شهدت الأيام الأخيرة تصاعد الأعمال القتالية بين إسرائيل والجماعات المسلحة المدعومة من إيران، فبعد إعلان الجيش الإسرائيلي شنه ضربات واسعة النطاق ضد حزب الله بلبنان، سجلت بسوريا غارات جوية، يرجّح أن تكون إسرائيل وراءها.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أن تزايد التوترات بين إسرائيل والجماعات المتحالفة مع إيران في سوريا والعراق واليمن، يثير مخاوف بشأن فتح جبهة ثانية في الحرب المستعرة في غزة، منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر.
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، المصنفة إرهابية، في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، تشهد المنطقة الحدودية مع جنوب لبنان تصعيدا عسكريا متزايدا بين إسرائيل وحزب الله.
“الصبر ينفد”
وتتبادل القوات الإسرائيلية إطلاق النار بشكل منتظم مع حزب الله، لكن التوترات على طول الحدود الشمالية لإسرائيل ظلت تحت السيطرة نسبيا، ويرجع ذلك جزئيا إلى الجهود الدبلوماسية الأميركية والغربية الأخرى لمنع نشوب حرب إقليمية أوسع، وفقا للصحيفة.
لكن القادة الإسرائيليين حذروا في الأيام الأخيرة من أن “صبرهم بدأ ينفد” إزاء المحاولات الدبلوماسية لإنهاء الهجمات على مناطق شمال إسرائيل، حيث نزح أكثر من 230 ألف إسرائيلي من منازلهم، بسبب الاشتباكات.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إن إسرائيل مستعدة للتحرك لاستعادة الأمن على الحدود الشمالية لإسرائيل، ووافقت على خطط قتالية لتحقيق هذه الغاية.
وأضاف، خلال مؤتمر صحفي، السبت: “وافقنا على خطط عملياتية في مواجهة استمرار الأعمال العدائية”،
وقال نتانياهو: “إذا قام حزب الله بتوسيع القتال، فسوف يتلقى الضربات التي لم يحلم بها أبدا”، مضيفا أن “تهديده ينطبق أيضا على إيران”، قبل أن يشير إلى أن بلاده “تظل منفتحة على حل دبلوماسي للأزمة”.
وبدأ حزب الله في تنفيذ عمليات ضد أهداف عسكرية إسرائيلية، واضعا ذلك في إطار دعم “المقاومة الفلسطينية”، حسبما يقول في بياناته.
وترد إسرائيل على هذه الهجمات المتكررة بشكل يومي، من خلال قصف مناطق حدودية، مستهدفة ما تصفه بتحركات مقاتلي حزب الله وبنى تحتية عسكرية تابعة له قرب الحدود.
والاثنين، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه ضرب سلسلة من الأهداف في لبنان منها “مواقع عسكرية” كانت تنشط فيها جماعة حزب الله اللبنانية.
وقال الجيش، إن قواته وطائراته “قصفت سلسلة من الأهداف في لبنان، منها بنى تحتية للإرهابين ومواقع عسكرية كان ينشط فيها إرهابيو حزب الله ويطلقون (هجماتهم) منها”.
وفي المقابل، قالت جماعة حزب الله المدعومة من إيران عبر قناتها على تيليغرام، إن أربعة من مقاتليها قُتلوا في جنوب لبنان.
ولم يذكر البيان تفاصيل عن كيفية مقتل الأربعة.
وقالت مصادر أمنية، إنهم قتلوا في غارة إسرائيلية على منزلين في قرية كفركلا اللبنانية قرب الحدود حيث يسيطر حزب الله أمنيا، حسبما أفادت رويترز.
والجمعة الماضي، أوضح دانييل هاغاري، كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، أنه لضمان أمن حدودها الشمالية والجنوبية، ستعمل إسرائيل “بحزم ضد كل تهديد ولن تسمح بالعودة إلى الواقع قبل 7 أكتوبر”.
وفي سوريا، قتل 23 مقاتلا مواليا لإيران، السبت، جراء غارات جوية رجح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تكون طائرات إسرائيلية نفذتها في شرق سوريا، وقتل أربعة مقاتلين آخرين في شمال البلاد في غارة إسرائيلية. ولم تؤكد إسرائيل هذه الغارات.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه حدد “هدفا جويا معاديا” آتيا من سوريا واعترضه. وقال إنه اعترض أيضا “طائرة معادية” كانت متجهة نحو أراضيه، وفقا لفرانس برس.
مخاطر وضغوط
ويأتي تصاعد الأعمال القتالية في الأيام الأخيرة، بعد مقتل القيادي البارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني رضي موسوي، في منطقة السيدة زينب قرب دمشق، في ضربة حملت فيها طهران إسرائيل المسؤولية.
وأشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن أي تصعيد بين إسرائيل وحزب الله سيأتي بمخاطر على الجانبين، موضحة أن الجماعة اللبنانية تضم عشرات الآلاف من المقاتلين المدربين وتتوفر على ترسانة صواريخ حصلت عليها من إيران، لتكون بذلك خصما أكثر قوة من حماس ذات التسليح الخفيف نسبيا.
وذكرت الصحيفة أنه، خلال الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006، قصفت إسرائيل لبنان بشدة، بما في ذلك مطار بيروت وغيره من البنيات التحتية المدنية، في حين أمطر حزب الله إسرائيل بالصواريخ.
ويُعتقد منذ فترة طويلة أن التهديد بدمار كلا الجانبين حال دون تجدد الصراع بين الطرفين، لكن هجوم حماس في 7 أكتوبر “أظهر أن الردع وحده لم يكن كافيا لوقف أسوأ هجوم على الأراضي الإسرائيلية في التاريخ، في حقيقة غيرت حسابات المسؤولين الإسرائيليين”.
