تطوير بديل لأقوى الغازات تسببا في الاحتباس الاحتراري

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

هل سمعت عن الغاز الأكثر قدرة على إحداث الاحتباس الحراري؟ إنه غاز سداسي فلوريد الكبريت أو “إس إف 6” (SF6) الذي يفوق تأثيره على الاحترار آلاف المرات غاز ثاني أوكسيد الكربون، ويُستخدم على نطاق واسع في المعدات الكهربائية عالية الطاقة بغرض العزل الكهربائي.

ويبدو أن نهاية استخدام هذا الغاز قد اقتربت، بعد إعلان باحثين كوريين تطوير بديل له صديق للبيئة يتمتع بنفس خصائص العزل الكهربائي، مما سيزيد في أمل التخلص نهائيا من غاز “إس إف 6” ويساهم في الحد من الاحتباس الحراري.

منافع “إس إف 6” ومضاره الكارثية

قد لا يكون الكثير من الناس قد سمع عن غاز “إس إف 6” من قبل، فهو غاز اصطناعي عديم اللون والرائحة وغير سام وغير قابل للاشتعال، وله عدد من الخصائص الفريدة والمفيدة في عدد من التطبيقات الصناعية. لذلك يُستخدم على نطاق واسع في العديد من التطبيقات الصناعية والعلمية والطبية. ويعتبر هذا الغاز عازلا كهربائيا عالي الكفاءة، ولا يوصل الكهرباء، وهي خاصية تجعل منه خيارا آمنا للاستخدام في المعدات الكهربائية ذات الجهد العالي مثل المحولات والمفاتيح الكهربائية وقواطع الدوائر الكهربائية.

في المقابل، يُعد “إس إف 6” أحد أقوى غازات الدفيئة قدرة على إحداث الاحتباس الحراري بدرجة تفوق 25200 مرة ثاني أكسيد الكربون، وفق أحدث الدراسات. وهو ما يعني أن تأثير كيلوغرام واحد من هذا الغاز تعادل تأثير أكثر من 25 طنا من غاز ثاني أوكسيد الكربون. ووفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، فإن الانبعاثات السنوية لغاز “إس إف 6” زادت بشكل مطرد منذ الثمانينيات، مما أدى إلى ارتفاع نسبة تركيز هذا الغاز في الغلاف الجوي لتبلغ الآن نحو 10 أجزاء في التريليون جزء. بمعنى أن في كل تريليون جزيء في الهواء هناك 10 جزيئات من هذا الغاز.

ويعد التأثير البيئي لغاز “إس إف 6” مثيرا للقلق بشكل خاص لأنه يبقى في الغلاف الجوي لفترة طويلة جدا، ويقدّر عمره بأكثر من 3200 عام. وهذا يعني أن انبعاثات اليوم ستستمر في التأثير على البيئة لآلاف السنين. لذلك فمن المهم للصناعة ولواضعي السياسات اتخاذ خطوات لتقليل الانبعاثات وإيجاد حلول بديلة أكثر استدامة.

ورغم بذل الكثير من الجهود في جميع أنحاء العالم لتطوير غاز صديق للبيئة يمكن أن يحل محل سداسي فلوريد الكبريت، فإن هذه الجهود لم تحقق نتائج ملحوظة بعد، لأن تطوير غاز بديل لسادس فلوريد الكبريت أكثر صعوبة من تطوير أدوية جديدة، كما يقول بعض الخبراء.

المعهد الكوري لأبحاث التكنولوجيا الكهربائية / الغاز الجديد سيجعل الأجهزة المستخدمة في مجال الطاقة العالية أقل ضررا بالبيئة وأقل مساهمة في الاحتباس الحراري

غاز بديل صديق للبيئة

في هذا السياق قام باحثون من المعهد الكوري لأبحاث التكنولوجيا الكهربائية (KERI) مؤخرا بابتكار “غاز عازل صديق للبيئة” ليحل محل سداسي فلوريد الكبريت، كما طوروا تقنية جديدة تجعله قابلا للاستخدام في المعدات الكهربائية عالية الطاقة.

وبحسب موقع “ساينس تك دايلبي” نقلا عن بيان للمعهد، فإن الغاز المبتكر الذي أُطلق عليه اسم “كي 6” (K6) يتميز بنفس الخصائص العازلة للكهرباء إضافة إلى أنه لا يضر البيئة.

ولم يَكشف المعهد عن التركيبة الكيميائية للغاز الجديد، لكنه قال إن عملية التطوير شملت عدة مراحل تضمنت تصنيف المواد ذات القدرة المنخفضة على الاحتباس الحراري المستخدمة حاليا في الصناعة، ثم تحليل خصائصها الكهربائية والكيميائية. واختيرت المواد التي تدخل في تركيبة الغاز الجديد بناء على نتائج اختبارات أداء العزل وقابلية الاشتعال، ثم استخلاص النسب المثالية للتطبيق على أجهزة الطاقة بهدف تطوير غاز عازل صديق للبيئة.

ولا يحتوي الغاز الجديد على أي مكونات سامة أو خطيرة على الصحة والبيئة، وفق البيان، وتبلغ قدرته على إحداث الاحتباس الحراري أقل من قدرة غاز ثاني أوكسيد الكربون. كما أن “نقطة الغليان” لهذا الغاز منخفضة جدا وتقع عند 26 درجة مئوية تحت الصفر، مما يجعله غازا مستقرا قابلا للتطبيق في معظم المناطق من العالم.

واجتاز الغاز الجديد اختبارات التطبيق على قواطع الدوائر الكهربائية ذات الجهد العالي للغاية (145 كيلوفولتا) على مستوى ناقل الحركة وفقا للمعايير الدولية للجنة الكهروتقنية الدولية (IEC).

وبحسب رئيس مركز أبحاث أجهزة الطاقة الصديقة للبيئة في المعهد الكوري لأبحاث التكنولوجيا الكهربائية الدكتور يون هو أوه فإن غاز “كي 6” يتمتع بأداء أفضل من غاز “إس إف 6” إضافة إلى كونه صديقا للبيئة، لذلك من المتوقع أن يكون للغاز الجديد تأثير كبير في جعل الأجهزة المستخدمة في مجال الطاقة العالية أقل ضررا بالبيئة وأقل مساهمة في الاحتباس الحراري.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *