بدائل إسرائيلية لحكم الضفة الغربية.. تخيّلات أم وقائع؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

رام الله- منذ عام 2014 ترفض إسرائيل فتح مسار سياسي مع الفلسطينيين، كما يرفض ساستها وقادة أحزابها مبدأ إقامة دولة فلسطينية، بل داوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مهاجمة السلطة الفلسطينية، وتعهد بعدم تكرار ما اعتبره “خطأ أوسلو” الذي يقول الفلسطينيون إنه انتهى تحت جنازير الدبابات الإسرائيلية.

وفي خضم الحديث عن مرحلة ما بعد حرب غزة، تورد مراكز البحث الإسرائيلية خيارات عدة، أحدها مقترح لمعهد القدس للإستراتيجية والأمن، نشره المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، يدعو إلى التفكير في بدائل من شأنها تغيير الواقع القائم في الضفة.

ويقوم أحد البدائل المطروحة على إقامة حكومة فلسطينية مدنية (حكومة تكنوقراط)، تتناسب مع الدعوات إلى إنشاء “سلطة فلسطينية متجددة”، وهو ما يتطلب، حسب المعهد، تقسيم الضفة الغربية إلى عدة مناطق تحكمها إدارات مدنية منفصلة ضمن حكومة التكنوقراط، في حين تحتفظ إسرائيل بالمسؤولية الأمنية الكاملة وحرية العمل العسكري فيها، وتفكيك أجهزة الأمن الفلسطينية، والإبقاء على وحدات فرض النظام والقانون منها.

وفق خبيرين تحدثا إلى الجزيرة نت، فإن الاحتلال أسس بنية تحتية للتقسيمات الإدارية بالضفة، ويمكنه فصل كل منها عن الأخرى في أي وقت، لكن من المبكر اعتبار ذلك خطة سياسية قريبة.

محاصرة وتبعية

يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي عادل شديد إن دور السلطة الفلسطينية الآن ليس أكثر من دور خدماتي “تم تجريد السلطة من أي دور سياسي أو وطني” ولا يستبعد الاتجاه لخيار التقسيم الإداري لمناطق الضفة.

وأضاف شديد أن استمرار توسيع المستوطنات، وبالتالي نقصان مناطق “أ” التي يفترض أن تكون خاضعة للسيطرة الفلسطينية، يساعد على التقسيم.

وتنص اتفاقية أوسلو على تقسيم أراضي الضفة الغربية إلى منطقة “أ” ويفترض أن تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، لكن ذلك لم يعد موجودا بعد اجتياح الضفة قبل نحو عقدين.

وتخضع منطقة “ب” إداريا للسلطة وأمنيا لإسرائيل، فيما المنطقة “ج” وتشكل نحو 60% من الضفة تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة.

وتابع شديد أن اتساع المستوطنات يعني إحكام محاصرة التجمعات الفلسطينية، وتحويلها إلى جزر صغيرة كالمعتقلات “كانتونات متناثرة ومبعثرة وغير متصلة وموجودة في بحر كبير من السيطرة الأمنية والعسكرية والاستيطانية والطرق الالتفافية (استيطانية تلتف حول التجمعات الفلسطينية) كمقدمة وجزء من مشروع ضم تلك المناطق”.

وقال إن “ذلك يعني أن تصبح إدارة كل منطقة أو تجمع شأنا داخليا تحت إشراف ومتابعة الإدارة المدنية الإسرائيلية بشكل كامل، ويكون التنقل بينها بحاجة إلى موافقة إسرائيلية”.

وأشار شديد إلى أن برنامج زعيم الصهيونية الدينية وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، يريد من الفلسطيني أن يكون إما خادما أو مهاجرا أو قتيلا، وهذا رأي أكثر مكونات الحكومة الحالية اليوم، كما أن المعارضة تتمنى هجرة الفلسطينيين.

