صحيفة “الواشنطن بوست” كشفت في تقرير لها عن تفاصيل وكواليس العملية التي التي تمت على الأرض بواسطة مجموعة من المتطوعين.
والعملية هي الوحيدة المعروفة من نوعها لإخراج مواطنين أميركيين وأفراد عائلاتهم المقربين، خلال أشهر الغارات الجوية الإسرائيلية المدمرة والقتال العنيف في غزة.
كيف تمت العملية؟
وخرجت زهرة سكاك (44 عاما) من غزة في ليلة رأس السنة، مع صهرها فريد، وهو مواطن أميركي.
وفي التفاصيل، كشفت الصحيفة أن زوج زهرة الذي يدعى عبيد الله سكاك (56 عاما) توفي في 26 نوفمبر بعد إصابته بما تعتقد الأسرة أنه رصاصة إسرائيلية طائشة.
في أواخر الشهر الماضي، اتصل فادي سكاك، 25 عاما، بوسائل الإعلام لتقديم نداء علني لمساعدة أمه وعمه العالقان في القطاع.
وبمساعدة رابطة الحقوق المدنية العربية الأميركية، تم ربط سكاك، وهو طالب إدارة أعمال في جامعة ولاية سان خوسيه، بمجموعة من قدامى المحاربين العسكريين الأميركيين المتخصصين في تنسيق عمليات الإجلاء الإنساني من مناطق الحرب.
وقالت الصحيفة إن الرابطة تعاطفت مع فادي، خاصة وأن أحد شقيقيه، راجي، جندي مشاة في الجيش الأميركي المنتشر في كوريا الجنوبية.
وأضافت أن عملية الإنقاذ كانت غير عادية وتم تنفيذها في عمق القطاع الفلسطيني بعد عدة أيام من المفاوضات المكثفة بين الحكومتين الأميركية والإسرائيلية.
وبناءً على إلحاح من مسؤولي البيت الأبيض وشخصيات رئيسية أخرى في واشنطن، وافق كبار المسؤولين الإسرائيليين على إخراج زهرة سكاك مع صهرها فريد، ودعموا مرورهم دون عوائق إلى الحدود مع مصر، حيث عبروا الحدود في 31 ديسمبر.
وبحسب الصحيفة فقد تم تنفيذ المهمة النهارية من قبل فريق صغير من المتطوعين، دون وقوع أي حادث.
وفي مقابلة، وصفت زهرة سكاك، 44 عاما، الرحلة بأنها “مرعبة”، ورفضت تحديد موقعها خشية أن يؤدي ذلك إلى تعريض حياتها للخطر مرة أخرى، لكنها قالت إنها تتلقى رعاية طبية وتتعافى تدريجياً.
وتستند هذه الرواية إلى مقابلات مع 11 شخصا مطلعين على محنة عائلة سكاك، والجهود التي بذلتها الولايات المتحدة وإسرائيل لتسهيل العملية السرية التي جرت الشهر الماضي.
ولم تستجب الحكومة الإسرائيلية لطلبات التعليق.
ورفض المتحدثون الرسميون في البيت الأبيض ووزارة الدفاع (البنتاغون) ووزارة الخارجية الإجابة على معظم الأسئلة حول عملية الإنقاذ أو جعل المشاركين بشكل مباشر متاحين لإجراء مقابلات.
وقال أحد المسؤولين: “على الرغم من أن العديد من الأميركيين ما زالوا معرضين للخطر، وتولي حكومتنا اهتماما وثيقا لوضعهم وتبذل كل ما في وسعنا لاستعادتهم، فقد سنحت هذه الفرصة نفسها، لقد بذلنا كل ما في وسعنا لإعادة عائلة هذا الجندي إلى بر الأمان، نحن محظوظون لأننا عملنا مع جميع الوكالات والشركاء لتحقيق نتيجة ناجحة.”
