أطلقت المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري عملية “طوفان الأقصى” لمواجهة ممارسات الاحتلال، وقوبلت برد إسرائيلي عسكري عنيف موجه نحو قطاع غزة هو الأعنف حتى الآن. ويتوقع أن يتكبد الاقتصاد الإسرائيلي جراء ذلك خسائر اقتصادية فادحة هي الأضخم منذ تأسيس دولة الاحتلال وفق تعبير محللين إسرائيليين وتقارير صحفية إسرائيلية.
خسائر قطاع المال
وبينما تستمر المواجهات في قطاع غزة، شهدت العملة الإسرائيلية (الشيكل)، انخفاضا إلى أدنى مستوى لها مقابل الدولار الأميركي خلال 8 سنوات.
وانخفض سعر الشيكل في اليوم الأول لعملية الطوفان بنسبة تزيد على 3% ووصل إلى 3.96 دولارات أميركية، مما اضطر البنك المركزي الإسرائيلي إلى ضخ مبالغ كبيرة تصل إلى 45 مليار شيكل (11.4 مليار دولار أميركي) حتى الآن للحد من التقلبات في سعر صرف الشيكل، وفقا لمحافظة البنك المركزي الإسرائيلي السابقة كارنيت فلوج في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ أمس الأربعاء.
كما تراجعت البورصة في تل أبيب بنسبة 8% في إغلاقات يوم الأحد الماضي، وهو أول يوم تداول بعد بداية عملية طوفان الأقصى.
وتكبد قطاع البنوك النسبة الأكبر من الخسائر في التداولات ناهزت 8.7% وسط عمليات بيع واسعة، علما أن بورصة الاحتلال قد واجهت الكثير من الصعوبات منذ بداية السنة الحالية بسبب ضعف التداولات عقب خطة تعديلات القضاء والاحتجاجات التي صاحبتها عندما حاولت الحكومة الإسرائيلية إقرارها من الكنيست.
خسائر قطاع الطاقة
ارتفع سعر النفط بمقدار 5 دولارات للبرميل عالميا بعد التطورات الأخيرة، كما أعلنت شركة شيفرون الاثنين أنها أغلقت حقل الغاز الطبيعي تمار، وهو الحقل الذي يعد من أهم المصادر للغاز المستخدم في توليد الكهرباء والتصدير.
ومن المنتظر أن يؤدي استمرار إغلاق الحقل إلى انخفاض صادرات الغاز الإسرائيلية نحو مصر والأردن، بالإضافة إلى زيادة الضغط على سوق الغاز العالمي مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة.
وبلغ إجمالي إنتاج الغاز الإسرائيلي 21.9 مليار متر مكعب في العام الماضي، وهو معدل قياسي لدولة الاحتلال وفقا لبيانات وزارة الطاقة الإسرائيلية.
وكان الإنتاج يتألف من إنتاج حقل ليفياثان (11.4 مليار متر مكعب) وحقل تمار (10.2 مليارات متر مكعب) وحقل كاريش (0.3 مليار متر مكعب).
وزاد استهلاك إسرائيل المحلي إلى 12.7 مليار متر مكعب، كما زادت صادرات الغاز إلى مصر والأردن في عام 2022 بنسبة 29% ووصلت إلى 9.2 مليارات متر مكعب.
خسائر قطاع الأعمال والتكنولوجيا
وأثرت المعارك بشكل كبير على الأعمال التجارية نظرا لوضع دولة الاحتلال في حالة الطوارئ واستدعاء أكثر من 300 ألف من الاحتياطيين للخدمة العسكرية، وهو حدث غير مسبوق في تاريخ إسرائيل.
ويشار إلى أن الجيش وسلاح الجو والبحرية الإسرائيلية تتألف من 150 ألف جندي نظامي فقط.
أما فيما يتعلق بقطاع أعمال التصنيع التكنولوجية المهم جدا في إسرائيل فإنه من المتوقع أن ينال الضربة الأكبر من حيث توقف الأعمال وتضررها.
وتمتلك معظم شركات التكنولوجيا الأميركية الكبيرة مكاتب إنتاج أو أبحاث وتطوير مهمة في إسرائيل، بما في ذلك مايكروسوفت وغوغل (ألفابيت) وآبل وأوراكل.
ولتوضيح الصورة أكثر للضرر المحتمل فإن إنتل على سبيل المثال كانت تنوي أن تستثمر 25 مليار دولار أميركي في بناء منشأة لتصنيع الرقائق الإلكترونية تقع على بُعد 30 دقيقة فقط من الحدود مع قطاع غزة.
خسائر قطاع السياحة
تعرض قطاع السياحة والطيران الإسرائيلي إلى ضرر فوري. فبعد قصف المقاومة لمطار بن غوريون في تل أبيب توقفت العمليات فيه بشكل كبير، وعلقت معظم شركات الطيران الأميركية والكندية إلى جانب شركات أوروبية خدماتها خصوصا بعد التحذير الذي أصدرته هيئة الطيران الفدرالية بسبب الحرب الدائرة.
وتعد هذه الخطوات مؤشرا على الخسائر المتوقعة بقطاع السياحة الإسرائيلي الذي بلغت عائداته نحو 13.5 مليار شيكل (أكثر من 3.4 مليارات دولار)، بعدما وفد 2.67 مليون سائح على إسرائيل في عام 2022، مقارنة بـ397 ألف سائح تم تسجيل دخولهم عام 2021.
إجمالي الخسائر المتوقعة
وقال بنك هبوعليم الإسرائيلي في تقرير لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إن تكلفة الحرب الدائرة في غزة لن تقل عن 7 مليارات دولار أميركي وفق البيانات الأولية، وقد تصل إلى قرابة الـ1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في حال تطورت الأحداث لتشمل الجبهة الشمالية.
وأوضح بنك إسرائيل أنه من السابق جدا تقدير الأضرار الاقتصادية الناتجة عن الصراع الحالي، لكنه أشار إلى أن الحرب التي استمرت لمدة 50 يوما مع المقاومة في قطاع غزة في عام 2014 تسببت في أضرار بلغت 3.5 مليارات شيكل (880 مليون دولار)، أي ما يعادل 0.3%من الناتج المحلي الإجمالي.
وكان البنك المركزي يتوقع نموا بنسبة 3% في عامي 2023 و2024 وهو المعدل الذي قد لا يتحقق وفقا للأحداث الجارية.
وكانت تقارير استعرضت تكاليف الحروب السابقة التي خاضها الاحتلال، حيث قُدرت تكاليف حرب لبنان الثانية عام 2006، التي استمرت 34 يوما، بنحو 2.4 مليار دولار، أو 1.3%، من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لمعهد دراسات الأمن القومي، في حين قُدرت تكلفة العدوان على غزة عام 2008 بنحو 835 مليون دولار.
ولم تعدل حتى الآن وكالات التصنيف الائتماني تصنيف إسرائيل بانتظار ما سيأتي من أحداث. ويعتمد كل شيء على المدة التي ستستغرقها الحرب الدائرة.
ولعل التعبئة الكبيرة للغاية لقوات الاحتياط تشير إلى أن الحرب الحالية ستستمر لأسابيع عديدة مما سيفتح المجال لمزيد من الخسائر الاقتصادية الموجعة لدولة الاحتلال.