وأضاف المحلل الفلسطيني أنه بينما ينشغل العالم بمتابعة العدوان على غزة، شكل الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لأول مرة في تاريخه لجنة لإدارة الضفة التي يفترض أن تدار من الحاكم العسكري باعتبارها أرضا محتلة، يرأسها عضو الكنيست المتطرف تسفي سوكوت “في إشارة إلى أن المشروع الديني الصهيوني بالضفة يسير بشكل سريع ويراد تشريعه”.

فكرة وليست خطة

من جهته، يشير الباحث في الشأن الإسرائيلي وليد حباس إلى أن إدارة شؤون الفلسطينيين أشغلت منذ زمن مراكز الأبحاث الإسرائيلية، وطرحت أفكارا كثيرة تمنع كلها قيام دولة فلسطينية على ما يسميه الإسرائيليون “أرض التوراة” أو “يهودا والسامرة” ويقصدون بها الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

وأشار حباس إلى محاولات سابقة لاستحداث تشكيلات إدارة بينها تنصيب مخاتير (جمع مختار وهو كبير العشيرة) وروابط قبل السلطة الفلسطينية، والغاية منها إيجاد جسم فلسطيني تابع للإدارة المدنية دون مستقبل سياسي.

وأضاف أن فكرة تقسيم الضفة إلى مناطق إدارية حاضرة بقوة على الأجندة الإسرائيلية، لكنها ليس خطة قيد التنفيذ أو مرتبطة ببرنامج عمل.

ويرى حباس أن إسرائيل عملت على الانقسام الفلسطيني بين قطاع غزة والضفة الغربية في السنوات الـ15 الماضية، وذلك لمنع تشكيل سلطة فلسطينية واحدة تستطيع لها حكومة مستقلة.

يضيف أن تقسيم الضفة إلى ولايات إدارية يعني أن تكون لكل ولاية سلطة مستقلة وقيادة مختلفة عن الأخرى وتشكيل إداري مرتبط مباشرة مع إسرائيل، وهذه الفكرة طرحها سموتريتش في برنامجه الانتخابي، وصرح قائلا “لن تكون دولة فلسطينية للأغيار على أرض وعدنا الله بها، أرض شعب إسرائيل”.

وقال إن مقترح سموتريتش يتضمن تحويل الضفة إلى مناطق إدارية تحكم كل منها تركيبة عشائرية في ظل حكومة تكنوقراط، تكون على وفاق مع إسرائيل، لها أجهزة أمنية ونظام اقتصادي وسلطة تفوق سلطة البلدية دون بُعد سياسي، وتدير شؤون التعليم والصحة والاقتصاد والعمالة.

خيارات عديدة

يشير حباس إلى أن باحثين في مركز “أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي قدموا في السنوات الأخيرة عدة أوراق عمل عن مستقبل السكان بين النهر والبحر، وتعدادهم نحو 8 ملايين فلسطيني و8 ملايين يهودي، ليس بينها إقامة دولة فلسطينية، وبعضها عن إقامة كونفدرالية بين الأردن ومناطق “أ”.

وأشار إلى أن اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير سبق وقسّم الضفة إلى 9 مناطق إدارية هي المدن الكبرى وقراها، لكن حتى الآن تجمعها سلطة واحدة، وإسرائيل تفصلها عمليا عن بعضها.

وأضاف أن إسرائيل أعدت البنية التحتية، ومنها نظام الحواجز والبوابات والتقسيمات والعزل، وبإمكانها عمليا فصل كل منطقة إدارية عن الأخرى.

وضمن هذا السيناريو يشير الباحث الفلسطيني إلى أن السلطات الإسرائيلية ممثلة بالإدارة المدنية تقيم أيضا علاقات مع أشخاص وأفراد وجماعات في كل منطقة إدارية على حدة، تكون جاهزة للحكم عندما يطلب منها.

مع ذلك، يقول حباس إن إسرائيل حتى الآن تفضّل خيار التعامل مع سلطة واحدة على خيار المناطق الإدارية المنفصلة عن بعضها، وفكرة التقسيمات “غير واردة عمليا حاليا، وتبقى من باب التخيل”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *