لندن- استهل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الموسم السياسي بتعديل جزئي في حكومته فرضته عليه استقالة وزير الدفاع بن والاس، وشمل هذا التعديل 3 مناصب أساسية وهي الدفاع والتعليم والطاقة.
إلا أن الملاحظ أن الحكومة البريطانية الجديدة خرجت عن عرف ترسخ منذ سنوات بوجود وزراء من أصول مسلمة في الحكومات البريطانية المتعاقبة، سواء كانت من حزب المحافظين أو حزب العمال.
ورغم وجود عدد من الأسماء الوازنة في حزب المحافظين التي لها أصول مسلمة، فإن حكومة سوناك خلت من أي شخصية تتقلد منصبا مهما.
وبدأ دخول الوزراء المسلمين إلى الحكومة البريطانية في عهد حكومة غوردون براون العمالية سنة 2007 بتولي الوزير المسلم شهيد رفيق مالك عددا من المناصب الوزارية، بداية بشغل منصب وزير التنمية الدولية، ثم منصب وزير العدل، ووزير الداخلية، وكلها مناصب وزارية مهمة.
وهناك وزراء مسلمون اقتربوا من قيادة حزب المحافظين، مثل ساجد جاويد السياسي البريطاني (من أصول باكستانية) الذي يعد من القيادات المهمة في الحزب الحاكم، ونافس بقوة على قيادة الحزب بعد استقالة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون.
مربع الصفر
لكن حكومة سوناك الحالية أعادت العجلة إلى مربع الصفر، إذ يُتوقع أنها ستستمر حتى موعد إجراء الانتخابات العامة المقبلة المقررة نهاية العام القادم.
وحاليا، لا يوجد سوى وزير واحد من أصول مسلمة ولا يعد من وزراء الصف الأول، وهو اللورد طارق محمود أحمد، ولديه “حقيبة ثانوية” وهي حقيبة التنمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا ودول الكومنولث، لكنه لا يعد عضوا في مجلس الوزراء.
ويُحسب لحزب العمال أنه أول من فتح الباب أمام تقبل المشهد السياسي البريطاني لتقلد سياسيين بريطانيين من أصول مسلمة لمناصب وزارية، فبعد الوزير شهيد رفيق مالك، وصلت سعيدة وارسي إلى حكومة حزب المحافظين بقيادة ديفيد كاميرون سنة 2010، بعد أن أصبحت الرئيس المشترك للحزب وصارت عضوا في مجلس الوزراء ولها حقيبة وزارية في الخارجية.
صعود صعب
يحسب لحزب العمال أنه أول من فتح الباب أمام تقبل المشهد السياسي البريطاني لتقلد سياسيين بريطانيين من أصول مسلمة مناصب وزارية، فبعد الوزير مالك، وصلت سعيدة وارسي إلى حكومة حزب المحافظين بقيادة ديفيد كاميرون عام 2010.
وكانت وارسي أول سيدة من أصول مسلمة تتولى منصبا وزاريا في الخارجية البريطانية، قبل أن تستقيل عام 2014، معلنة أنها غير قادرة على دعم سياسة الحكومة في التعامل مع قطاع غزة.
ثم تحولت الوزيرة، التي تحمل حاليا لقب بارونة وعضوا في مجلس اللوردات، إلى منتقدة شرسة لسياسات حزب المحافظين خصوصا في التعامل مع قضية الإسلاموفوبيا.
ومن بين أبرز الأحداث التي ظلت مرتبطة بتاريخ الوزراء المسلمين في الحكومة البريطانية استقالة وزيرة النقل في حكومة بوريس جونسون عام 2020 نصرت غاني.
وقالت غاني إنها أُبعدت بعد أن واجهت كثيرا من المتاعب العنصرية، إذ أبلغها زملاؤها في الحكومة أنهم لا يشعرون بالراحة بسبب وجودها لأنها مسلمة، حسب قولها.
نجاح فأفول
وكان الوزير البريطاني من أصل عراقي ناظم زهاوي من أكثر الوزراء المسلمين نجاحا خلال السنوات الأخيرة، عندما كلفه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون بتأمين عملية التلقيح الجماعي ضد فيروس كورونا.
ثم لمع نجمه ضمن أبرز الأسماء في حزب المحافظين، وتدرج في المناصب إلى أن أصبح وزيرا للخزانة، وهو منصب يعتبر في العرف البريطاني ثاني أهم منصب بعد رئيس الوزراء.
ومن بين الوزراء الذين ما زالوا يتمتعون بثقل في الساحة السياسية البريطانية، هناك ساجد جاويد الذي كان يتبرم دائما من أصوله المسلمة، إلا أنه كان يقدم نفسه مدافعا عن المسلمين ومناهضا للإسلاموفوبيا، ووقف ضد جونسون عندما وصف النساء اللائي يرتدين البرقع بأنهن يشبهن “صناديق البريد”.
وكان جاويد من أهم وزراء حكومة جونسون، وتسلم حقيبة الداخلية ثم الصحة خلال فترة جائحة كورونا، ونافس على منصب زعامة حزب المحافظين، وكان من أهم أسباب سقوط حكومة جونسون وتقديم الأخير استقالته.
ورغم أن ناظم زهاوي وساجد جاويد نجحا في الوصول لأعلى المناصب الحكومية والقيادية في حزب المحافظين، فإن نجم كل منهما أفل، إذ اضطر زهاوي للانسحاب بسبب الكشف عن تهربه من الضرائب، في حين أعلن جاويد عن نيته عدم الترشح لانتخابات 2024.
ومنذ أول تشكيلة حكومية له، ذهبت التحليلات السياسية البريطانية إلى أن سوناك اعتمد في اختياره الوزراء على الولاء والبحث عن أسماء غير مستهلكة إعلاميا وغير مثيرة للجدل، لتحقيق نوع من الهدوء داخل مقر رئاسة الوزراء الذي شهد كثيرا من العواصف في عهدي بوريس جونسون وليز تراس.