حذر مقال في موقع “موندويس” الأميركي من تضخيم حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط في وقت تقف فيه المنطقة على حافة الهاوية، منتقدا ما أسماه “الدعم الأعمى” الأميركي لحملة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة.
وأكد كاتب المقال ميتشل بليتنيك -وهو رئيس مؤسسة إعادة التفكير في السياسة الخارجية (Rethinking Foreign Policy) أن زعزعة الاستقرار ناجمة عن المذبحة الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة، وعن الدعم “المتهور” الذي تقدمه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتل أبيب.
وقال الكاتب إن بايدن وإدارته وضعوا أنفسهم في موقف صعب بدعمهم “الأعمى” لإسرائيل وتحريضهم إياها على الحرب في غزة ولبنان.
أفصحوا عن نواياهم
وأضاف الكاتب -الذي عمل في السابق مديرا مشاركا لمنظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام” ومديرا لمكتب منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية في الولايات المتحدة– أن قادة إسرائيليين، من بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن إيتمار بن غفير، دأبوا على الإفصاح عن نواياهم بتنفيذ عمليات تطهير عرقي في قطاع غزة.
وردا على تلك النوايا، حاولت واشنطن تصويرها على أنها تصريحات هامشية ولا تمثل توجهات الحكومة الإسرائيلية.
ويؤكد الكاتب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والعديد من أعضاء حزب الليكود الحاكم يطلقون تصريحات مماثلة. ولحسن حظ بايدن وكوادره من مؤيدي الإبادة الجماعية أن التزمت وسائل الإعلام الأميركية “الساذجة” الصمت إزاء تلك التصريحات، بينما سلطت الضوء على أقوال سموتريتش وبن غفير.
لا تولي حياتهم قيمة
وحسب المقال فإن إحدى نقاط السياسة الفعلية -التي دفعت الولايات المتحدة إلى المشاركة بالإبادة الجماعية الجارية في غزة- تكمن في رغبتها احتواء القتال في مسعى منها لقصر المذبحة على الفلسطينيين “الذين لا تولي الإدارة حياتهم أي قيمة” لكنها في الوقت نفسه لا تريد للحرب أن تمتد إلى باقي المنطقة.
ووفقا للكاتب، فإن الولايات المتحدة لا تخدم نفسها بسماحها لإسرائيل بفرض إرادتها على سير الأحداث دون أي معارضة تقريبا، باستثناء “توبيخ فارغ ومهادن أحيانا”.
وزعم أن حزب الله اللبناني وجماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، أعلنا عن تضامنهما مع الشعب الفلسطيني أملا في أن يدفع موقفهما هذا الولايات المتحدة لممارسة ضغط على إسرائيل لحملها على التراجع عن هجماتها التي تتسم بطابع الإبادة الجماعية.
إجراءات متهورة
وذكر مقال موقع “موندويس” أن الحكومة الإسرائيلية حددت بعض الأهداف التي تتجاوز غزة، واتخذت بعض الإجراءات المتهورة التي تنذر بالتصعيد.
واستشهد في ذلك بإقدام إسرائيل على اغتيال كل من القيادي في الحرس الثوري الإيراني في سوريا رضي موسوي، والقيادي بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) صالح العاروري، ثم القائد العسكري في حزب الله حسين يزبك، ومشتاق طالب السعيدية نائب قائد عمليات الحشد الشعبي العراقي في بغداد.
وتابع رئيس مؤسسة إعادة التفكير بالسياسة الخارجية قائلا إن إسرائيل تريد من حزب الله الابتعاد حوالي 29 كيلومترا إلى داخل حدود لبنان الجنوبية، بحجة أنها الوسيلة الوحيدة للسماح لسكان شمال إسرائيل، والتي تم إخلاؤها بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، بالعودة إلى منازلهم. ولكن حزب الله لا يرغب في الإذعان لمطالب إسرائيل طالما ظلت غزة تتعرض للعدوان، وفق رأي الكاتب.
ووفقا للمقال، فمن المرجح أن تواصل إسرائيل تصعيدها التدريجي لكي يتسنى لها نقل مزيد من قواتها من غزة إلى منطقة الحدود الشمالية، مثلما صعدت الولايات المتحدة من عملياتها ضد الحوثيين في البحر الأحمر.
حتما سيزداد التصعيد
وقال الكاتب إن عمليات التصعيد هذه ستزداد حتما، محذرا من أن أي خطوة غير محسوبة أو تصرف متعمد من بعض الأطراف من شأنه أن يتسبب في اندلاع حرب إقليمية ترغب معظم هذه الأطراف في تفاديها.
ويرى أن بالإمكان تجنب كل تلك الأخطار بوقف التطهير العرقي في غزة، وهو ما تريده أغلب دول العالم، باستثناء الولايات المتحدة وإسرائيل، حسب قوله.
وقد تضطر إسرائيل أخيرا -بحسب المقال- إلى الاعتراف بأن العالم لن يسمح لها بإفراغ غزة من سكانها. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أعلن الخميس خطة تجعل إسرائيل تسيطر بالكامل على غزة، ولكنها “ستسمح” ببعض السيطرة المدنية الفلسطينية.
واعتبر الكاتب أن خطة غالانت لا تعبر عن موقف إسرائيلي رسمي، بقدر ما هي إعلان يهدف إلى تهدئة إدارة بايدن التي تشعر بالقلق إزاء دعم إسرائيل التطهير العرقي صراحة، في حين لا تلتزم بوقف أيٍ من جرائمها في غزة.
ويختم مقاله بالتحذير من أن خطر انفجار المنطقة لا يزال مرتفعا وسيستمر في التصاعد، وإذا لم تتخل الولايات المتحدة عن مسارها الحالي في دعم العنف الإسرائيلي، وبالعنف الذي تمارسه هي نفسها وخروجها على القانون، فإن الانفجار سيحدث نهاية المطاف مثلما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.