وأكد مسؤولون أنه لم تكن هناك قوات أميركية على الإطلاق في غزة أثناء عملية الإنقاذ.
وقال الجندي راجي سكاك في مقابلة إنه اتصل برؤسائه في الجيش في كوريا الجنوبية لطلب المساعدة في إجلاء والديه من غزة، لكن تم توجيهه إلى ما وصفه بـ”وثائق الهجرة غير المفيدة”.
وقال إنه بصفته جنديا صغيرا، لم يشعر بالقدرة على “تصعيد” طلبه.
لكن كل شيء تغير بمجرد ظهور قصة شقيقه في الأخبار الوطنية في أواخر ديسمبر، حيث تم استدعاؤه إلى مكتب اللفتنانت كولونيل لويد فولشليغل، قائد كتيبته، وأجرى مكالمة مع مسؤول عسكري أكبر.
وقال إن البيت الأبيض كان يبحث عن خيارات لإخراج والدته من غزة.
شارك بريت ماكغورك، وهو مسؤول كبير في البيت الأبيض يتمتع بعلاقات واسعة في الشرق الأوسط في تنسيق العملية.
وأكد ماكغورك للحكومة الإسرائيلية أن إدارة بايدن تدعم جهود إخلاء عائلة سكاك وحث نظراءه على إعطاء الأولوية لهذه القضية.
وكان أندرو بي ميلر، نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، مشاركا أيضاً، حيث أرسل بريدا إلكترونيا إلى فادي سكاك، شقيق الجندي، قبل أيام قليلة من عملية الإنقاذ لإبلاغه بالاستراتيجية التي كانت قيد التنفيذ.
وجاء في الرسالة الإلكترونية التي حصلت “واشنطن بوست” على نسخة منها: “الخطة الحالية هي أن يتم اصطحاب والدتك وعمك، ونقلهما إلى معبر رفح الحدودي للعبور إلى مصر”.
وفي رسالته الإلكترونية، أشار ميلر إلى أن سفارة الولايات المتحدة في القاهرة ستجري مقابلة مع زهرة سكاك للحصول على تأشيرة لغير المهاجرين.
وفي 24 ديسمبر، وقع اللفتنانت جنرال مايكل فينزل، وهو مسؤول عسكري أميركي كبير مكلف بالتنسيق مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين، على رسالة للسلطات الإسرائيلية للتحقق من علاقة عائلة سكاك بأحد أفراد الجيش الأميركي.
كما اتخذ مسؤولون كبار آخرون في مقر الجيش، بما في ذلك مدير أركان الجيش المنتهية ولايته اللفتنانت جنرال والتر بيات، وأفراد في مكتب وزيرة الجيش كريستين ورموث، إجراءات لضمان عدم وجود حواجز إدارية على الطرق.
لماذا تواجدت العائلة في القطاع؟
انتقلت زهرة وعبدالله سكاك، في الأصل من الأردن وقطاع غزة، إلى الولايات المتحدة، حيث وُلد الأطفال في تكساس قبل أن ينتقلوا إلى كاليفورنيا.
وفي عام 2008، عاد الجميع إلى غزة، منزل عبيد الله، ليكونوا بالقرب من العائلة.
عاد فادي سكاك إلى الولايات المتحدة في سن 15 عامًا، وعاد شقيقه راجي بعد المدرسة الثانوية.
وقال فادي سكاك إن والديه كافحا للعثور على عمل في غزة، حيث كانت فرص العمل نادرة حتى قبل الحرب.
وأضاف أنهم بدلاً من ذلك اعتمدوا “فقط على الأموال التي أرسلتها لهم كمصدر دخل أساسي لهم”.
وأكمل أنه أثناء إقامته في الولايات المتحدة منذ سنوات، عمل والده في عدة وظائف، حيث قاد شاحنة آيس كريم لبعض الوقت، وقام بالطهي في بيتزا هت وكنتاكي.