غزة– يواجه 400 ألف فلسطيني من سكان مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة، والنازحون إليه، مخاطر الموت قصفا أو جوعا، باعتبار هذا المخيم الصغير يعيش عزلة، ويمنع جيش الاحتلال الإسرائيلي بموجبها الإمدادات الإنسانية عنه، في ظل غارات جوية لا تتوقف أوقعت مجازر مروعة، وأسفرت عن آلاف الشهداء والجرحى.
وهذا المخيم هو أحد مخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة، ويقع ضمن المحافظة الوسطى، المحاصرة والمعزولة عن باقي مناطق القطاع، فمن الجهة الشمالية توجَد دبابات الاحتلال وآلياته على شارعي “صلاح الدين” و”الرشيد الساحلي” المؤديين إلى مدينة غزة، ومن الجهة الجنوبية حيث مسرح العمليات البرية لجيش الاحتلال في مدينة خان يونس.
ويقع مخيم النصيرات جغرافيا ضمن المناطق التي صنفها جيش الاحتلال في 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بـ “جنوب وادي غزة”، ودفع بسكان مدينة غزة وشمال القطاع بالنزوح إليها، بزعم أنها “آمنة”، غير أن الواقع يدحض هذه المزاعم.
يفند رئيس بلدية النصيرات الدكتور إياد المغاري هذه المزاعم في الحوار التالي مع الجزيرة نت، ويستعرض الواقع الإنساني والمعيشي المنهار في المخيم جراء الحرب والعزلة والحصار.
-
ما أثر العزلة والحصار على مخيم النصيرات؟
يقع مخيم النصيرات ضمن المنطقة الوسطى لقطاع غزة، والمناطق الجنوبية المتاخمة لمدينة غزة، والتي طالب جيش الاحتلال الإسرائيلي بنزوح سكان شمال القطاع إليها، منذ بداية عدوانه الهمجي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبالتالي فإن النصيرات تعاني كباقي مناطق القطاع من حصار مطبق وكبير، ظهرت ملامحه بشدة خلال العدوان الحالي.
يفتقر المخيم لأدنى مقومات الحياة، فلا مواد غذائية أو أساسية أو وقود، وهناك شح كبير في المياه التي باتت أصلا غير صالحة للشرب، بالإضافة إلى انعدام الدواء، فمن يمرض اليوم لا يمكن علاجه أو الذهاب به للمشفى، لأنه لا يوجد إلا مستشفى واحد في المنطقة الوسطى وهو “شهداء الأقصى”، الذي يعالج عشرات الآلاف من الجرحى في ظل ضعف الإمكانات والدعم له.
لذلك نؤكد أن مخيم النصيرات للاجئين قد تأثر بشكل كبير جدا من العزلة والحصار، مما يستدعي من المجتمع الدولي والإنساني العمل الفاعل والفوري لوقف العدوان، ورفع الحصار كليا عن القطاع، فمن حق هذا الشعب أن يعيش بكرامة وإنسانية كباقي شعوب العالم.
-
ونتيجة لذلك، كنتم حذرتم من مجاعة حقيقية تواجه سكان المخيم والنازحين إليه؟
تجاوز عدد سكان النصيرات في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، للشهر الثالث على التوالي، 400 ألف مواطن ونازح، وتتوزع النسبة الأكبر منهم على 39 مركز إيواء داخل حدود النصيرات، جميعهم يتهددهم خطر الجوع والعطش، وتفتقر مراكز الإيواء إلى أبسط مقومات الحياة.
لذا، فإننا نطالب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) والجهات الإغاثية الأخرى، بتعزيز دورها في هذا الجانب وتحمل مسؤولياتها، ووضع حد للكارثة الإنسانية المتفاقمة.
-
يعتبر مخيم النصيرات أحد أكثر مناطق قطاع غزة تعرضا للغارات الجوية والقصف المدفعي، ما أثر العدوان على المخيم؟
يتعرض مخيم النصيرات بشكل يومي لقصف مكثف من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي، وقد نتج عن ذلك ارتقاء ما يقارب 1500 شهيد من المخيم، وجُرح الآلاف وبينهم أعداد كبيرة لا تزال تتلقى العلاج في مراكز الطوارئ ومستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح المجاورة، وإضافة إلى الخسائر في الأرواح، تسبب العدوان في تدمير كلي لـ 300 وحدة سكنية، فضلا عن تضرر ما يزيد على 1000 وحدة سكنية بشكل جزئي.
-
برز من بين الضحايا أعداد كبيرة من النازحين، ما تفسير ذلك والاحتلال يزعم أن مناطق جنوب القطاع آمنة، ومنها مخيم النصيرات؟
منذ بداية العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، طالب جيش الاحتلال سكان شمال قطاع غزة بالتوجه إلى مناطق الجنوب، ومنها مخيم النصيرات، الذي نزح إليه مئات الآلاف، ذهب جزء منهم إلى مراكز الإيواء وجزء آخر في منازل الأقارب والأصدقاء، وبالتالي وفي ظل الغارات الجوية الغادرة على منازل المدنيين الآمنين على مدار الساعة، يكون من بين الشهداء أعداد من هؤلاء النازحين، وهذا يدلل على وحشية وإجرام هذا المحتل، وكذبه المستمر حول وجود مناطق آمنة في قطاع غزة، وعلى امتداد مساحته الصغيرة سواء في شماله أو جنوبه لم يعد فيه مكان آمن، ولا يأمن أي شخص من المجازر وحرب الإبادة الإسرائيلية.
-
ما حجم الدمار في مخيم النصيرات؟
يكاد لا يخلو شارع أو حي من أثر لجرائم القتل والدمار الإسرائيلية، فقد تعمدت طائرات الاحتلال الإسرائيلي قصف عدة مربعات وأبراج وأحياء سكنية، بالإضافة إلى تدمير جيش الاحتلال المتعمد للبنية التحتية ولخطوط المياه والصرف الصحي الرئيسية وآليات البلدية العاملة في جمع وترحيل النفايات، وهو ما أدى إلى ارتقاء عدد من موظفي البلدية شهداء وهم على رأس عملهم، ورغم ذلك لا تزال لجنة طوارئ بلدية النصيرات تبذل قصارى جهدها رغم صعوبة الظروف الراهنة.
-
ما أبرز التحديات التي تواجه عملكم في البلدية لمواكبة تداعيات الحرب الإسرائيلية على المخيم؟
إن الكارثة الإنسانية والبيئية أصبحت واقعا نعيشه في ظل أزمة شح الوقود وانقطاع الكهرباء، وتأثرت معها بشدة البلدية وآلياتها ومرافقها وخدماتها كافة، وعليه فإننا نطلق صرخة استغاثة لوقف العدوان وفك الحصار وفتح المعابر، وإمداد قطاع غزة بالوقود الكافي، وإعادة تشغيل محطة الكهرباء والمياه، وتشغيل محطات التحلية، وتزويد البلديات بالآليات والمعدات الثقيلة اللازمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ورغم المعوقات والتحديات الكبيرة، فإننا نواصل جهود الطوارئ على مدار الساعة، وندعو المواطنين إلى ضرورة التكاتف والتلاحم والتعاون فيما بينهم لتعزيز الصمود والثبات، ونطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري للوقوف عند مسؤولياته لوقف العدوان الإسرائيلي بشكل تام، والضغط على الاحتلال بإدخال ما يلزم وبما يسمح للهيئات المحلية بأداء مهامها الخدمية.