أعلن رئيس الإكوادور، دانييل نوبوا، عن وقوع “صراع مسلح داخلي” في البلاد، وأمر قوات الأمن “بتحييد” العديد من الجماعات الإجرامية المتهمة بنشر العنف الشديد في الدولة الواقعة في أميركا اللاتينية، وفقا لما ذكرت شبكة “سي إن إن” الأميركية.
وجاء المرسوم بعد وقت قصير من قيام رجال ملثمين ومسلحين بمقاطعة البث التلفزيوني المباشر، في واحد من حوادث عنف عدة شهدتها جميع أنحاء البلاد، الثلاثاء.
كما أفادت وسائل إعلام محلية، بانتشار أفراد مسلحين في مستشفى وجامعة بمدينة غواياكيل الساحلية.
وأصيب الإكوادوريون بالذهول عندما تابعوا عملية اقتحام لاستوديو بث مباشر في غواياكيل، حيث شوهد المهاجمون وهم يجبرون موظفي قناة ” تي سي” على الاستلقاء أرضا في الاستوديو، بينما سُمعت طلقات نارية وصراخ في الخلفية، حسبما أظهر مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وثق الهجوم على الشبكة المملوكة للدولة.
وقالت شرطة الإكوادور في وقت لاحق، إنها ألقت القبض على جميع المسلحين، في حين تم إجلاء الموظفين في القناة، مؤكدة أن جميع العاملين والرهائن بتلك اللمحطة لم يتعرضوا لأذى.
وقال القائد العام للشرطة الوطنية، سيزار زاباتا، إنه تم العثور على ما لا يقل عن 4 أسلحة نارية وقنبلتين يدويتين و”مواد متفجرة”، مؤكدا اعتقال 13 شخصا.
وأوضح زاباتا أنه سيتم تقديم الجناة إلى العدالة بسبب “أعمالهم الإرهابية”.
ووصف المذيع في قناة “تي سي”، خورخي ريندون، الاستيلاء على البث بأنه “هجوم عنيف للغاية”.
وقال ريندون في مقطع فيديو في حساب الرسمي للقناة على منصة إكس: “لقد أرادوا اقتحام الاستوديو حتى نتمكن من قول ما يريدون، وإيصال رسائل معينة”.
وأضاف ريندون أنه “علم بإطلاق النار على شخص وإصابة آخر على يد المهاجمين”.
وأعلنت السلطات لاحقا مقتل 10 أشخاص على الأقلّ، بينهم شرطيان، بحسب حصيلة أولية كشفت عنها الشرطة مساء الثلاثاء.
رعب وهلع
وأثارت تلك الأوضاع الخوف والهلع بين المواطنين، إذ وصفت امراة تعيش خارج غواياكيل، وطلب منها رب عملها العودة إلى المنزل مبكرًا، حركة المرور الفوضوية، بقولها: “كانت السيارات تسير في الاتجاه الخاطئ.. كان الجميع يحاولون الهرب”.
وأردفت: “الأمر الأكثر رعبًا كان رؤية اليأس في عيون الناس ومشاهدة الشركات تغلق أبوابها، وأشخاص خائفين، خاصة الأطفال والنساء، إذ أنهم يركضون والهلع باد عليهم في الطرق المخصصة للسيارات فقط”.
وهزت البلاد انفجارات وعمليات اعتقالات واضطرابات في السجون، منذ أن أعلن الرئيس نوبوا، الإثنين، حالة الطوارئ على مستوى البلاد، بعد هروب زعيم العصابة البارز أدولفو “فيتو” ماسياس من سجن في غواياكيل.
ومن المتوقع أن تستمر حالة الطوارئ لمدة 60 يوما، حيث جرى استنفار قوات الشرطة والجيش للحفاظ على النظام العام، وتم إعلان حظر للتجول من الساعة 11 ليلا حتى الساعة 5 صباحًا.
وجرى أيضا تقييد التجمعات والإجراءات التي قد تهدد النظام العام.
ومنذ الإعلان عن حالة الطوارئ، تم اختطاف ما لا يقل عن 7 من رجال الشرطة في 3 مدن مختلفة، وفقًا لما نشرته الشرطة الوطنية على منصة إكس.
ويعد العنف المتصاعد هو الاختبار الأكثر خطورة حتى الآن للرئيس الجديد، الذي فاز في جولة الإعادة العام الماضي بعدما تعهد بمكافحة العصابات الإجرامية.
وقالت الشرطة إنه في إحدى عمليات الاختطاف التي وقعت هذا الأسبوع، والتي احتُجز خلالها 3 عناصر، تم “وضع وتفجير” عبوة ناسفة في سيارة كان الضباط يتواجدون فيها.
وفي إسميرالداس، شمال غربي البلاد، أضرمت النيران في سيارتين، تسببت إحداهما في حدوث حريق في محطة وقود.
وفي العاصمة كيتو، عثرت الشرطة على سيارة محترقة وداخلها آثار أسطوانات غاز، فيما أفاد سكان عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنهم سمعوا دوي انفجار قوي في المنطقة.
