ويستنتج محللون سياسيون وخبراء عسكريون أن تبني الحرس الثوري لـ”طوفان الأقصى” هو تبني عسكري يختلف عن التبني السياسي الذي يخص القادة السياسيين في طهران؛ وهو ما يجعل إيران قادرة على التراجع في أي لحظة عن هذا التبني وما سيترتب على العملية.
والأربعاء، قال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، رمضان شريف، في تصريحات تلفزيونية، أن عملية “طوفان الأقصى” كانت إحدى عمليات الانتقام لاغتيال سليماني، وهذه الانتقامات ستبقى مستمرة”.
وسليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، تم اغتياله مع رفيق له بغارة أميركية في بغداد عام 2020، وكان له دوره في تدريب ودعم جماعات مسلحة موالية لإيران في العراق وسوريا ولبنان.
وسارعت حركة حماس لنفي ما ورد على لسان المتحدث باسم الحرس الثوري، قائلة في بيان: “أكدنا مرارا دوافع وأسباب عملية طوفان الأقصى، وفي مقدمتها الأخطار التي تهدد المسجد الأقصى”.
تضارب مع الموقف السياسي
تصريحات الحرس الثوري تأتي متضاربة مع تصريحات القيادة السياسية في إيران، والتي نفت مرارا علمها بعملية “طوفان الأقصى” قبل وقوعها، وإن أكدت في نفس الوقت دعمها لما تعتبرها حركات المقاومة في فلسطين.
وفي 10 أكتوبر الماضي، نفى المرشد الإيراني علي خامنئي، خلال كلمة ألقاها أمام كلية عسكرية، وجود دور لبلاده في هذه العملية التي وقعت في 7 أكتوبر، قائلا إن أنصار إسرائيل خرجوا بإشاعات حول دور طهران، إنهم على خطأ والعملية فلسطينية 100 بالمئة.
وشدد خامنئي في نفس الوقت على دعم إيران للفلسطينيين، معتبرا أن أحداث 7 أكتوبر “فشلا” للاستخبارات الإسرائيلية.
كما نفت وزارة الخارجية الإيرانية علاقة طهران بـ”طوفان الأقصى”، ففي نوفمبر الماضي، أكّد المتحدث باسم الخارجية، ناصر كنعاني، أن مزاعم مشاركة إيران هي تشويش لإبعاد الرأي العام عن الدعم الأميركي لإسرائيل.
وفي نوفمبر، أعلنت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أن طهران لم تشارك في عملية “طوفان الأقصى”، مشددة على أن الإجراءات الحازمة التي اتخذتها فلسطين تمثل “دفاعا مشروعا ضد الاحتلال الإسرائيلي”.
تبني عسكري لا سياسي
في تقدير الباحث السياسي المتخصص في الشأن الإيراني وقضايا الشرق الأوسط، وجدان عبد الرحمن، فإنه “يجب التمييز بين التبني العسكري والتبني السياسي، والحرس الثوري تبنى عملية الطوفان عسكريا، وهو ما يترك الباب مفتوحا أمام طهران للتهرب في أي وقت مما سيترب عليه من نتائج العملية”.
وجاء هذا التبني بعد ساعات من اغتيال إسرائيل قائد بفيلق القدس (التابع للحرس الثوري) في سوريا، رضى موسوي، كرسالة واضحة المعالم لإيران بأن الحرب دخلت مرحلة مواجهة مباشرة بينهما، وذلك بعدما كان الجيش الإسرائيلي يستهدف مواقع مليشيات الحرس في سوريا، وأن طهران تجاوزت الخطوط الحمراء”، وفقا لـ عبد الرحمن.
واغتيل موسوي، المسؤول عن التنسيق العسكري بين سوريا وإيران، وأحد كبار قادة الحرس الثوري، في غارة إسرائيلية على دمشق في سوريا، الإثنين، وبعدها بيوم أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية، الثلاثاء، بأن الرد على اغتياله سيكون “ذكيا وقويا” وفي الفرصة والمكان والزمان المناسبين.
تبادل رسائل
في نفس السياق، يرى اللواء محمد عبد الواحد، خبير الأمن القومى المصري، أن إعلان الحرس الثوري عن دور له في “طوفان الأقصى”، وعلاقتها بالثأر لقاسم سليماني، هو جزء من تبادل رسائل بين إيران وإسرائيل، واصفا إياه بأنه “تصريح في غير مسؤول”.
ويستدل على ذلك بأنه لو كان الهدف الثأر لقاسم سليماني فإن ذلك يكون بدعم أذرع الحرس الثوري، مثل حزب الله في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن لاستهداف المصالح الإسرائيلية، ولكن حتى الآن عمليات الجماعتين لم تتخطَ قواعد الاشتباك بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، ولم تتجاوز الخطوط الحمراء.
وبناء عليه، يعتبر عبد الواحد، أن تصريح الحرس الثوري بشأن الثأر لقاسم سليماني هي “لمغازلة أنصاره داخل إيران والمنطقة”.
“تصريح بائس”
ينتقد المحلل السياسي الفلسطيني، زيد الأيوبي، ربط الحرس الثوري الثأر لقاسم سليماني بعملية “طوفان الأقصى”، قائلا إن هذا “إساءة للقضية الفلسطينية، ويعكس مدى المتاجرة بدماء ومعاناة الفلسطينيين”.
كما قال الأيوبي أن “هذا التصريح البائس خطير للغاية، وعلى الجهات المرتبطة بالملالي (في إشارة لحكومة إيران)، مراجعة نفسها بعد هذا الموقف”، مؤكدا أن فلسطين “ستبقى القضية العادلة الملتزمة بعمقها العربي، رغم كل محاولات التدخل في شؤونها من قبل الملالي وأذرعهم البائسة”.