قال موقع “ميديا بارت”، إن هجمات المستوطنين على الفلسطينيين وغارات الجيش الإسرائيلي على البلدات العربية في الضفة الغربية المحتلة، تتزايد منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مما زاد الدعم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشكل ملحوظ، وفقا لدراسة حديثة.
وأوضح الموقع –في تقرير بقلم سيلين مارتيليت وألكسندر ريتو- أن محيط مخيم جنين، حيث يتجمع 18 ألف شخص في شمال الضفة الغربية المحتلة، أشبه بساحة معركة، بعد جولة من القصف والاقتحامات استمرت 3 أيام، وقتل خلالها 12 فلسطينيا واعتقل عشرات ودمرت الجرافات الإسرائيلية شوارع عدة، وسحقت السيارات في طريقها ودمرت أنابيب توزيع المياه ونظام الصرف الصحي، “يبدو أنهم يشنون -أيضا- حربا على المجاري”، يقول أحد السكان مازحا.
ويطلق السكان لقب “الفلوجة” على أحد الأحياء، وهو معقل الجماعات المسلحة –حسب الكاتبين- يعيش فيه مقاتلون من حماس والجهاد الإسلامي وألوية محلية أخرى، وقد أصبح رمزا للنضال ضد الاحتلال على مر السنين والحروب، وقد بُسطت قطع كبيرة من القماش المشمع بين منازله، وكأنها سماء من القماش الأسود للسماح للمجموعات المسلحة بالتحرك أثناء الهروب من مراقبة المسيّرات الإسرائيلية، حسب الكاتبين.
وفجأة يقول المقاتل الذي يعمل مرشدا لنا “يجب ألا نبقى هناك.. أحد جماعتنا يختبئ هنا”، وبعد ثوان يعود الجميع إلى السيارة، ويجلس الشاب الفلسطيني الذي اعتقله الجيش الإسرائيلي عندما كان عمره 17 عاما، في الخلف، وينتهي به الأمر بقول بعض الجمل.
هذا الشاب الذي أطلق سراحه بعد عامين من السجن، عاطل عن العمل ومحروم من التعليم، وقد أصبحت جنين خليته الجديدة بعد أن اختار أن يحمل السلاح، يظهر لنا على هاتفه الخلوي صورا له وهو يطلق النار من بندقية في الهواء، ويعرض مقاطع فيديو دعائية للجماعات الفلسطينية المسلحة.
تزايد الدعم لحماس
وعلى جدران الفلوجة –كما يشاهد الكاتبان- صور الشهداء في كل مكان، وقد قتلوا جميعا في اشتباكات مع الجنود الإسرائيليين، يقول مرشدنا الشاب حين تظهر أنقاض منازل عدة “هذا هو المكان الذي قتل فيه محمد الزبيدي”، وقد علقت صورة كبيرة للرجل الذي كان مقاتلا في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
وائل بلال مشي نقول: نعم للمقاومة.. الله يحميها.. هكذا نريد أن يكون الرجال. عاشت المقاومة، عاش من يدعمها.. عاشت كتائب عز الدين القسام
في إطار الاتفاق المبرم بين إسرائيل وحماس، أُطلق سراح 240 معتقلا فلسطينيا من السجون، معظمهم من النساء ومن هم دون 19 عاما، فكانت عمليات التحرير مصحوبة بمشاهد ابتهاج هائلة في رام الله ونابلس وبيتونيا، وتعالت صيحات ودموع وأعلام الحركات الفلسطينية في كل مكان، الأخضر لحماس والأسود للجهاد الإسلامي.
وعلى أكتاف صديقه، يلوّح وائل بلال مشي براية حماس، وهو يصرخ “نقول نعم للمقاومة. الله يحميها. هكذا نريد أن يكون الرجال. عاشت المقاومة، عاش من دعمها. عاشت كتائب عز الدين القسام”.
