يصل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى إسرائيل لإجراء محادثات صعبة حول الحرب في قطاع غزة، حيث تتواصل العمليات العسكرية، بينما تزداد المخاوف من اتساع رقعة النزاع في المنطقة.
ومع دخول الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة شهرها الرابع، ندد بلينكن الأحد في قطر بـ”مأساة لا يمكن تصورها” مع سقوط آلاف القتلى الفلسطينيين، محذرا بأن “هذا النزاع قد ينتشر بسهولة”.
ويزور بلينكن، الإمارات والسعودية قبل الوصول إلى تل أبيب، حيث يجري محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين، اعتبارا من الثلاثاء.
وهذه رابع جولة يقوم بها بلينكن إلى المنطقة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر. وفيما تدعم واشنطن إسرائيل عسكريا وسياسيا، تضاعف الدبلوماسية الأميركية التحذيرات بشأن المدنيين الفلسطينيين.
وبعدما دعا وزيران إسرائيليان إلى “تشجيع” سكان القطاع المحاصر على الهجرة، شدد بلينكن خلال مؤتمر صحفي في قطر على ضرورة تمكين الفلسطينيين الذين نزحوا هربا من القصف والمعارك من “العودة إلى ديارهم”.
وتعهدت إسرائيل “القضاء” على حماس بعد هجوم غير مسبوق شنته الحركة في 7 أكتوبر أدى إلى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم مدنيون وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
واقتيد نحو 250 شخصا خلال الهجوم واحتجزوا رهائن فيما أطلق سراح حوالى مئة منهم خلال هدنة لأسبوع أبرمت في نوفمبر.
وأدى القصف الإسرائيلي على القطاع مترافقا مع هجوم بري اعتبارا من 27 أكتوبر إلى مقتل 22835 شخصا غالبيتهم نساء وأطفال، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس الأحد.
ودمر القصف أحياء بأكملها وأجبر 85 في المئة من السكان على الفرار فيما تسبب بأزمة إنسانية كارثية بحسب الأمم المتحدة.
وتسبب الهجوم الإسرائيلي بنزوح 1.9 مليون شخص من أصل 2.4 مليون عدد سكان القطاع الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه “بات مكانا للموت وغير صالح للسكن”، وسط نقص حاد في الأدوية والمواد الغذائية والمياه والوقود.
وقال نبيل فتحي، أحد سكان غزة عمره 51 عاما “كانت الأشهر الثلاثة الأخيرة كربع قرن” مضيفا “أستيقظ وأنا أفكر أن ذلك كان كابوسا، لكنه الواقع. دمر منزلنا ومنزل ابني وسقط عشرون شهيدا في عائلتنا”.
وتابع “حتى لو بقيت على قيد الحياة، لا أدري أين سنذهب في ما بعد”.
مقتل صحفيين
وأعلنت قناة الجزيرة القطرية مقتل صحفيين، الأحد، بضربة إسرائيلية على سيارتهما في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة منددة في بيان بـ”اغتيالهما” ومتهمة إسرائيل بـ”تعمد” استهداف الصحفيين.
والصحفيان هما مصطفى ثريا، وهو يعمل مع قناة الجزيرة ومتعاون مع وكالة فرانس برس، وحمزة الدحدوح، نجل مدير مكتب القناة في القطاع وائل الدحدوح الذي سبق أن خسر زوجته واثنين من أولاده بضربة إسرائيلية في نهاية أكتوبر.
وقتلا أثناء عودتهما من زيارة منزل أصيب بقصف إسرائيلي لإعداد ريبورتاج.
وأعلن الجيش الإسرائيلي لفرانس برس أنه “ضرب إرهابيا كان يسير جهازا طائرا كان يشكل تهديدا للقوات” مضيفا أنه “على علم بمعلومات مفادها بأن مشتبها بهما آخرين كانا في المركبة نفسها أصيبا خلال الضربة”.
وبذلك يصل عدد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام الذين قتلوا منذ اندلاع الحرب إلى ما لا يقل عن 79 غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين، وفق لجنة حماية الصحفيين.
من جانبها أعلنت المنظمات الإنسانية الدولية، أنها اضطرت إلى إخلاء مستشفى شهداء الأقصى، أحد آخر المستشفيات التي لا تزال عاملة جزئيا في قطاع غزة بسبب المعارك.
