أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه ناقش في السعودية، الاثنين، مسألة التطبيع مع إسرائيل وتنسيق الجهود لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، وذلك في إطار جولة في المنطقة يسعى خلالها لمنع تحوّل الحرب الراهنة إلى صراع إقليمي.
وجاء كلام الوزير الأميركي بعد لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في خيمته الشتوية على مشارف مدينة العُلا التي تضمّ مواقع مدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة يونيسكو.
وقال بليكن قبيل صعوده إلى الطائرة للتوجّه إلى إسرائيل، إنّه في ما يتعلّق بالتطبيع “تحدّثنا عن ذلك في الواقع في كل محطة (من الجولة) بما في ذلك بالطبع هنا في السعودية”.
وأضاف “هناك اهتمام واضح هنا بالسعي إلى ذلك… لكن الأمر سيتطلب إنهاء النزاع في غزة… وإيجاد مسار عملي لقيام دولة فلسطين”.
وعرقلت الحرب بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر، جهود التوصل لاتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية.
ولم تعترف السعودية بإسرائيل ولم تنضمّ لاتفاقيات أبراهام الموقعة في 2020 برعاية أميركية بين إسرائيل وكلّ من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
وانتقدت الرياض مرارًا بأشدّ العبارات الهجمات الإسرائيلية على المدنيين في بيانات رسمية، وكذلك فعل ولي العهد بنفسه قبل استضافته قمة عربية إسلامية تمحورت حول الحرب في غزة.
وليل الاثنين، وصل بلينكن إلى تلّ أبيب على أن يجري في اليوم التالي مناقشات يتوقع أن تكون صعبة مع مسؤولين إسرائيليين إذ يعتزم التشديد على وجوب الحدّ من الضحايا المدنيين الفلسطينيين في غزة.
“قرارات صعبة”
واستهل الوزير الأميركي جولته الرابعة في المنطقة منذ اندلاع الحرب في غزة التي دخلت شهرها الرابع، من تركيا وشملت حتى اليوم اليونان والأردن وقطر والإمارات.
وأكّد بلينكن الاثنين أنّ هناك “توافقًا واسعًا” بين قادة الدول التي زارها على ضرورة ضمان أمن إسرائيل وتوحيد القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وغزة وقيام دولة فلسطين.
وقال بلينكن لصحفيين في مطار العُلا، “لا أحد تحدثتُ معه يظنّ أنّ أيًا من هذا سيكون سهلاً… لكننا توافقنا على العمل معًا وتنسيق جهودنا لمساعدة غزة في تحقيق الاستقرار والتعافي، ورسم مسار سياسي للمضي قدمًا من أجل الفلسطينيين، والعمل على تحقيق السلام والأمن والاستقرار على المدى الطويل”.
وأكد أنه لمس أيضًا أنّ “القادة مستعدون لتقديم الالتزامات اللازمة لاتخاذ القرارات الصعبة لتحقيق كل هذه الأهداف”.
وأفادت وكالة الأنباء السعودية “واس” أنّ وليّ العهد، الحاكم الفعلي للمملكة، أكّد لبلينكن خلال لقائهما على “أهمية وقف العمليات العسكرية، وتكثيف مزيد من الجهود على الصعيد الإنساني، والعمل على تهيئة الظروف لعودة الاستقرار واستعادة مسار السلام بما يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وتحقيق السلام العادل والدائم”.
على صعيد آخر، ناقش بلينكن مع الأمير محمد بن سلمان هجمات الحوثيين اليمنيين على السفن في البحر الأحمر التي تعكّر صفو التجارة العالمية.
وجاء في بيان نشرته وزارة الخارجية الأميركية عقب المحادثات أنّ بلينكن وولي العهود السعودي “بحثا في الجهود المبذولة للحدّ من التوترات الإقليمية بما في ذلك ردع هجمات الحوثيين على الملاحة التجارية في البحر الأحمر”.
ومنذ أسابيع، يشنّ الحوثيون هجمات بطائرات مُسيَّرة وصواريخ تستهدف سفنًا يعتبرونها مرتبطة بإسرائيل أو تلك التي يشتبهون في أنها متّجهة إلى موانئ إسرائيلية، بالقرب من مضيق باب المندب الاستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر.
والأسبوع الماضي، حذّرت 12 دولة على رأسها الولايات المتحدة، الحوثيين المدعومين من إيران من عواقب لم تحددها، ما لم يوقفوا فوراً هجماتهم على السفن في البحر الأحمر.
ويكتسي الموضوع حساسية كبرى بالنسبة للسعوديين الذين يخوضون منذ أشهر مفاوضات متقطّعة مع الحوثيين لوضع الحرب في اليمن على سكّة الحلّ.
واندلع النزاع في اليمن في 2014. وسيطر الحوثيون على مناطق شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء. في العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعماً للحكومة، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات آلاف القتلى. تراجعت حدة القتال بشكل ملحوظ منذ إعلان هدنة في أبريل 2022، رغم انتهاء مفاعيلها بعد ستة أشهر.