأسهم عوائد نسبتها 20.1% منذ مطلع العام الجاري.
وبلغت العوائد للمستثمرين في الـ500 شركة المدرجة في مؤشر “ستاندرد آند بورز” (S&P 500) نحو 14%، بينما بلغت العوائد للمستثمرين في “داو جونز” الصناعي نحو 13.8%.
أما المستثمرون في عقود النفط، فقد بلغت عوائدهم نحو 7% فقط منذ مطلع العام الجاري، حسب بيانات سوق الخام.