ما أسباب تعثر تجارة النفط بين إيران والصين؟ وما التداعيات على الأسواق؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

طهران-  تترقب أسواق النفط ما سيسفر عنه تعثر صادرات الخام الإيرانية إلى الصين، في الوقت الذي راوحت الأسعار فيه مكانها تقريبا منذ بداية السنة، ووسط توترات إقليمية ومراقبة أداء الاقتصادات العالمية.

وبعد مرور أكثر من عامين على توقيع الوثيقة الإستراتيجية بين طهران وبكين لمدة 25 عاما، نقلت وكالة “رويترز”، الجمعة الماضية، عن مصادر في قطاع التجارة والمصافي قولها إن “تجارة النفط بين الصين وإيران تعثرت مع قيام طهران بحجب الشحنات ومطالبتها بأسعار أعلى من أكبر عملائها، مما يقلص الإمدادات الرخيصة لأكبر مستورد للخام في العالم”.

وقد يؤدي انخفاض إمدادات النفط الإيراني، الذي يشكل نحو 10% من واردات الصين من الخام، والذي بلغ مستوى قياسيا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى دعم الأسعار العالمية والضغط على أرباح مصافي التكرير الصينية.

تقارير متضاربة

لم تعلق الجهات الرسمية الإيرانية على التقرير، لكن وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إرنا) الرسمية سارعت إلى نفي تراجع صادرات النفط الإيراني إلى الصين، على لسان رئيس غرفة التجارة الإيرانية الصينية المشتركة، مجيد رضا حريري الذي وصف التخفيضات التي تقدمها إيران للصين في بيع النفط بـ”الأسرار”.

وأكد حريري، أنه رغم العقوبات الأميركية على النفط الإيراني، فإن صادرات طهران من النفط للصين هي الأعلى على الإطلاق، ورأى أنه لا يصح الإفصاح عن التفاصيل بسبب العقوبات الأجنبية.

من ناحيتها، نشرت صحيفة “همشهري” التابعة لبلدية طهران تقريرا تقول فيه إنه “خلافا لتقرير رويترز، فإن صادرات النفط الإيراني إلى الصين ارتفعت بصورة ملحوظة خلال الأشهر الأخيرة من السنة الماضية”، وإن “مشتريات الصين من النفط الإيراني قد بلغت 1.2 مليون برميل يوميا خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي”.

ويأتي ذلك بعد نحو 4 أشهر من إشارة معهد كبلر لتتبع شحنات النفط الصيف الماضي إلى أن صادرات النفط الإيرانية إلى الصين ارتفعت إلى 1.5 مليون برميل يوميا خلال أغسطس/آب الماضي، وهو أعلى مستوى لها منذ نحو عقد.

تراجع الإمدادات

من جهته، أكّد رئيس نقابة مصدري النفط والغاز والبتروكيمياويات، حميد حسيني لـ”الجزيرة نت” صحة التقارير بشأن تعثر تدفق نفط بلاده إلى حليفتها الصين، بعد أن أقدمت على تقليص الخصم على نفطها مرتين منذ الأشهر الخمسة المنصرمة بقيمة نحو 4 دولارات للبرميل كل مرة.

وأضاف حسيني أنها تنوي خفض الخصومات مرة أخرى خلال الفترة القصيرة المقبلة بواقع نحو 4 دولارات، واصفا تراجع مشتريات الصين من نفط إيران على المدى القصير بأنه “أمر طبيعي”.
لكن الحسيني توقع أن تعود مبيعات نفط بلده إلى الصين إلى ما كانت عليه بسبب عدم وجود بدائل للموردين الصينيين، إذ تشتري شركات صغيرة من القطاع الخاص هذا الخام، وتجني من ورائه أرباحا طائلة جراء التخفيضات في أسعار التصدير الإيرانية.

أسباب وأهداف

وأرجع الحسيني سبب الخطوة الإيرانية إلى تقديرات طهران بشأن أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، نظرا لخروج النفط الفنزويلي من السوق والتوترات الأمنية في البحر الأحمر، وأسعار الخام العالمية.
فضلا عن أن عجز الموازنة الإيرانية، وفق الحسيني، يتطلب زيادة مدخولات الدولة والعمل على سد الفجوة وتمويل العجز من خلال رفع أسعار مبيعاتها من النفط، مؤكدا أن تقديرات بلاده تشير إلى احتمال “تقويض قدرة الدولار” خلال العام الجديد، مما حدا بطهران لرفع أسعار نفطها، حسب قوله.

وتوقع المسؤول الإيراني ارتفاع الطلب على نفط طهران خلال العام الجديد جراء الفجوة في إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وتوقعات وكالة الطاقة الدولية بنمو الطلب العالمي على النفط، نافيا عزم بلاده تصدير فائض نفطها إلى الدول التي تستضيف المصافي العابرة للقارات التي استثمرت فيها إيران خلال السنوات الماضية.

 

“خطوة ذكية”

من جانبها، وصفت وكالة أنباء “إينرجي برس” الإيرانية قرار طهران خفض الخصومات على مبيعاتها النفطية للصين بأنها “خطوة ذكية”، مؤكدة أن تراجع عرض النفط الإيراني من شأنه أن يسهم في رفع الأسعار العالمية للنفط.

وأعلنت الوكالة، في تقريرها المعنون “وقف تصدير النفط إلى الصين، القرار النفطي الأصح للحكومة”، أن مبيعات النفط الإيرانية للصين قفزت في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى أكثر من 1.8 مليون برميل يوميا، وذلك بسبب “تزايد احتياطات النفط الإيراني على سطح مياه البحار”، مشيرة إلى أن مجمل الخصومات على مبيعات النفط للصين بلغت الأشهر التسعة الماضية 4.2 مليارات دولار.

واضطرت إيران إلى تقديم خصومات أكبر عقب العقوبات الغربية على صادرات النفط الروسي إثر الحرب الروسية الأوكرانية، وفقا لتقرير إينرجي برس، الذي عدّ النفط الروسي منافسا لنظيره الإيراني في الصين، وكشف عن ارتفاع نفقات تسليم النفط الإيراني للموردين الصينيين، بسبب الضرورة إلى تسليمه بشكل غير مباشر عبر دولة ثالثة مثل ماليزيا.

وفيما توفر الصين مليارات الدولارات عبر شراء نفط بخصم كبير من منتجين خاضعين للعقوبات على رأسهم إيران، فإن الأخيرة تتفاوض مع شركات صينية لمقايضة النفط الإيراني مقابل تنفيذ مشاريع السكن في البلد الذي يعاني أزمة منذ عقود في نشاط الإسكان.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *