الغزوة المعروفة بغزوة الخندق هي أيضًا معروفة باسم غزوة الأحزاب، وقد وقعت في شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة. في هذا الصراع، التقى جيش المسلمين بقيادة النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-، والذي بلغ عدده حوالي 3,000 محارب من المهاجرين والأنصار، مع جيش الأحزاب الذي ضم أعدادًا من القبائل العربية المعادية للمسلمين، وكذلك بعض أنصارهم. انتهت هذه الغزوة بانسحاب جيش الأحزاب وإعلان النصر لجيش المسلمين، مع حدوث بعض الخسائر التي قللت إلى أربعة قتلى من جيش الأحزاب وتسعة قتلى من جيش المسلمين.
سبب وقوع هذه الغزوة كان نتيجة لخرق يهود بني النضير لمعاهدتهم مع المسلمين وهجومهم على المسلمين ومحاولتهم قتلهم. رد المسلمون على هذا الهجوم كان بتجهيز جيش كبير والتوجه به إلى يهود بني النضير، مما أدى إلى محاصرتهم وإجبارهم على الاستسلام. تم عقوبتهم بالطرد من أراضيهم ونفيهم.
ومع ذلك، لم يستسلم يهود بني النضير بل قاموا بالتحضير للانتقام وشكلوا تحالفات مع القبائل العربية المعادية للمسلمين لشن هجوم على المدينة المنورة. وقد أشار سلمان الفارسي في غزوة الخندق على النبي بحفر خندق حول المدينة لمنع الكفار من دخولها، وتم حفر الخندق حول المدينة للتصدي لهذا الهجوم القادم. تم اختيار موقع حفر الخندق بعناية حيث تم بناؤه على الحدود الشمالية للمدينة، وهذه المنطقة كانت الأكثر عرضة لهجوم الأعداء.
بالرغم من الظروف الصعبة التي واجهها المسلمون أثناء حصار المدينة، إلا أنهم نجحوا في صد هجوم الأحزاب. كان للصبر والتحالف مع قبيلة غطفان دورًا كبيرًا في نجاحهم. استخدمت الدعوات والصلوات للنصر في هذا الوقت الحرج.
انتصار المسلمين في هذه الغزوة أسهم في تعزيز قوتهم وزاد من خوف أعدائهم. أظهرت هذه الغزوة غدر بني قريظة وعدم ولائهم للمسلمين، مما أدى فيما بعد إلى حدوث غزوة بني قريظة.
نتائج غزوة الخندق كانت متمثلة في انتصار المسلمين على أعدائهم، حيث عادت الأحزاب مدحورة بعدما خابت آمالهم. تغير موقف المسلمين خلال هذه الغزوة، إذ انقلب موقفهم من الدفاع إلى الهجوم. أظهرت هذه الغزوة صدق المسلمين وكشفت المنافقين، وكشفت أيضًا حقيقة اليهود من بني قريظة.
بالنسبة للقتلى في صفوف المسلمين، فإن الخسائر كانت محدودة حيث لم يقتل إلا عدد قليل منهم. من بين هؤلاء الشهداء: سعد بن معاذ الأشهلي الأوسي، وأنس بن عتيك الأوسي، وطفيل بن النعمان، وعبد الله بن سهل، وثعلبة بن عتمة السلمي، وكعب بن زيد النجاري، وسفيان بن عوف الأسلمي، وسليط، وسنان بن صيفي السلمي.
أما في صفوف المشركين، فقتل أربعة منهم في هذه الغزوة، وهم: عمرو بن عبد ود القرشي، وحسل بن عمرو بن عبد ود العامري القرشي، ونوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومي القرشي، ومنبه بن عثمان بن عبيد العبدري القرش.