في إطار التصعيد الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس المسيطرة على قطاع غزة، تزداد الأمور تعقيدا في منطقة البحر الأحمر، حيث يصر المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، على مهاجمة سفن شحن تجارية قرب سواحل اليمن، وتحديدا في منطقة باب المندب الحيوية، دعما لحماس.
وفي هذا السياق، أعلنت الولايات المتحدة تشكيل عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر.
وقال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الثلاثاء، خلال زيارة إلى البحرين التي تستضيف مقر قيادة الأسطول الأميركي في الشرق الأوسط، إن الدول المشاركة في المبادرة التي تحمل اسم “حارس الازدهار” تضم بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا. وأعلنت اليونان، الخميس، مشاركتها فيها.
وأوضح أن المجموعة ستعمل على تسيير دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، موضحا في بيان: “هذا تحد دولي يتطلب عملا جماعيا”.
ورد زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، الأربعاء، بالتحذير من أن جماعته ستهاجم البوارج الأميركية، إذا تعرضت لاستهداف من واشنطن.
وأضاف في كلمة متلفزة: “إذا كان لدى الولايات المتحدة توجه باستهداف اليمن فلن نقف مكتوفي الأيدي”، مشيرًا إلى أنهم سيجعلون “البوارج والمصالح والملاحة الأميركية هدفا لصواريخهم وطائراتهم المسيرة وعملياتهم العسكرية”.
وتأثرت التجارة العالمية بشكل سلبي بهجمات الحوثيين، التي عطلت طريق تجارة رئيسي يربط أوروبا وأميركا الشمالية بآسيا عبر قناة السويس.
وعلقت شركات كبرى، من بينها شركة النفط “بي.بي”، عمليات النقل عبر البحر الأحمر، فيما قررت شركات مثل “ميرسك” تغيير مسار شحناتها التي تمر عادة عبر قناة السويس، لتتخذ طريق رأس الرجاء الصالح في الجزء الجنوبي من قارة أفريقيا، رغم المسافة الأطول.
تسلسل زمني للهجمات
شهد البحر الأحمر نحو 38 حادثا تورط فيه الحوثيون منذ 19 نوفمبر الماضي، وأغلب تلك الهجمات كانت قرب مضيق باب المندب، وفق ما كشفه تقرير مرفق بالخرائط من شركة “أمبري” البريطانية للأمن البحري.
ويمر نحو 12 بالمئة من حركة الشحن العالمية عبر قناة السويس، وهي أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا، لتعبر بعد ذلك أيضا البحر الأحمر قبالة اليمن.
وفي العادة، تبحر نحو 11800 رحلة شهريا عبر قناة السويس، وحوالي 393 رحلة يوميا، وفقا لتحليل أجرته وكالة رويترز لبيانات من شركة أبحاث سلسلة التوريد “بروجيكت44”.
وبدأت الحوادث في 19 نوفمبر، حينما أعلن الحوثيون الاستيلاء على السفينة التي ترفع علم جزر الباهاماس “غالاكسي ليدر”، ووصفوها بأنها “إسرائيلية”.
و”غالاكسي ليدر” تعود ملكيتها إلى شركة مقرها جزيرة مان، تدعى “راي كار كاريرز”، وهي وحدة تابعة لشركة “راي شيبينغ” المسجلة في تل أبيب.
وترتبط السفينة المختطفة “غالاكسي ليدر” برجل الأعمال الإسرائيلي، أبراهام رامي أونغار، بحسب وكالة فرانس برس.
هليكوبتر أنزلت مسلحين على سطحها.. “الحوثي” تنشر فيديو الاستيلاء على سفينة البحر الأحمر
نشرت جماعة أنصار الله الحوثيين تسجيلا مصورا قالت إنه لعملية استيلاء قواتها على سفينة في البحر الأحمر يوم الأحد
وتوالت بعد ذلك الحوادث، ففي يوم 24 نوفمبر تم استهداف سفينة تحمل علم مالطا. وذكرت شركة “إمبري” أنها تعرضت لأضرار بعد انفجار طائرة مسيرة على مسافة قريبة منها.
وأضافت الشركة، وفق فرانس برس، أن “السفينة تديرها شركة على صلة بإسرائيل، ويشير التقييم إلى أن ذلك هو سبب استهدافها”، مضيفة أنه في الأيام التي سبقت الهجوم، تمّ إطفاء إرسالات تعقب السفينة بعيد إبحارها من أحد موانئ دولة الإمارات.
يوم 26 نوفمبر، نقلت رويترز عن مسؤولين أميركيين أن سفينة تابعة للبحرية الأميركية استجابت لنداء استغاثة من ناقلة في خليج عدن استولى عليها مسلحون، حيث تم التعامل مع الموقف وباتت في وضع آمن.
وكانت الناقلة “سنترال بارك” التي ترفع علم ليبيريا تحمل شحنة من حمض الفوسفوريك، وهي مرتبطة برجل الأعمال الإسرائيلي الملياردير إيال عوفر، وفق “تايمز أوف إسرائيل”.
