يطرح المخرج أمجد الرشيد في الفيلم الأردني “إن شاء الله ولد” قصصا وحكايات إنسانية متشابكة عن حياة المرأة الأردنية والعربية، وتساؤلات تتسم بالمباشرة والجرأة أيضا في مواجهة العادات والتقاليد السائدة.
وتمكن الرشيد من أن يقتنص للفيلم جائزتين في الدورة الماضية لمهرجان كان السينمائي، إلى جانب مشاركته في عدد من المهرجانات العالمية وعرض فيلمه لأول مرة عربيا ضمن النسخة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي.
جرأة الطرح
تتقاطع أحداث “إن شاء لله ولد” بين نموذجين تمثلان المرأة العربية، نوال بطلة الفيلم التي تعيش في عمّان، وتجد أن حياتها مهددة بعد فقدان زوجها، ومحاولات شقيقه تقاسم الشقة التي تؤويها مع ابنتها الصغيرة، فتصبح ممنوعة من حقها في امتلاك ميراثها، وبين لورين ابنة العائلة الثرية التي تعمل نوال ممرضة لجدتها.
وتعاني لورين من تعنيف زوجها ورفض أسرتها الانفصال والقوانين الدينية التي تمنع هذا الطلاق، فكلاهما تعاني القيود المجتمعية والتمييز الذكوري، ومن هنا تنطلق الحكايات التي تجمعهما حيث تحاول لورين الإجهاض لرفضها الإنجاب من زوج لا تحتمل الحياة معه.
لم ينكر المخرج أمجد الرشيد في حديثه للجزيرة نت أن البعض نصحه بالحذر لجرأة طرح مثل هذه القضية، لأنه يرى بأن المجتمعات العربية التي تمر بفترة حساسة لا بد من أن يتاح لها حرية التعبير وطرح الأفكار دون مخاوف.
وتابع أنه لا يريد أن يكون بطلا أو يقدم موضوعات تثير جدلا، ولكنه طرح قضية تهم مجتمعا بأكمله بحاجة لإعادة تقييم كثير من الأشياء من عادات وتقاليد وقوانين والتفكير إذا كانت مناسبة لوقتنا الحالي، فالهدف الأساسي هو ترك مساحة تفكير للمتفرج، ومن خلال التفكير يمكن الوصول إلى مجتمع أفضل.
لغة حوارية مباشرة استخدمها “الرشيد” لدعم قضيته، منها المواقف بين البطلة وشقيق زوجها المتوفى حين تسأل عن اختلاف الأمر إن كانت أنجبت ذكرا. ويقول “الرشيد” بأن هذه الحوارات الموجودة في الفيلم شاهدها وسمعها في الواقع، فحرص على نقلها مثلما تُحكى، وساهم الأداء التلقائي وغير المتكلف في ظهور العمل باعتباره أقرب للواقع، إلى جانب أماكن التصوير التي عبرت عن الطبقة التي تعيش على هامش المجتمع.
نصف مجتمع معطل
ونقلت مشاهد العمل إلهام الواقع وذكاء صنّاعه في إنشاء بناء درامي يتصاعد حين تلجأ البطلة إلى ادعاء حملها في محاولة لكسب الوقت، قبل أن يتحول هذا الادعاء إلى حقيقة ونهاية مفتوحة.
أما المخرج الأردني أمجد الرشيد فقرر أن يتحدى برسالته في الفيلم الجملة الشائعة بأن المرأة نصف المجتمع، فيقول: “نحن ندعي أن المرأة نصف المجتمع، وقد أردت أن أتحدى هذه الأفكار، فكيف يمكن أن يكون نصف المجتمع معطلا وغير حاصل على حقوقه؟ القضية هنا لا تخص المرأة وحدها، فهى قضية مجتمع بشكل أشمل وأعم، هى قصة اجتماعية عن مجتمع يعاني أزمات”.
نجاح خارج الحدود
جلبت القضية المحلية اهتماما عالميا حين عبرت عن أزمة تخص المرأة عالميا، وظهر ذلك في المحافل والمهرجانات العالمية، فكان أول فيلم أردني يشارك في مهرجان كان السينمائي، وحصل على جائزتين من المهرجان، بجانب تمثيله للأردن في القائمة الطويلة للأوسكار.
يقول الرشيد: إن هذا التطور الملحوظ في السينما في الوطن العربي والأردن هو نتاج الوعى، فالعالم أصبح مكانا واحدا وقضايا مشتركة، فالقضية لمست بشكل أو بآخر النساء في العالم الغربي أيضا واللاتي يعانين من قوانين أخرى مثل حصولهن على رواتب أقل من الرجال على سبيل المثال، ففيلم “إن شاء لله ولد” يحكي عن حيثية تخص مجتمعنا لكن تنعكس على العالم كله.