وحسب استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية يوم 13 ديسمبر/كانون الأول الحالي، ارتفع الدعم لحماس في الضفة الغربية المحتلة بشكل ملحوظ، إذ يعتقد 72% من الذين شملهم الاستطلاع أن قرار حماس بشن هجوم بري على جنوب إسرائيل كان مناسبا، وأيّد 85% منهم الحركة منذ بداية الحرب، و10% يؤيدون السلطة الفلسطينية، و7% ما زالوا خلف الرئيس محمود عباس.
يقول يوهان صوفي، المحامي المتخصص في القانون الدولي، إن “حجم الجرائم الإسرائيلية وخطابات مسؤوليها تدفع هؤلاء الشباب إلى عدّ الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد الممكن”، إضافة إلى الشعور بتخلي “المجتمع الدولي”، الذي لا يملك الإرادة ولا القدرة على فرض وقف إطلاق النار عنهم”.
ويرى المحامي أن الأمر مرعب “لأننا سنشهد في السنوات المقبلة ظهور جيل جديد، ربما أكثر عنفا وتطرفا من الجيل السابق”، ويحذّر من أن حماس لن تُهزم بالقوة، “ومقابل كل مقاتل يُقتل في غزة، ينضم اثنان أو ثلاثة إلى صفوف الحركة في الضفة الغربية وغزة ومخيمات اللاجئين في الدول المجاورة. إنها حلقة مفرغة”.
عنف لا نهاية له
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، قُتل 310 فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وتعيش رام الله ونابلس وجنين والخليل تحت ضغط من الجيش الإسرائيلي الذي يزيد من اعتقالاته، ما يقرب من 4000، حسب السلطة الفلسطينية والعديد من المنظمات غير الحكومية التي تدين -أيضا- “عمليات التفتيش والمضايقات والضرب، بالإضافة إلى أعمال التخريب وتدمير المنازل ومصادرة المركبات”، وضغط المستوطنين المتطرفين الذين يهاجمون المزارعين في حقول الزيتون والبدو على أبواب الصحراء.
ولا تزال بعض الأصوات الفلسطينية تعلو اليوم مناصرة للسلام -كما يعلق الكاتبان- إنها نادرة وغير مسموعة جدا ولكنها موجودة، يقول إبراهيم عنباوي (55 عاما) وهو أحد دعاة السلام، “أُطلق سراحي بعد عام من السجن في إسرائيل. أدركت في تلك اللحظة أن العنف ليس هو الحل. أهم شيء بالنسبة لي ليس إقناع الناس، بل قبل كل شيء دفعهم إلى التفكير”.
قبل هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، عقد هذا الفلسطيني مؤتمرات مع إسرائيليين من دعاة السلام مثله، وأُلغيت الاجتماعات المقبلة بعد الهجوم، يقول “ما زال أمامنا طريق طويل. نحن نتشارك الماء والأكسجين والضوء والرياح والأرض. الأمر ليس سهلا، لكن دون السلام، ستكون هناك حروب أخرى ووفيات أخرى. ثقافة السلام لا تهم أحدا هنا. لا بد من الدماء حتى تهتم وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم بما يمر به الفلسطينيون في الضفة الغربية”.
ومع تقدم الحوار مع الكاتبين، يعترف إبراهيم عنباوي قائلا “طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي، فإن دوامة العنف هذه لن تتوقف أبدا”، فهذا هو الاحتلال نفسه الذي منع عائلة المغربي من الاحتفال بالإفراج عن ابنهم حمزة، وكانت تعليمات الشرطة الإسرائيلية صارمة “لا توجد مشاهد ابتهاج أو موسيقى في قطاع القدس الشرقية”.
وختم الكاتبان بما رواه والد هذا الطفل عن الفترة التي قضاها في السجن، والإهانات التي تعرض لها على أيدي الجنود وضباط الشرطة الإسرائيليين، مختتما كلامه بالقول “الآن يحرمون ابني من المستقبل”، وتقول الأم بعصبية “إنهم يريدون استعمارنا.. إنهم متشددون، ولكننا كذلك.. وسنبقى على أرضنا”.