عمّان- أثار اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ردود فعل غاضبة في الأردن على كافة المستويات الشعبية والحزبية والنقابية والعشائرية، معتبرين ذلك تصعيدا خطيرا وتجاوزا لكافة الخطوط الحمراء، وجرّ المنطقة إلى ساحة حرب إقليمية.
الحركة الإسلامية تقبلت -مساء اليوم- التهاني باستشهاد العاروري في مقر حزب جبهة العمل الإسلامي -الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين– في العاصمة عمّان، بمشاركة مئات الأردنيين.
وأكد المتحدثون في كلماتهم أن دماء الشهيد صالح العاروري ستكون وقودا جديدا لمعركة “طوفان الأقصى”، وتحوّل لقاء التهنئة الشعبي إلى مسيرة جماهيرية انطلقت باتجاه السفارة الإسرائيلية في منطقة الرابية بعمّان، تنديدا بارتكاب الاحتلال مجزرة استهداف العاروري وآخرين بينهم اثنان من قادة كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
تنديد وغضب
وندد المشاركون في المسيرة بالصمت العربي والإسلامي إزاء الإبادة الجماعية التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو ما أدى بعد ذلك لاغتيال العاروري، رافعين شعارات تنادي: “يا عاروري ارتاح، واحنا نواصل الكفاح”.
وأجمعت شخصيات وطنية وحزبية ونقابية وعشائرية على رفضها جريمة اغتيال القائد صالح العاروري، ورأى الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب أن اغتيال العاروري خسارة للمقاومة، وللشعب الفلسطيني، ومحور المقاومة بأجمعه.
وأكد ذياب -في حديثه للجزيرة نت- أن خسارة العاروري هي خسارة لكل الأحرار في العالم الذين يناضلون ضد “المشروع الأميركي والصهيوني”، وقال “هذا القائد الكبير يتفاعل مع قضيته بكل مصداقية، وصلابة، وإخلاص، وهو واحد من الناس الذين نستطيع أن نقول إنهم من صناع التاريخ، وليس من عابريه”.
وأضاف الأمين العام لحزب الوحدة أن الاحتلال حينما اغتال العاروري كان يريد أن يعوض خسائره في غزة، وفشله الكامل في تحقيق مشروعه وطموحاته، لكن الشعب الفلسطيني قدم آلاف الشهداء، “ومسيرة العاروري النضالية لم تتوقف، وستستمر حتى تتم هزيمة المشروع الصهيوني على أرضنا المباركة”.
مطالب بالرد
وبشأن تأثير اغتيال العاروري على مسار معركة “طوفان الأقصى”، أوضح العقيد المتقاعد والخبير العسكري محمد المقابلة أن العقلية الإسرائيلية قائمة على تنفيذ سياسة الاغتيالات، وفي العُرف العسكري، فإن اغتيال القيادي في حماس صالح العاروري في بيروت، يعد استهدافا لسيادة دولة عربية يستوجب الرد من قبل الدولة.
ويقول المقابلة -للجزيرة نت- إن المطلوب من حزب الله الرد على جريمة اغتيال العاروري، لأن هذا الاستهداف يعتبر اختراقا للعمق اللبناني وخاصة منطقة الضاحية الجنوبية التي تعد مقرا للحزب.
ويتابع المتحدث ذاته أن الاحتلال بذلك تجاوز كافة الخطوط الحمراء التي وضعها حزب الله مع بداية معركة “طوفان الأقصى”، ليأتي اغتيال العاروري بمثابة غطاء للحزب في التصعيد أمام المجتمع اللبناني للدفاع عن سيادة لبنان التي انتُهكت، حسب تعبيره.
من جانبه، أكد مراد العضايلة الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي أن العاروري نال ما تمنى بالشهادة وأنه مضى في سبيل تحرير فلسطين مجاهدا عظيما، لافتا -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن “جريمة اغتيال العاروري هي محاولة من هذا الكيان وقادته للتقدم إلى الأمام، وصناعة نصر زائف”.
وقال العضايلة إن العاروري نجح في توحيد الساحات وجمع الأمة باتجاه قضية فلسطين، وإنه لم يكن أول شهيد ولن يكون الأخير، إذ سبقه قادة عظام مثل الشيخ الراحل أحمد ياسين، وصلاح شحادة، ويحيى عياش، وعشرات القادة السياسيين والعسكريين الذين مضوا كلهم في طريق واحد وهو تحرير فلسطين.
وشدد الأمين العام لحزب جبهة العمل على أن دماء العاروري ستكون “نقمة ونارا على كيان الاحتلال وستفجر الضفة الغربية في وجه العدو المحتل”.
مواصلة النضال
في المقابل، رأى الخبير في الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية أن اغتيال العاروري يعتبر بالنسبة للاحتلال إنجازا تكتيكيا وليس إستراتيجيا، ولكنه لن يؤثر على تماسك وقوة ورؤية حركة حماس والمقاومة، وبالتالي ستستمر هذه المسيرة، وكما كان يقول العاروري إنه “مشروع شهيد”.
وأضاف أبو هنية للجزيرة نت: “للشيخ العاروري أهمية كبيرة في حركة حماس والنضال الفلسطيني، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان يبحث منذ أكثر من 3 شهور عن صورة نصر مع استمرار الفشل الكبير في غزة، فجاء قرار اغتيال شخصية كبيرة كالعاروري، إلا أنه لا يعلم أن حماس تتوفر على هيئة راسخة وصلبة أصبحت تمثل روح المقاومة للشعب الفلسطيني، ولأحرار العالم”.
وأكد الخبير أن “تصفية قادة حماس السياسيين والعسكريين لن تؤدي إلى تقويض الحركة، وأعتقد أن استشهاد العاروري سيكون دافعا لمحبيه وتلاميذه لمواصلة طريق النضال الفلسطيني”.
بدوره، قال الشيخ طلال صيتان الماضي أحد شيوخ عشائر بدو الشمال وعضو مجلس الأعيان الأردني، إن اغتيال القائد العاروري يأتي ضمن فصول المعركة الطويلة مع “العدو”.
وأضاف الشيخ طلال الماضي -للجزيرة نت- أن الشهيد العاروري حمل لواء التحرير والتحرر، وكل من يعمل في هذا المشروع هو مشروع شهيد مهما كان موقعه القيادي في المقاومة، وكلما ارتقى شهيد في هذه المعركة، حمل الراية مقاوم آخر إلى حين الوصول إلى الهدف المنشود لتحرير فلسطين بشكل كامل غير منقوص.
وقال الماضي إن العاروري “ابن مشروع نقي ونظيف وهو مشروع الحق مقابل الباطل، ولن ينفذ اغتياله في عضد المقاومة، والأم الفلسطينية التي أنجبت العاروري ولادة للأحرار والشهداء”.