يتلقى اقتصاد إسرائيل صدمات متتالية من تداعيات الأوضاع الجارية بعد عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث جاءت الضربة هذه المرة في قطاع التقنية الذي يمثّل نصف صادرات إسرائيل وربع إيراداتها الضريبية، لكن رغم الإشارات المختلطة التي أبداها القطاع، عدّت صحيفة يديعوت أحرونوت أن عام 2023 هو عام ضائع على القطاع الحيوي للاقتصاد.
ونبهت الصحيفة، في تقرير لها بعنوان “الحرب تؤثر في كل شيء: قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي بدأ يتخلف عن الركب”، بحالات متفرقة من زيادات رأس المال الكبيرة، مثل جمع شركة “فاست” الإسرائيلية للبنى التحتية للبيانات نحو 118 مليون دولار، أو تمويل شركة “نكست إنشورانس” بقيمة 265 مليون دولار من قبل شركة أليانس للتأمين، أو توسيع صندوق “إي آي 21” من 53 مليون دولار إلى 208 ملايين دولار، مع مشاركة مستثمرين مؤثرين مثل “إنتل كابيتال” و”كومكاست”.
مكانة التكنولجيا إسرائيليا
يشار إلى أن قطاع التكنولوجيا الفائقة شكّل 18.1% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل في سنة 2022، ليصبح أكبر مساهم في الناتج المحلي، وفق بيانات هيئة الابتكار الإسرائيلية، وقد تضاعف إنتاج القطاع إلى 290 مليار شيكل (78.6 مليار دولار) في السنة نفسها، من 126 مليار شيكل (34.15 مليار دولار) في 2012.
وحسب البيانات، مثّلت صادرات قطاع التكنولوجيا الفائقة 48.3% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية في 2022، بما قيمته 71 مليار دولار، بنمو 107% مقارنة بالمسجل في 2012، ويعمل 401,900 موظف في إسرائيل في القطاع وفق بيانات 2022.
تراجع غير مسبوق
من جانب آخر، كشف تقرير صادر عن شركة (برايس ووتر هاوس إسرائيل) للمحاسبة، تراجعا غير مسبوق في المبيعات والاكتتابات العامة للشركات الإسرائيلية فاق 50% مقارنة بعام 2022، وهو أدنى مستوى خلال 10 سنوات.
وأشارت الصحيفة إلى أن قطاع التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلي الذي كان يتسم بالحيوية والشفافية، أصبح الآن أشبه بالملجأ، فنحو خُمس العاملين في كل شركة في القطاع صار يعمل 8 ساعات في دورة العمل الواحدة، دون أفق لعودة الحياة إلى طبيعتها، ما أدى إلى نوع من السبات في القطاع، في الوقت الذي يبذل الجميع جهدا إضافيا للوفاء بالتزاماتهم تجاه العملاء.
ونقلت عن مصدر رفيع المستوى في قطاع رأس المال الاستثماري الإسرائيلي قوله، إن الزيادات الحالية في رأس المال هي “الاستثناء، وليست القاعدة”، مشيرا إلى أن ظاهرة “الخصم الإسرائيلي”، التي كاد السوق ينساها، عادت إلى الظهور مجددا.
وأضاف المصدر أن المستثمرين، لا سيما الوافدون من الخارج الذين ليس لديهم وجود محلي ثابت، يشعرون بالقلق من إمكانية استدعاء موظفيهم للخدمة الاحتياطية في الجيش الإسرائيلي، ما يدفعهم إلى تحويل استثماراتهم إلى الشركات الناشئة الأميركية والأوروبية، التي تظهر بالفعل علامات الانتعاش بعد عام ونصف العام من الصعوبات.
عام ضائع
رأى المصدر أنه “من المحبط”، وفق قوله، أنه كانت ثمة فرصة لقطاع التكنولوجيا الإسرائيلية لتكون في وضع أفضل، حتى رغم ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، مشيرا إلى أن شركات القطاع استعدت في 2023 لسنة صعبة بسبب المناخ السياسي المضطرب في البلاد.
وأشار إلى أن الفجوة المتسعة مع الولايات المتحدة وحتى أوروبا، من حيث القيمة والنشاط، يشكل حاليا أحد المخاوف الرئيسة لهذه الصناعة، وقد بدأ التراجع منتصف العام عندما تراجعت إسرائيل من المركز الخامس إلى المركز العاشر في جمع التمويلات للشركات التكنولوجيا الفائقة، مقابل تفوق دول مثل ألمانيا وفرنسا.
وخلال السنة الحالية، نبّه المصدر بأن النصف الأول من العام الجاري، شهد تراجعا في زيادات رأس مال الشركات الإسرائيلية في القطاع بنسبة 75%، تلاه استقرار طفيف في الربع الثالث، لكن أرقام الربع الأخير لا يريد أحد التعرض لها، فجهات جمع المعلومات تقاوم هذا الأمر وتفضل الانتظار حتى نهاية السنة.
ووصف المصدر عام 2023 بأنه “عام ضائع” لقطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل والعالم، بسبب الاضطرابات السياسية، لكنه قال، إن كثيرا من المستثمرين الأجانب يرون أن خطر تغيير النظام في إسرائيل أكثر تهديدا من الحرب.