وتشهد طرقات لبنان نزيفاً مستمراً في الأرواح، نتيجة التدهور الحاد في البنية التحتية، والتراجع الملحوظ في إجراءات السلامة المرورية، في ظل ضعف قدرات الدولة على تنفيذ أعمال صيانة الطرق من الحُفر، وتشغيل إشارات المرور التي باتت معظمها خارج الخدمة، إضافة إلى غياب الإنارة في المساء بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وذلك كنتيجة للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ 4 سنوات.
ارتفاع كبير في العدد الرسمي للضحايا
ويكشف المحامي زياد عقل وهو مؤسس جمعية “يازا” من أجل السلامة المرورية في لبنان، في حديث خاص لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه ورغم وجود أيام قليلة تفصلنا عن انتهاء عام 2023، إلا أن أعداد الوفيات الناتجة عن حوادث السير في لبنان، سجّلت هذا العام وحتى الساعة، ارتفاعاً نسبته 14 بالمئة، مقارنة بعدد الضحايا المسجّل في عام 2022، مشيراً إلى أنه بحسب الأرقام التي جمعتها “يازا” والمبنية على إحصاءات غرفة التحكم المروري، التابعة لقوى الأمن الداخلي اللبناني، يتبين أن حوادث السير في 2023، حصدت أرواح 370 شخصاً، ارتفاعاً من 319 ضحية سقطت في 2022.
وبحسب عقل فإن أرقام جمعية “يازا” تظهر أيضاً أنه منذ بداية عام 2023، وحتى منتصف شهر ديسمبر الحالي، سقط 2318 جريحاً نتيجة حوادث السير التي شهدتها طرقات لبنان، مقارنة بـ2229 جريحاً في 2022، بنسبة ارتفاع حجمها 3.8 بالمئة، حيث تعكس هذه الأرقام الواقع المأساوي الذي تشهده الطرقات بشكل يومي، لافتاً إلى أن إحدى العوامل الأساسية التي ساهمت في ارتفاع أعداد القتلى على طرقات لبنان، هي عدم الالتزام بالقوانين، مع الأخذ في الإعتبار، أن أعداد القتلى والجرحى مرشحة للارتفاع مع وجود حوادث سير غير محصاة ولا يتم التبليغ عنها رسمياً، وهو الأمر الذي تنبهت إليه جمعية “يازا”.
أسباب ما يحصل على طرقات لبنان
ويشرح عقل أن قانون السير غير مطبق في لبنان، وذلك بالنسبة لمعظم سائقي المركبات والشاحنات والدرجات النارية، أكانوا لبنانيين أم أجانب، وسط تقاعس من قبل شرطة البلديات وقوى الأمن الداخلي، عن القيام بدورها لناحية قمع المخالفات التي تحصل، وهذا ما يزيد الأمر سوءاً، مشدداً على أن ظاهرة عدم الالتزام بقانون السير والمخالفات التي تحصل، لها علاقة بالانتشار الكبير وغير القانوني للدراجات النارية ومركبات التوك توك، التي باتت خياراً للكثيرين بعد الأزمة الاقتصادية التي أصابت لبنان.
وأكد عقل أن طرقات لبنان باتت بوضع متهالك، وتحتاج لعمليات صيانة دورية لمعالجة الحفر، وإعادة تشغيل إشارات المرور وتفعيل الإنارة، فجميع هذه العناصر ساهمت في جعل القيادة على الطرقات، أمراً محفوفاً بالمخاطر، معتبراً أن وقف “نزيف الإسفلت” في لبنان يعتمد على 3 عناصر هي، إعادة تفعيل قانون السير، والتشدد بملاحقة المخالفين، وصيانة الطرقات، وتوعية السائقين.
طرقات وسيارات تفتقد لشروط الأمان
من جهته يقول الخبير في حوادث السير جوزيف نشار في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن ما يحصل على طرقات لبنان من ارتفاع في نسبة الحوادث، والضحايا الناتجة عنها، تتحمّل مسؤوليته الدولة، إضافة إلى سائقي المركبات، فمن جهة، الدولة لا تقوم بواجباتها لناحية صيانة الطرق والسهر على تطبيق القوانين، ومن جهة اخرى يهمل السائقون أهمية الالتزام بالقوانين لناحية القيادة بوعي، ومسؤولية الابتعاد عن السرعة، وعدم التلهي بالهاتف، مشدداً على أن الطرقات في لبنان باتت تفتقد للعديد من شروط الأمان، ما يجعلها غير صالحة للقيادة.
وبحسب نشار فإن على الدولة اللبنانية واجبات، يجب أن تقوم بها لناحية الاعتناء بالسائقين المخالفين، وإخضاعهم للمحاسبة والتثقيف بشكل مستمر، مشيراً إلى أن لبنان بات يستورد الكثير من المركبات، بمواصفات غير صالحة للاستخدام، حيث يعاد تجديد هذه السيارات محلياً، ليتم بيعها في السوق دون الكشف عن ماضيها، ما يعرض سائقيها للكثير من المخاطر، وهذا الأمر تتحمل مسؤوليته ايضاً الدولة، التي يجب عليها التحرك لمحاسبة من يتاجر بسلامة الناس.