اقتصاد سوريا والعقوبات.. أعباء ثقيلة خلفها نظام الأسد

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

يواجه اقتصاد سوريا تحديات جمة نتيجة العقوبات الغربية المفروضة على البلاد منذ عقود، التي تعيق جهود إعادة الإعمار والتنمية، ومع سقوط نظام البعث -الذي دام 61 عاما- في 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ثمة تساؤلات عن مستقبل هذه العقوبات وتأثيرها على الشعب السوري.

وكان الهدف من قرارات العقوبات المختلفة ضد نظام البعث لأسباب مثل الحرب الأهلية في سوريا، والعنف ضد المدنيين، وانتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم الحرب، ودعم المنظمات الإرهابية، هو وقف عنف النظام في البلاد والتحول إلى عملية الإصلاح.

لكن هذه العقوبات -التي سعت لإضعاف نظام عائلة الأسد ومعاقبته لانتهاكات حقوق الإنسان- خلقت أيضا عبئا كبيرا على الشعب السوري.

ومع سقوط نظام الأسد، لم يبقَ أي معنى للإجراءات التقييدية المختلفة التي فرضتها الدول الغربية على سوريا.

وتؤثر الإجراءات التي اتخذتها العديد من الدول والمنظمات الدولية بصورة كبيرة في الوضع الاقتصادي والسياسي في سوريا، وتجعل إعادة تطوير البلاد وانتعاشها أمرا عسيرا.

عقوبات أميركية منذ 1979

وبحسب المعلومات التي جمعتها الأناضول من وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين، فإن العقوبات على سوريا بدأت في ديسمبر/كانون الأول 1979، عندما صُنفت سوريا “دولة داعمة للإرهاب”.

وأدت هذه العقوبات إلى فرض حظر على الصادرات والمبيعات الدفاعية، وبعض الضوابط على تصدير المنتجات ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري على حد سواء، إضافة إلى قيود مالية مختلفة.

وفي مايو/أيار 2004 طُبقت قيود إضافية على الواردات والصادرات مع تنفيذ القانون الأميركي “قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية”.

ومع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 أصبحت العقوبات أكثر شمولا، وكانت الخطوط الرئيسية لهذه العقوبات هي الحظر التجاري على قطاعات الطاقة والمالية التي توفر الدخل لنظام بشار الأسد، وتجميد أصول كبار المسؤولين ومنع الشركات الأميركية من التعامل مع سوريا.

 

اتسع نطاق العقوبات مع إصدار (قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا) أو بعبارة مختصرة (قانون قيصر) الذي وقعه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأول 2019 ودخل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران 2020.

وكان موظف منشق عن النظام ملقب بـ”قيصر” سرب صورا لنحو 11 ألف جثة لأشخاص قُتلوا تحت التعذيب في الفترة بين مايو/أيار 2011 وأغسطس/آب 2013، وكشفت الصور عن أساليب التعذيب التي تعرض لها المعتقلون في معتقلات النظام.

وتهدف العقوبات الأميركية، لا سيما المفروضة على قطاعي البناء والطاقة، إلى زيادة صعوبة بقاء النظام اقتصاديا.

وكان البنك المركزي السوري أيضا هدفا للعقوبات المفروضة على الحكومة من أجل إعاقة القدرة التمويلية لنظام الأسد.

عقوبات الاتحاد الأوروبي

وسنّت دول الاتحاد الأوروبي العديد من التدابير التقييدية لإنهاء عنف نظام البعث ضد المدنيين، وإجبار النظام على الإصلاح، ووقف انتهاكات حقوق الإنسان، وتعزيز التحول السياسي السلمي.

وعقب تصاعد العنف والمستويات “غير المقبولة” من انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، علق الاتحاد الأوروبي جميع أشكال التعاون الثنائي مع الحكومة ومؤيديها في سوريا وفرض عقوبات في مايو/أيار 2011.

وقام الاتحاد الأوروبي، الذي فرض عقوبات اقتصادية مختلفة على سوريا، بفرض حظر على الأسلحة.

كما حُظرت واردات النفط الخام والمنتجات النفطية من سوريا، في حين فرض حظر على الاستثمار في صناعة النفط بالبلاد وشركات إنتاج الكهرباء.

أصول البنك المركزي

وفرض الاتحاد الأوروبي قيودا على تصدير المعدات والتقنيات التي يمكن لنظام الأسد استخدامها للقمع، فضلا عن تقنيات المراقبة أو التنصت على الإنترنت أو الاتصالات الهاتفية.

ولم يُسمح للمؤسسات المالية في سوريا بفتح فروع أو شركات تابعة في الاتحاد الأوروبي.

وكان قرار تمديد العقوبات الذي يهدف إلى الضغط على نظام البعث وإحداث التغيير في البلاد قد اتخذ في 28 مايو/أيار 2024.

وتنتهي عقوبات الاتحاد على سوريا، التي يتم تجديدها كل عام، في أول يونيو/حزيران 2025، ما لم يتم اتخاذ قرار جديد.

مناقشات العقوبات في الاتحاد الأوروبي

ومنذ انهيار نظام البعث في سوريا في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري، دارت مناقشات في الاتحاد حول ما إذا سيتم رفع العقوبات التي تستهدف النظام.

وتتوقع دول الاتحاد الأوروبي -التي لم تحدد بعد موقفا واضحا- أن تنهي الإدارة السورية الجديدة نفوذ إيران وروسيا في البلاد.

ورغم عدم ذكر ذلك صراحة، فإنه يعد شرطا لرفع العقوبات، ويطالب الاتحاد الأوروبي أيضا بتشكيل حكومة شاملة في سوريا واحترام سلامة أراضي البلاد وحقوق الأقليات.

آثار العقوبات

ورغم منح بعض الإعفاءات للغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية في ظل العقوبات المفروضة على سوريا، فإن الصعوبات البيروقراطية في إيصال هذه المساعدات تحول دون تخفيف آثارها على الشعب السوري.

ومن المتوقع أن يكون لرفع العقوبات المفروضة على سوريا فوائد مختلفة للبلاد، وأن يعجل الانتعاش الاقتصادي في سوريا، ويساعد على تنميتها.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *