طولكرم- على أجزاء من حطام آلية عسكرية إسرائيلية وقف عدد من المقاتلين من كتيبة طولكرم، التابعة لسرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، متحدثين عن إنجاز جديد للمقاومة في مخيمات المدينة الواقعة شمال الضفة الغربية، بعد نجاحهم في تفجير عبوة ناسفة محلية الصنع، بالآلية المقتحمة لمخيم نور شمس صباح اليوم الأحد.
ووسط عدد من الأهالي الذين تجمهروا لرؤية الحطام، قال أحد المقاتلين ممن خاضوا اشتباكا مسلحا لساعات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي اقتحمت مخيم نور شمس مساء السبت، وبقيت فيه حتى ساعات متأخرة من صباح اليوم، “من يفكر بدخول المخيم عليه أن يتوقع الموت، انظروا، كان دخولهم نارا عليهم”.
وكانت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت المخيم مدعومة بجرافات عسكرية وطائرات استطلاع مسيرة، وتوغلت في عدة محاور فيه وعلى أطرافه، في وقت جرفت شوارعه ودمرت البنية التحتية، وهو أسلوب تستخدمه إسرائيل في جميع اقتحاماتها للمدن والمخيمات الفلسطينية، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
تفجير آلية النمر
وقال مقاومون من كتيبة طولكرم أن الكتيبة تصدت لاقتحام قوات الاحتلال، واشتبكت معهم منذ اللحظة الأولى، في حين استطاع مقاومون تفجير عبوة ناسفة في آلية النمر مما أدى لتدميرها، ويؤكد المقاتل “ر. م” وقوع إصابات في جنود الاحتلال، ويقول “أصابت العبوة آلية النمر بشكل مباشر مما أدى لتفجيرها، وهذه بقاياها، هذه الآلية معروفة بنقل جنود الاحتلال، نحن نؤكد أن الجنود الذين كانوا بداخلها أصيبوا رغم تكتم العدو على ذلك”.
وقبل ما جرى في نور شمس، كان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن في بيان عن إصابة 8 من جنوده إضافة لضابط، بعد تفجير أكثر من آلية إسرائيلية خلال اقتحام مخيم جنين منتصف الأسبوع الماضي، والذي استمر لمدة 3 أيام. ويكشف المقاومون أن تطوراً كبيرا طرأ على العمليات العسكرية التي يخوضونها في كل اقتحام إسرائيلي للمخيمات الفلسطينية.
برزت قوة العبوات الناسفة المصنعة محليا لأول مرة في الضفة الغربية، وتحديدا في مخيم جنين للاجئين، وذلك بعد تفجير أول آلية من نوع نمر تابعة لقوات الاحتلال، في اقتحام إسرائيلي استمر لمدة 11 ساعة، وشهد اشتباكات اعترفت إسرائيلي بشدتها، واستعانت إسرائيل بطائرة أباتشي لنقل الجرحى من داخل المخيم نظرا لشدة الاشتباك.
تطور أساليب المقاومة
وفي أحد أزقة المخيم، كان عدد من المقاومين يتفقدون أماكن العبوات التي تم تفجيرها ليلة أمس، بينما وقف المقاتل “ج.ج” وهو مسؤول وحدة العبوات الناسفة في المجموعة والمخول بالحديث عنها، وقال “نحن نفضل عدم الحديث عن المتفجرات التي نستخدمها في عمليات القتال التي تحدث وقت الاقتحامات، فهذا أمر يعود للأسرار القتالية لدينا”.
ويستدرك المتحدث بقوله “يمكن الحديث عن تطور كبير في آلية تصنيع المتفجرات والعبوات الناسفة، بحيث أصبحت أكثر قدرة على الانفجار وإحداث الأضرار المباشرة”، ويسترسل “وبالإضافة للتطور في التصنيع، هناك تطور في أداء المقاتلين، فنحن نستفيد من تجاربنا السابقة، وفي كل مرة نتعلم أمورا جديدة يمكن أن تضيف نجاحا في عمليات التصدي للقوات المقتحمة”.