وفي أعقاب إعلان الجيش الإسرائيلي سحب ألوية من قطاع غزة، قال مسؤول إسرائيلي، إن بلاده تسحب بعض قواتها في إطار التحول إلى عمليات تركز أكثر على حماس وتعيد قدرا من جنود الاحتياط إلى الحياة المدنية لمساعدة الاقتصاد مع دخول البلاد العام الجديد الذي قد تستمر فيه الحرب لفترة طويلة.
وقال المسؤول، إن الإطاحة بحماس ما زالت هدفا للهجوم في القطاع الفلسطيني وإن بعض الألوية الخمسة المنسحبة ستستعد لاحتمال احتدام القتال على جبهة ثانية ضد جماعة حزب الله في لبنان، حسبما نقلته رويترز.
وتضغط الإدارة الأميركية على كل من إسرائيل ولبنان لاحتواء القتال لمنع نشوب حرب إقليمية أوسع يمكن أن تشمل حزب الله وحلفاء آخرين تابعين لإيران.
وكشفت صحيفة “وول ستريت جورنال”، قبل أكثر من أسبوع، أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، حث نتانياهو، في أكتوبر الماضي، على وقف ضربة استباقية، كان يخطط لها، ضد حزب الله في لبنان، بعد أيام من 7 أكتوبر، وحذره من أن مثل هذا الهجوم قد يشعل حربا إقليمية أوسع.
صحيفة: اتصال من بايدن بنتانياهو منع ضربة كانت قد تشعل حربا إقليمية
كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، حث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في أكتوبر الماضي، على وقف ضربة استباقية، كان يخطط لها، ضد حزب الله في لبنان، بعد أيام من هجوم مقاتلي حماس في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، وحذره من أن مثل هذا الهجوم قد يثير حربا إقليمية أوسع.
وذكرت الصحيفة، أنه منذ السابع من أكتوبر ظل التركيز الرئيسي لإدارة بايدن على محاولة منع أي تصعيد على طول الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان.
وكشفت أن عاموس هوشستاين، مسؤول البيت الأبيض الذي يقود الجهود لتهدئة التوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، تنقل مرارا بين واشنطن وبيروت والقدس في محاولة لمنع توسع الصراع.
وأشارت الصحيفة، إلى أن الحرب بين إسرائيل وحماس والجماعات المسلحة الأخرى “تزيد” أيضا من المخاطر التي تواجهها القوات العسكرية الأميركية المتمركزة في جميع أنحاء المنطقة.
وقال مسلحون عراقيون، الأحد، إنهم شنوا هجوما بمسيرات على قاعدة أميركية في العراق وأطلقوا صواريخ على قاعدة أميركية أخرى في سوريا.
ونفى مسؤول بوزارة الدفاع هذه المزاعم، مشيرا: “لم تردنا أي معلومات استخباراتية أو تقارير عملياتية تظهر أي هجمات على مواقع القوات الأميركية في العراق وسوريا خلال الليل أو في وقت مبكر من هذا الصباح”.
وشنت الجماعات المسلحة بالمنطقة، ما لا يقل عن 106 هجمة على قواعد أميركية، في العراق وسوريا في الأشهر الأخيرة، وفقا لمسؤولين أميركيين.
ومثل الإعلان عن عبور مدمرة إيرانية باب المندب ودخولها البحر الأحمر خطوة لافتة، بالنظر إلى الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية، المدعومة إيرانيا، في المجرى المائي، حيث تستهدف الجماعة حركة الملاحة منذ أسابيع.
وقالت وكالة أنباء “تسنيم” شبه الحكومية الإيرانية، الاثنين، إن المدمرة “ألبرز” وصلت البحر الأحمر، في إطار المجموعة 94 التابعة لبحرية الجيش الإيراني، مشيرة إلى أنها “تعمل في المنطقة لتأمين الممرات التجارية ومواجهة القراصنة ومهمات أخرى”.
دخول مدمرة إيرانية إلى البحر الأحمر.. التوقيت والأهداف
كان عبور مدمرة إيرانية باب المندب ودخولها البحر الأحمر بمثابة خطوة لافتة، بالنظر إلى الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية، المدعوما إيرانيا، في المجرى المائي، حيث تستهدف الجماعة حركة الملاحة منذ أسابيع
ولم تذكر الوكالة توقيت دخولها، مع العلم أنه كانت هناك تقارير غير مؤكدة على وسائل التواصل الاجتماعي عن وصولها في وقت متأخر، السبت، وفق رويترز.
وشن الحوثيون هجمات بمسيرات وصواريخ على سفن مبحرة في هذا الممر الذي تعبر منه 12 في المئة من حركة التجارة العالمية.
ويكرر الحوثيون الذين يسيطرون على مساحات شاسعة من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء، أنّهم سيواصلون هجماتهم هذه طالما لم تدخل كميات كافية من الغذاء والدواء إلى قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل، وتشن عليه حملة قصف متواصلة وعمليات برية منذ هجوم حماس على في السابع من أكتوبر.
ودفعت هذه الهجمات الولايات المتحدة إلى إنشاء تحالف دولي يضم أكثر من 20 بلدا لحماية الملاحة في البحر الأحمر.
ويأتي التحرك الإيراني الأخير، بعد يوم واحد، من إعلان الولايات المتحدة إغراق 3 زوارق حوثية وقتل طاقمها، وتهديد بريطانيا باتخاذ إجراءات مباشرة ضد الحوثيين.
وبعد القصف الأميركي، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، الأحد، أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى اتساع الصراع في الشرق الأوسط، قائلا في مقابلة مع قناة “أيه بي سي”: “كل ما نريده أن يوقف الحوثيون هذه الهجمات وكنا واضحين بشأن ذلك مرارا وتكرارا”.