وأكدت منظمة الصحة الدولية، أنه تم نقل أكثر من 600 مريض ومصاب من مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح بوسط غزة بسبب “اشتداد القتال”.
وكانت فرق منظمة أطباء بلا حدود، انسحبت في اليوم السابق، من المستشفى، إثر إصابة وحدة العناية الفائقة بضربة.
ونقل ثمانية أشخاص خلال الليل إلى مستشفى شهداء الأقصى، إثر إصابة منزل بضربة إسرائيلية، وفق وزارة الصحة في حكومة حماس.
واتهمت وزارة الصحة إسرائيل باستهداف المنشآت الطبية ما سيؤدي إلى سقوط المزيد من القتلى، مشددة على وجوب إخراج ثمانية آلاف مصاب من القطاع لتلقي العناية الطبية التي يحتاجون إليها.
“النصر الكامل”
وبعدما أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه بات يركز عملياته على وسط غزة وجنوبها مؤكدا “تفكيك بنية حماس العسكرية” في شمال القطاع، أفاد عن قتل “إرهابيين” ولا سيما بضربات مسيرات في مخيم البريج.
كما أعلن الجيش في بيان العثور على “موقع لإنتاج الأسلحة” لحركة حماس تحت الأرض في شمال القطاع.
ويخضع قطاع غزة لحصار مطبق فرضته إسرائيل عليه منذ 2007 بعد سيطرة حماس على السلطة فيه، وشددته بعد هجوم السابع من أكتوبر.
ورغم الضغوط الدولية والنداءات لوقف إطلاق النار، ما زالت إسرائيل ماضية في هجومها.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الأحد “ما حصل في السابع من أكتوبر لن يتكرر أبدا” مضيفا “لهذا السبب يضحي جنودنا على الأرض بحياتهم. يجب أن نستمر حتى النصر الكامل”.
وعلى وقع الحرب في قطاع غزة، تشهد الضفة الغربية توترا شديدا وأعمال عنف متصاعدة.
وقتل ثمانية فلسطينيين، الأحد، في جنين (شمال) جراء ضربات إسرائيلية، وفق وزارة الصحة في رام الله.
في المقابل، أعلنت الشرطة الإسرائيلية مقتل شرطية جراء تفجير عبوة ناسفة بمركبة عسكرية في جنين. كما قتل مدني إسرائيلي في تبادل إطلاق نار قرب رام الله.
ومساء أكدت الشرطة الإسرائيلية مقتل طفلة فلسطينية عمرها ثلاث سنوات برصاص شرطيين، كانوا يردون على عملية دهس بسيارة عند نقطة تفتيش في الضفة الغربية.
توتر في لبنان
ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية تبادلا يوميا للقصف بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله المدعوم من إيران والمتحالف مع حركة حماس. ويعلن الحزب استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية، بينما يرد الجيش بقصف جوي ومدفعي يقول إنه يستهدف “بنى تحتية” وتحركات مقاتلين.
وتصاعدت الخشية من توسع نطاق الحرب بعد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، الثلاثاء، بضربة جوية إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله.
وأعلن حزب الله، السبت، إطلاق أكثر من 60 صاروخا على قاعدة جوية عسكرية في شمال إسرائيل، مؤكدا أن هذا القصف يأتي في إطار “الرد الأولي” على قتل العاروري.
من جهته أعلن الجيش الإسرائيلي ضرب “مواقع عسكرية” للحزب.
وفي هذا السياق، تعرضت شاشات المغادرة والوصول في مطار رفيق الحريري الدولي لعملية قرصنة إلكترونية وظهرت عليها رسالة جاء فيها “مطار رفيق الحريري مش مطار حزب الله وإيران يا حسن نصرالله (الأمين العام للحزب) ما رح تلاقي نصير إذا بليت لبنان في حرب تتحمل مسؤوليتها وتبعاتها”، وفق ما أوردت وسائل الإعلام المحلية.
وعلى صعيد آخر، كثف الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن هجماتهم على سفن تجارية في البحر الأحمر، بينما تستهدف مجموعات أخرى في العراق وسوريا القوات الأميركية المتمركزة في البلدين باستخدام صواريخ ومسيرات.