مع القتال العنيف الدائر في قطاع غزة، يتكبد جيش الاحتلال الإسرائيلي خسائر فادحة، وقد أعلن عن وصول عدد قتلاه حتى أمس الخميس إلى 445 عسكريا، منهم 119 ضابطا، أي أن نسبة الضباط وصلت إلى نحو 27% من عدد العسكريين القتلى.
وتوزعت رتب الضباط القتلى كالتالي:
- 5 عقداء.
- 8 برتبة مقدم.
- 43 رائدا.
- 41 نقيبا.
- 11 ملازما.
- 60 من هؤلاء الضباط من فرق النخبة.
لكن لماذا هذه النسبة العالية من الضباط في قتلى الجيش الإسرائيلية؟
لنعد سنوات إلى الوراء، حيث طُورت إستراتيجية “جدعون” عام 2015 تحت إشراف وزير الدفاع الإسرائيلي السابق وعضو مجلس الحرب حاليا بيني غانتس، وتهدف إلى جعل القوات الإسرائيلية أقل من حيث العدد البشري، لكن أكثر تأثيرا.
وقبلها، كان جيش الاحتلال قد تبنى إستراتيجية تعتمد على جعل الجيش مكونا من وحدات قتال على مستوى اللواء بدل الفرقة، وذلك لأن الجيش لم يعد يرى أن التهديد الحقيقي يأتي من القتال في مناطق مفتوحة مع القوات النظامية للدول، فهي لم تعد تشكل تهديدا لإسرائيل، إنما مما يصنف مجموعات مسلحة ضمن حرب غير نظامية. فانخفض تشكيل المجموعة القتالية من مستوى الفرقة إلى اللواء.
وعلى سبيل المثال عام 2011، بدأ جيش الاحتلال بتشكيل جديد لقوات المشاة يعتمد فيها على 6 كتائب، تتوزع بين فئات المشاة، والمدرعة، والمدفعية، وقتال هندسية.
ويسمح هذا التشكيل للكتيبة بطلب استدعاء الطيران أو السلاح البحري للدعم، في حين يشكل الألوية مراكز القيادة والتحكم التي تتواصل مع المراكز الأخرى.
ويتطلب هذا التسلسل وجود ضباط على الأرض لقيادة التشكيلات الأصغر في الميدان، والهدف من هذا التشكيل سرعة الحركة واتخاذ القرارات السريعة دون الحاجة إلى العودة دوما إلى قيادة مركزية لاتخاذ القرارات، وهو ما قد يكون سببا لزيادة نسبة القتلى بين الضباط مقارنة بالجنود.
وفي تصريح للجزيرة نت، قال الخبير العسكري العراقي الدكتور مهند العزاوي إن ارتفاع نسبة الضباط بين قتلى جيش الاحتلال في غزة يرجع إلى سببين؛ أولهما: أن القتال داخل المدن وفي الاشتباك القريب يكون كافة المقاتلين ضباطا وجنودا في دائرة الاستهداف دون تمييز.
ومن الأساليب القتالية في المدن أسلوب القتال اللامركزي نظرا لطبيعة الأزقة والأحياء المكتظة كما في قطاع غزة مما يُسهّل اصطيادهم بوسائل الاستهداف كالقنص والكمائن، وتمنح هذه العوامل مرونة للمقاومة الفلسطينية في اختيار الأهداف وقنص الثمين منها.
والسبب الثاني -بحسب الخبير العسكري- هو التنظيم، فجيش الاحتلال الإسرائيلي استقدم للحرب تشكيلات وأفواجا وكتائب من خارج القيادة، وهؤلاء يفتقرون للمعرفة الدقيقة بأرض المعركة وبنك الأهداف، فضلا عن المجندين الاحتياط الذين ينخرطون في العمل العسكري، ولا يمتلكون إلا خبرة عسكرية متقطعة ودون تحديث أو تعايش مسبق مع مسرح العمليات، وهنا يصبحون أهدافا سهلة للمقاومة.
ويؤكد العزاوي أن ارتفاع أعداد الضباط القتلى في صفوف جيش الاحتلال يشير إلى ضراوة المعارك والقتال في أحياء قطاع غزة، ولا سيما أن المقاومة تقاتل بخبرة متواصلة، وقد استعدت لهذه المعركة جيدا، ودائما ما يُوقع القتال في المدن خسائر فادحة بالمهاجمين.