عينت الأمم المتحدة السياسية الهولندية والدبلوماسية المخضرمة، سيغريد كاغ، لتولي مسؤولية منسقة الشؤون الإنسانية في غزة، في المنصب المُحدث، الأسبوع الماضي، بعد قرار الأمن الدولي بزيادة المساعدات للقطاع الذي مزقته الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس.
وفي منشور لها على منصة “إكس”، قالت كاغ، إنها ستستقيل من منصبها كوزيرة للمالية ونائبة لرئيس وزراء هولندا لتتولى منصب كبير منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة.
وقالت كاغ، في بيان: “لقد كان السلام والأمن والعدالة من بين دوافعي الدائمة.. قبلت هذه المهمة الخاصة على أمل المساهمة في مستقبل أفضل”.
ويأتي التعيين، الذي سيدخل حيز التنفيذ في 8 يناير، في الوقت الذي وصلت فيه الأوضاع في القطاع الفلسطيني المحاصر إلى مستويات كارثية، على حد تعبير رئيس منظمة الصحة العالمية بعد زيارة قام بها مؤخرا.
وقالت المنظمات الإنسانية، إن نقص الطاقة والأدوية أدى إلى خروج المستشفيات العمل، كما أن خطر المجاعة يلوح في الأفق على سكان غزة.
ومنذ أن بدأت الحرب في 7 أكتوبر، في أعقاب هجمات حركة حماس المصنفة إرهابية بعدد من الدول، سمحت إسرائيل لعدد محدود من الشاحنات بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح، غير أنها لا تلبي احتياجات السكان الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة.
واتهم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، العمليات الإسرائيلية في غزة، والتي تشمل القصف الجوي المكثف، بأنها “تخلق عقبات هائلة أمام توزيع المساعدات الإنسانية داخل غزة”.
وستعمل منسقة الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، على تيسير وتنسيق ومراقبة والتحقق من شحنات الإغاثة الإنسانية لغزة”، كما أنها ستنشئ “آلية” لتسريع وصول المساعدات إلى غزة، بحسب الأمم المتحدة.
وتبنّى مجلس الأمن الدولي، الجمعة، قرارا يدعو إلى تسليم المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن ودون عوائق في جميع أنحاء غزة، بعدما تأخر لأيام في ظل خلافات دبلوماسية ومداولات لتفادي استخدام الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل حق النقض.
وطالب المجلس في قراره بزيادة “واسعة النطاق” للمساعدات الإنسانية إلى غزة، من دون الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار ترفضه واشنطن رغم الضغوط الدولية.
وتتمتع كاغ بخبرة واسعة في الشؤون السياسية والإنسانية والتنموية، وكذلك في الدبلوماسية. شغلت مؤخرا منصب النائب الأول لرئيس الوزراء وأول وزيرة للمالية في الحكومة الهولندية منذ يناير 2022.
وقبل ذلك، شغلت منصب وزيرة التجارة والتعاون الإنمائي، خلال الفترة بين أكتوبر 2017 حتى مايو 2021، ووزيرة للشؤون الخارجية، حتى سبتمبر 2021.
وانتخبت سيغريد كاغ زعيمة للحزب الاشتراكي الليبرالي في سبتمبر 2020، ثم استقالت من هذا المنصب في أغسطس 2023، بعد أن قادت حزبها للفوز في انتخابات شهر مارس 2021.
وعلى الصعيد الأممي، تولت كاغ مجموعة من المناصب العليا في منظمة الأمم المتحدة والهياكل التابعة لها:
- بين عامي 2015 و2017: منسقة خاصة للأمم المتحدة في لبنان.
- 2013 إلى عام 2015: منسقة خاصة للمنظمة المشتركة لحظر الأسلحة الكيميائية وبعثة الأمم المتحدة في سوريا.
- 2010 إلى عام 2013: الأمينة العامة المساعدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي،
- 2007 إلى عام 2010: المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في الأردن.
بالإضافة إلى العديد من المناصب العليا الأخرى مع اليونيسف، والمنظمة الدولية للهجرة، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.
وحصلت كاغ على درجة الماجستير في الآداب في دراسات الشرق الأوسط من جامعة إكستر، ماجستير الفلسفة في العلاقات الدولية من جامعة أكسفورد، وبكالوريوس الآداب في دراسات الشرق الأوسط من الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
وتتحدث المنسقة الأممية الجديدة باللغات: الهولندية والألمانية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية والعربية.
وفي خطاب ألقته الشهر الماضي، شددت كاغ على الحاجة إلى ضمان وصول “مساعدات إنسانية كافية” إلى غزة.
وقالت، حسبما نقلته “سي أن أن”، إن حق إسرائيل في الوجود وحقها في الدفاع عن نفسها “أمر بديهي بالنسبة لنا”، قبل أن تضيف “لكن في هذه الأوقات المظلمة، من المهم أن تمتثل أعمال الحرب للقانون الدولي والقانون الإنساني للحرب من أجل تجنب وقوع ضحايا مدنيين أبرياء وتمكين تقديم المساعدات الإنسانية الكافية في الوقت المناسب”.
وتعليقا على تعيينها، قال مسؤول حكومي هولندي لشبكة “CNN”، إنه يرى أن “كاغ مناسبة جدا لهذا الدور الجديد”.
وأضاف: “إنها دبلوماسية ذات خبرة كبيرة وتعرف الشرق الأوسط جيدا وتتحدث العربية أيضا”، مشيرا إلى العمل الكبير الذي حققته في التفاوض مع رئيس النظام السوري بشأن التخلي عن الأسلحة الكيماوية.
ورحب دبلوماسيون عبر العالم، بعد إعلان تعيينها في المنصب الجديد، بعد أشهر من الانقسام والجمود في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن كيفية توصيل المساعدات للمدنيين في غزة.
ووصفها وزير الخارجية الهولندي، هانكي بروينز سلوت، بأنها “الشخص المناسب لهذا الدور المليء بالتحديات” نظرا “لمعرفتها الواسعة” و”خبرتها (الدبلوماسية) الواسعة للغاية”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في بيان، إن واشنطن ترحب بتعيين كاغ وتأمل في تنسيق “بشأن الجهود المبذولة لتسريع وتبسيط إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة”.
واندلعت الحرب الأكثر دموية على الإطلاق في غزة، بعدما هاجمت حماس جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر وقتلت حوالى 1140 شخصا، غالبيتهم مدنيون، وفق حصيلة لفرانس برس مبنية على أرقام إسرائيلية.
وأخذ عناصر الحركة 250 رهينة، ما زال 129 منهم داخل غزة.
بدورها، أطلقت إسرائيل حملة قصف جوي مكثفة وحصارا أعقبته عملية برية. وأسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية عن مقتل 20915 شخصا، غالبيتهم نساء وأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.