وقالت الشرطة أيضًا إنها تلقت تقارير عن انفجارات عند جسر للمشاة خارج كيتو، لافتة إلى ووقع “أكثر من 20 حالة طوارئ خلال مساء (الإثنين) وفجر (الثلاثاء) في أجزاء مختلفة من البلاد”، دون وجود أي بلاغات عن وقوع ضحايا جراء الانفجارات.
من جابنها، أعلنت دائرة السجون في الإكوادور، إن ما لا يقل عن ستة حوادث وقعت داخل مرافق السجون يوم الإثنين، بما في ذلك الاضطرابات واحتجاز عناصر من الشرطة فيي السجون. لافتين إلى أن الأوضاع لا تزال خارج السيطرة.
عصابات متنافسة
وبحسب مراقبين، فإن تدهور الوضع الأمني في البلاد يرجع إلى حد كبير إلى المنظمات الإجرامية المتنافسة، التي كانت تشن أعمال العنف الوحشية والعلنية في كثير من الأحيان في شوارع وسجون البلاد في إطار محاولاتها للسيطرة على طرق تهريب المخدرات.
وهرب زعيم عصابة يدعى، فابريسيو كولون بيكو، من سجن بمدينة ريوبامبا في الساعات القليلة الماضية، بحسب عمدة المدينة جون فينويزا.
وقالت القوات المسلحة الإكوادورية إنها نفذت عمليات لحفظ الأمن، ليلة الاثنين وصباح الثلاثاء، في أكثر المناطق التي تشهد اضطرابات.
وقالت الحكومة، الأحد، إن البحث عن ماسياس، المعروف باسمه المستعار “فيتو”، مستمر حيث تم نشر أكثر من 3000 من ضباط الشرطة وأفراد القوات المسلحة للعثور عليه.
وأعلنت سلطات الإكوادور، أنها لم تحدد بعد الوقت والتاريخ المحددين لفرار ماسياس من السجن.
وماسياس هو زعيم مافيا “لوس تشونيروس”، إحدى العصابات الأكثر رعبا في الإكوادور، والتي ارتبطت بتهريب المخدرات عن طريق البحر إلى المكسيك والولايات المتحدة بالتنسيق مع كارتل “سينالوا” المكسيكي، وجبهة” أوليفر سينيستيرا” في كولومبيا، وفقا لمركز أبحاث إنسايت كرايم.
وكان قد جرى سجن ماسياس بعد إدانته بتهريب المخدرات.
وقبل اغتياله، قال المرشح الرئاسي الإكوادوري الراحل فرناندو فيلافيسينسيو، في يوليو، إنه تلقى تهديدات من ماسياس، والذي حذره فيها من مواصلة حملته الانتخابية ضد عنف العصابات.
وعلى الجانب السياسي، تعقد الجمعية الوطنية في الإكوادور اجتماعا طارئا “لاتخاذ إجراءات ملموسة في مواجهة الاضطرابات والأعمال التي تهدد السلام العام”.
استنفار في البيرو
وفي خضم الاضطرابات في الإكوادور، قال مسؤولون في بيرو المجاورة إن البلاد تخطط لإعلان حالة الطوارئ على طول منطقة الحدود الشمالية بأكملها.
وقالت وزارة الداخلية في بيرو، إنه تم توجيه أوامر للشرطة الوطنية بتعزيز الأمن على الحدود مع الإكوادور.
قلق في واشنطن
من جانبها، أعلنت الولايات المتحدة، الثلاثاء، أنها “قلقة للغاية” إزاء أعمال العنف الجارية في الإكوادور. وفي منشور على منصة “إكس”، قال المسؤول عن شؤون أميركا اللاتينية في وزارة الخارجية الأميركية، براين نيكولز: “نشعر بقلق بالغ إزاء أعمال العنف وعمليات الاختطاف التي وقعت اليوم في الإكوادور”.
وأضاف أن المسؤولين الأميركيين “سيظلّون على اتصال وثيق” بنظرائهم الإكوادوريين لبحث سبل معالجة الأزمة الراهنة.
وبدوره، قال متحدّث باسم الوزارة، إن الولايات المتحدة “تدين هذه الهجمات الوقحة” بحسب وكالة فرانس برس
وأضاف:”نحن على اتصال وثيق مع الرئيس (دانيال) نوبوا والحكومة الإكوادورية، ونحن على استعداد لتقديم المساعدة”.
الصين تعلّق أعمال سفارتها في الإكوادور
أعلنت بكين، الأربعاء، أنها علّقت الأنشطة القنصلية لسفارتها في كيتو، وكذلك أنشطة قنصليتها، حسب فرانس برس.
وقالت السفارة الصينية في الإكوادور في بيان باللغة الإسبانية نشرته على موقع “ويبو” للتواصل الاجتماعي، إن موعد استئناف هذه الأنشطة المعلقة “سيتمّ الإعلان عنه للجمهور في الوقت الملائم”.