كانت المقاومة القرشية في فتح مكة ضعيفة للغاية في تلك الفترة. ذكر ابن إسحاق أن عدد قتلى المسلمين في معركة الخندق، حيث شارك خالد بن الوليد وبعض المشركين في القتال، كان يتجاوز الثلاثة فرسان من المسلمين، بينما بلغ عدد قتلى المشركين حوالي اثني عشر رجلاً. ووفقًا لرواية موسى بن عقبة، بلغ عدد قتلى المشركين تقريبًا أربعة وعشرين شخصًا. ومن جهة أخرى، أشار الواقدي إلى أن عدد قتلى المشركين بلغ ثمانية وعشرين. وعلى الرغم من وجود رواية ضعيفة ذكرتها الطبراني تقول بأن عدد قتلى المشركين وصل إلى سبعين قتيلاً، إلا أن هذه الرواية ليست موثوقة.
تفاصيل فتح مكة
أما عن مجريات أحداث فتح مكة يمكن القول أنه بموجب اتفاق صلح الحديبية، فتحت أبواب السلم والمصالحة للجميع. يسمح لمن أراد الانضمام إلى حلف المسلمين بالمشاركة، بينما كان لأولئك الذين أرادوا الالتحاق بحلف قريش فرصة الدخول أيضًا. ولكن، بالرغم من هذا الصلح الذي وقعه النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع قريش، إلا أن الأوضاع لم تكن دائمًا سلمية.
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان هناك نزاعات وحروب قديمة بين بني بكر وخزاعة، وقرر بنو بكر الانتقام من خزاعة بسبب تلك النزاعات. قاموا بغارة ليلاً على خزاعة، ونشبت معركة بينهم. قريش ساندت بني بكر بالرجال والسلاح.
عمرو بن سالم الخزاعي اندفع سريعًا إلى المدينة لإبلاغ النبي صلى الله عليه وسلم بالهجوم الخائن الذي شنته قريش وحلفاؤه.
ولكن، قريش أرادت تفادي مواجهة كبيرة مع المسلمين وقررت إرسال أبي سفيان إلى المدينة لتجديد اتفاق الصلح. ولكن، النبي صلى الله عليه وسلم أمر المسلمين بالتحضير للقتال، وأخبرهم أنه سيتوجه إلى مكة. كما طلب منهم السرية وعدم الكشف عن موعد الهجوم على مكة.
في رمضان من السنة الثامنة للهجرة، غادر الجيش الإسلامي المدينة متجهًا نحو مكة. كانت هذه القوة تضم عشرة آلاف من الصحابة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد استخلف أبا ذر الغفاري لإدارة المدينة خلال غيابه.
في طريقه إلى مكة، التقى النبي صلى الله عليه وسلم بعمه العباس بن عبد المطلب، الذي كان قد أسلم وخرج مع أهله وأسرته كمسلمين. بينما كانوا بالجحفة، انضم العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدمه للمسلمين.
أثناء هذا الوقت، كان أبو سفيان يجسس على أخبار الجيش الإسلامي. عندما اكتشف العباس وجود أبو سفيان، نصحه بالانضمام إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليطلب الأمان. وبهذا التوجيه، قدم أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم برفقة العباس.
النبي صلى الله عليه وسلم التقى بأبو سفيان وقال له: “ألم تعلم أنه لا إله إلا الله؟ ألم تعلم أني رسول الله؟” فأسلم أبو سفيان وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. ثم أعلن النبي صلى الله عليه وسلم أن أي شخص دخل بيت أبي سفيان سيكون آمنًا.
بعد ذلك، قاد الجيش الإسلامي النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة. وبفضل هذا الفتح، تم تمكين الإسلام وأهله، وتحقيق النصر على الكفر وأتباعه، وتم إنقاذ مكة المكرمة والبيت العتيق من يد الكفار والمشركين.
ومن خلال هذا الفتح، انضم المزيد من الناس إلى دين الله وانتشرت رسالة الإسلام، وأضاءت الأرض بنور الهداية. إن الإسلام هو دين الرحمة والتسامح، ويعبر عن قيم السلام والحرية.