ويؤكد المتحدث نفسه أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تخشى دخول شوارع المخيم، لذا تلجأ إلى أسلوب القصف بطائرات الاستطلاع المسيرة، فيما يسبق دخول آلياتها تجريف شوارع المخيم بالجرافات العسكرية، “وعلى الرغم من ذلك استطاع المقاومون تحقيق إصابة مباشرة في آلية النمر التي يتغنى بها الجيش الإسرائيلي” حسب قوله.
تطوير الأفراد
ويرى المتحدث باسم وحدة العبوات الناسفة “ج.ج” أن التطور ممتد ومستمر في أسلوب المقاومة في الضفة الغربية كافة، ويقول “نتواصل مع أخوتنا المجاهدين في مخيم جنين وبلاطة ومخيم طولكرم أيضا، نستمر بالعمل على تطوير صناعة العبوات المحلية، وعلى آلية استخدامها، وعلى تدريب عناصرنا”.
ولا يغفل المتحدث دور الوحدات الأخرى في الكتيبة، والتي تقوم بدور كبير في التصدي للاقتحامات، ويقول “يوجد فضل كبير لوحدة الاشتباك المسلح، والتي تخوض قتالا من مسافات قريبة جدا مع العدو الإسرائيلي، وتوقع فيه إصابات مباشرة، نحن نعتمد على قوة مقاتلينا ودقتهم في إصابة الهدف، ما يحصل وقت الاقتحام هو شيء بطولي، المقاومون يفاجئون الجنود من عدة محاور ويشتبكون معهم”.
ويضيف “أيضا نطور بشكل مستمر وحدات الرصد، ووحدات الدعم اللوجستي، ونحن نعمل كجسم واحد، كل اقتحام هو بمثابة معركة جديدة لنا، ومنها نأخذ دروسا للتطور المستمر في العمل المسلح، هذا طريقنا الذي رسمناه واخترناه، هدفنا واضح، الجهاد حتى التحرر بإذن الله”.
ضرب الحاضنة الشعبية
تعمد إسرائيل لضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، والمتمركزة بشكل أساسي في المخيمات، من خلال ترويع السكان وتفجير منازلهم وتدمير البنى التحتية، وجعل الحياة في المخيمات بالغة الصعوبة.
لكن ما يمكن ملاحظته أن تأييد العمل العسكري يتعاظم في كل مناطق الضفة، خصوصا مع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، وارتفاع شعبية حركة المقاومة الإسلامية حماس وكتائب القسام، التي تخوض معارك ضارية مع قوات الاحتلال في القطاع.
يقول أبو محمد، وهو صاحب دكان، جرف الاحتلال الإسرائيلي الشارع الواصل إليه “في كل مرة يقتحمون المخيم تسبقهم الجرافة في تدمير كل ما تمر عنه بطريقها، شوارع أشجار شبكات كهرباء وصرف صحي، هم لا يعرفون أنه في كل مرة ينتهون من تدمير البنية التحتية في المخيم والخروج منه، مما يزيد شعورنا بالغضب والحقد عليهم، هذا الحقد الذي يخرج المقاومين، وهو ذاته الذي يجعلنا ندعم الخيار العسكري”.
ويضيف “كيف لنا أن نسكت عن أفعال الاحتلال في تخريب حياتنا وقتل أبنائنا، اليوم قتلوا 4 شبان، هؤلاء الشبان لهم أحباب وأصحاب وأهل، ولهم حياة وطموحات، كل ذلك لا يمكن أن يمر بدون حساب بالتأكيد سيكون له ثمن، وثمنه هو المقاومة بالطبع”.
ويؤيد غالبية الأهالي رأي أبو محمد، فهم يرون أن المقاومة هي الخيار الوحيد لاسترداد الحقوق الفلسطينية، وأن الاقتحامات الإسرائيلية المستمرة للمخيمات تهدف للقضاء عليها، وهو ما لا يمكن أن يحصل في الوقت الحالي، فأعداد المقاومين بازدياد، بالرغم من اغتيال المسلحين عن طريق قصفهم، فإن بؤر المقاومة تمتد في القرى والمدن الفلسطينية المختلفة.
ولم يفت كتيبة طولكرم نعي المقاتل غيث شحادة، الذي استشهد بعد قصف إسرائيلي استهدفه مع 3 آخرين.