أما يوم 27 نوفمبر، فقد تعرضت الناقلة “إم إس سي أمبرا” التي تحمل علم بنما، لرصد بواسطة طائرة بدون طيار.
وتواصلت الهجمات، إذ شهد يوم الثالث من ديسمبر، 3 حوادث، حيث أعلن الجيش الأميركي تعرض 3 سفن تجارية لهجمات جنوبي البحر الأحمر.
واستجابت المدمرة الأميركية “كارني” لنداءات استغاثة، وقدمت الدعم للسفن بعد إطلاق صواريخ وطائرات بدون طيار من مناطق يمنية يسيطر عليها الحوثيون.
وتقول جماعة الحوثي إنها تستهدف السفن “بعدما لا تستجيب للتحذيرات”.
“طاقمها بخير”.. استهداف سفينة سويسرية بمضيق باب المندب
أعلن مسؤول أميركي، الجمعة، عن استهداف سفينة سويسرية بصاروخ حوثي في مضيق باب المندب، فيما وردت أنباء عن اختطاف سفينة أخرى، حيث أفادت هيئة بريطانية، الجمعة، بأن طاقم سفينة متجهة نحو الصومال “فقد السيطرة عليها”.
كما أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية يوم 12 ديسمبر، أن فرقاطة فرنسية أسقطت طائرة بدون طيار هددت الناقلة “ستريندا” التي ترفع علم النرويج، وذلك بعد تعرضها لمحاولة اختطاف، على بعد 110 كيلومتر من ميناء الحديدة اليمني الذي تسيطر عليه جماعة الحوثي.
وسبق ذلك تهديدات لسفن تحمل أعلام سنغافورة وجزر مارشال يومي 10 و11 ديسمبر.
وفي يوم 15 ديسمبر، قالت شركة “أمبري” البريطانية، إن سفينة حاويات ترفع علم ليبيريا مملوكة لشركة “هاباج-لويد إيه.جي”، تعرضت لأضرار جراء “هجوم جوي” على بعد 50 ميلا بحريا شمال ميناء المخا اليمني.
وأضافت أمبري، وفق رويترز، أن السفينة “كانت تتحرك جنوبا عبر مضيق باب المندب، عندما أصيبت بمقذوف تسبب في نشوب حريق على سطحها، وسقوط حاوية في البحر”.
وفي اليوم نفسه، قالت أمبري إن سفينة الحاويات “إم.إس.سي بالاتيوم 3” المملوكة لشركة سويسرية وترفع علم ليبيريا، تم استهدافها أثناء تحركها شمالا على بعد حوالي 22 ميلا بحريا جنوب غرب ميناء المخا اليمني.
وكانت السفينة متجهة إلى ميناء جدة السعودي. وقالت أمبري في تقييمها إنه “من المرجح أن سفينة الحاويات تلقت تحذيرا من الحوثيين اليمنيين، بعدم المرور عبر البحر الأحمر”.
وفي حادثة ثالثة، قال مسؤول دفاع أميركي، إن مقذوفا انطلق من منطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن أصاب سفينة الجسرة التي ترفع علم ليبيريا ومملوكة لشركة ألمانية، مما تسبب في نشوب حريق دون وقوع إصابات.
كما أشارت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، في 18 ديسمبر، إلى واقعتين منفصلتين قرب المضيق عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر.
وقالت الهيئة في مذكرة إرشادية، إنها تلقت تقريرا عن انفجار محتمل وقع في المياه على بعد ميلين بحريين من إحدى السفن التي كانت تبعد 30 ميلا بحريا جنوب ميناء المخا.
وأضافت في مذكرتين منفصلتين أنها تلقت تقريرين عن “واقعة” ثانية حدثت على بعد 30 ميلا بحريا إلى الشمال الغربي من المخا، وثالثة على بعد 24 ميلا بحريا جنوب شرق الميناء، بحسب رويترز.
كما ذكرت شركة أمبري، الثلاثاء، أنها تلقت معلومات عن محاولة محتملة لاعتلاء سفينة على بعد 71 ميلا بحريا إلى الغرب من مدينة عدن الساحلية باليمن، مضيفة أن الهجوم لم ينجح وأن جميع أفراد الطاقم بخير.
وأوضحت في مذكرة: “تلقت سفينة في المنطقة المجاورة اتصالا عالي التردد من سفينة تتعرض لهجوم قرصنة في الموقع. وبعد نصف ساعة، وصلت طائرة.. إلى مكان الواقعة لتمشيط المنطقة”.
وأكدت أمبري أن قوارب صغيرة اقتربت من 3 سفن تجارية بينما كانت تبحر باتجاه الشرق على بعد 71 ميلا إلى الجنوب الغربي من عدن. وأضافت المذكرة أن زورقا يمني الطراز اقترب من سفينة شحن ترفع علم ليبيريا ضمن مسافة قدرها نصف ميل.
وتابعت أمبري أن السفينة أجرت مناورات هروب بتغيير مسارها وزيادة سرعتها.