اعتادت سفن شحن الحاويات التي تجلب السلع إلى إسرائيل، بما في ذلك الأحذية والملابس والأثاث والسلع الكهربائية، الدخول إلى مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر ومنه إلى ميناء إيلات في إسرائيل، أو قناة السويس المصرية ومن ثم إلى ميناء أسدود أو حيفا.
اليوم، وفي ظل الحرب على قطاع غزة وتهديدات جماعة الحوثي في اليمن باستهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل من باب المندب، يتعين على السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية الالتفاف حول أفريقيا للوصول إلى إسرائيل عبر مضيق جبل طارق في شمال المغرب.
وقال رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، في بيان اليوم، إن 55 سفينة تحولت إلى طريق رأس الرجاء الصالح منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
يزيد المسار البديل للشحن البحري عبر البحر الأحمر من وقت إبحار السفن المتجهة إلى إسرائيل بما بين 17 يوما و22 يومًا، مما تسبب في ارتفاع كلفة الشحن وأسعار البضائع وحتى تأجيل بعض الصفقات والمعاملات والتبادل التجاري الإسرائيلي.
الصادرات والواردات
وبحسب بيانات وزارة الاقتصاد الإسرائيلية، تجاوزت قيمة الصادرات الإسرائيلية العام الماضي 166 مليار دولار، وترتفع 10% مقارنة بالعام 2021.
وجدت 38% من البضائع الإسرائيلية طريقها إلى الأسواق الأوروبية، وفي حين تم تصدير 35% منها إلى دول في أميركا، و24% إلى آسيا، تم تصدير الباقي إلى أفريقيا وأوكرانيا، وفق البيانات الرسمية الإسرائيلية.
وزادت الصادرات الإسرائيلية من البضائع إلى الولايات المتحدة 19% خلال السنة الماضية على أساس سنوي، كما ارتفعت إلى بريطانيا 113%، وإلى البرازيل 90%، والهند 39%، وتركيا 17%.
في المقابل، بلغت قيمة الواردات السلعية في 2022 نحو 107.7 مليارات دولار بزيادة 16.9% مقارنة بالعام 2021.
وشكّل حجم التبادل التجاري لإسرائيل 34.6% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2022، إذ بلغت قيمة الصادرات 73.8 مليار دولار، في حين سجّلت الواردات 107.2 مليارات دولار.
وتشير معطيات وبيانات سلطة الملاحة والموانئ التابعة لوزارة المواصلات الإسرائيلية، إلى أن الموانئ الإسرائيلية فرغت العام 2022 بضائع حمولتها تزن 40.6 مليون طن، في حين حمّلت إلى الخارج بضائع بلغت حمولتها 18.2 مليون طن.
تهديد وشلل
في أعقاب تهديدات جماعة الحوثي ومنع السفن المتوجه إلى إسرائيل الإبحار عبر باب المندب، فإن ميناء إيلات أصيب بحالة من الشلل التجاري، بحسب المدير التنفيذي للميناء جدعون غولبر، مضيفا “لن تصل السيارات بعد الآن، وسنخسر بقية السفن، إذ نصدر منه المواد الكيميائية”.
ونقلت صحيفة “ذا ماركر” عن غولبر قوله إن “إغلاق مضيق تيران تسبب بالفعل في حربين الأولى 1956 (العدوان الثلاثي على مصر) وحرب عام 1967 (النكسة)”، مضيفا أنه لا يمكن السماح للحوثيين بسد طريق الشحن البحري إلى إسرائيل، وأن “ميناء إيلات من أهم المصالح الحيوية لإسرائيل”.
ويعاني المستوردون من عدم اليقين وارتفاع تكلفة الشحن، لكن غولبر يقول عن ميناء إيلات، الذي يعتمد على حركة السفن في البحر الأحمر، “يمكن أن تشل حركته تماما بسبب الوضع الأمني. الميناء الصغير في إيلات مسؤول عن 3% فقط من إجمالي حركة البضائع في إسرائيل، لكنه أكبر ميناء لاستيراد السيارات، إذ تصل إليه 44% من جميع المركبات التي تصل إلى إسرائيل”.
تراجع وارتفاع
وقال رجل الأعمال من الداخل الفلسطيني محمد الجسار إن مسار الشحن البحري لمختلف سفن البضائع من الصين والهند إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر وقناة السويس يستغرق بشكل عام 3 أسابيع، ومن شأن إغلاق باب المندب أن يؤثر بشكل كبير على التبادل التجاري الإسرائيلي.
وأشار إلى أن المسار البديل للبحر الأحمر هو عبر توجه السفن إلى مضيق جبل طارق، مما سيؤدي لزيادة الفترة الزمنية للشحن إلى نحو 6 أسابيع.
وفي حديثه للجزيرة نت، لفت الجسار إلى أن ذلك سيرفع سعر الحاوية الواحدة من 1500 إلى 3 آلاف دولار، ويضاف إلى ذلك ارتفاع بوليصة شركات التأمين بسبب التهديدات الإقليمية ومخاطر الحرب على قطاع غزة وتداعياتها على الاقتصاد بإسرائيل.
كلفة وخسائر
في قراءة لتداعيات تهديدات جماعة الحوثي، قال المتخصص بالاقتصادي السياسي مطانس شحادة للجزيرة نت إن ذلك أدى إلى ارتفاع أسعار مختلف البضائع بما يشمل المستلزمات الغذائية الأساسية، وذلك بسبب قلة البضائع في السوق جراء الارتفاع في تكلفة الشحن البحري.
وأوضح أن الواقع الجديد للشحن البحري في باب المندب يفاقم الأزمة الاقتصادية، ويكبد إسرائيل خسائر إضافية إلى جانب خسائرها جراء الحرب على غزة، معتبرا أن إغلاق باب المندب في وجه السفن المتجهة لإسرائيل ضربة إستراتيجية للتعاملات التجارية، إذ إن بدائل الشحن البحري مكلفة للغاية ولا يمكن للاقتصاد الإسرائيلي تحملها على المدى البعيد.