ومن بين هذه الإجراءات تعديلات تجبر الطلاب الأجانب على دفع وديعة للحصول على تصريح إقامتهم، وتقديم دليل كل عام على الطبيعة “الحقيقية والجدية” لدراساتهم.
وتمثل الهجرة بغرض الدراسة الحصة الأكبر من تدفقات الهجرة في فرنسا، متقدمة قليلا على الهجرة العائلية.
وبحسب دراسة أجرتها كامبوس فرانس، وهي الوكالة الوطنية للنهوض بالتعليم التابعة لوزارتي التعليم العالي والخارجية، نُشرت في نوفمبر 2022 فإنه “يوجد في فرنسا، ما بين 300 إلى 400 ألف طالب دولي مسجلون في مؤسسات التعليم العالي، معظمهم من المغرب والصين والجزائر”.
وتستثمر الدولة 3.7 مليار يورو لاستقبال هؤلاء الطلاب الأجانب الذين ينفقون ما لا يقل عن 5 مليارات يورو سنويا خلال فترة إقامتهم (النفقات الشهرية ورسوم التسجيل والتدريب اللغوي والسياحة والنقل والمساهمات الاجتماعية).
ويبدو أن اليمين على استعداد لخفض هذه الأرقام من خلال تشديد التدابير المختلفة التي يتم الترويج لها في قانون الهجرة المقترح الذي سيناقش في الجمعية الوطنية اعتبارا من نهاية شهر ديسمبر الجاري.
منع الهجرة من خلال تصريح “إقامة الطالب”
من بين هذه الإجراءات، يوضح السيناتور إل آر روجر كاروتشي أنه يريد منع “مسار الهجرة من خلال تصريح إقامة الطالب”.
وللقيام بذلك، يقترح السيناتور إنشاء “وديعة العودة”، أي أنه سيتعين على الطلاب الأجانب دفع وديعة للحصول على تصريح إقامة طوال مدة دراستهم.
وسيتم إرجاعه للطلاب الأجانب عند مغادرتهم البلاد، أو في حالة حصوله على تصريح إقامة جديد، للحصول على وظيفة على سبيل المثال.
ويأتي هذا التعديل علاوة على الرسوم الباهظة التي يجب على الطلاب الأجانب من خارج الاتحاد الأوروبي دفعها، لأن برنامج “مرحبا في فرنسا” الذي اعتمدته حكومة إدوارد فيليب عام 2019، كان قد ضاعف رسوم التسجيل التي تصل اليوم إلى 2770 يورو للطالب الأجنبي، مقابل 170 يورو للطالب الفرنسي.
كما اعتمد مجلس الشيوخ إجراءً لفرض الرقابة على الطلاب الذين لديهم تصاريح إقامة متعددة السنوات.
ويهدف التعديل إلى إلزام الطلاب بإرسال وثائق سنويا، تشهد على طبيعة دراستهم “الحقيقية والجدية”، علما أنه لم يتم تحديد طبيعة الوثائق الداعمة التي سيتم إرسالها خلال المناقشات.
وسيؤدي هذا الإجراء إلى زيادة الرقابة على الطلاب الأجانب، لأنه بحسب السيناتور، “يؤكد العديد من رؤساء الجامعات أن العديد من الملتحقين بهذا الإطار في الجامعات لا يقدمون الامتحانات، ولا يذهبون إلى الفصول الدراسية”.
الطلاب يد عاملة مؤهلة
أمام كل هذه العقبات، يتساءل رئيس قسم الهجرة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، جان كريستوف دومون في تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية”، عن التناقض الذي تتخبط فيه السياسة العامة في البلاد، إذ أنها من جهة تسعى إلى استقطاب يد عاملة مؤهلة، ومن جهة أخرى تريد تشديد الخناق على الطلاب الأجانب.
ويتابع دومون قائلا: “الطلاب الأجانب يوفرون يدا عمالة مؤهلة. إذ تعتبر فرنسا فعالة بشكل خاص من حيث الانتقال من تصريح إقامة الطالب إلى تصريح إقامة العمل. فهي تمنح واحدا من كل تصريحي عمل لشخص كان طالبا سابقا”.
ويعتبر أنه “في حال تمت إضافة “وديعة العودة” إلى رسوم التسجيل المرتفعة جدا التي تضاعفت حوالي 15 مرة عام 2019، فالحمل سيصبح ثقيلا على الأسر التي تفضل بعث أبنائها للدراسة في فرنسا التي تسير نحو الانتقائية بشكل أكبر”.
كما يتخوف الخبير في مجال الهجرة من إجراء آخر يتمثل في اشتراط دفع المساعدة السكنية الشخصية (APL) بالتواجد على التراب الفرنسي لمدة لا تقل عن 5 سنوات.
ويوضح أنه “لا يمكن للطلاب الأجانب الحصول على المنح الدراسية بناءً على المعايير الاجتماعية، ولكن فقط على المساعدات الطارئة. إن حرمانهم من APL يعني حرمانهم من واحدة من المساعدات المالية الوحيدة التي يحق لهم الحصول عليها وهذا قد يساهم في خلق مشاكل عدم الاستقرار وقد يؤثر سلبا على المشوار الدراسي”.
وبحسب تقرير لديوان المحاسبة، فإنه في 2020-2021، تم دفع المساعدات الطارئة التي خصصتها منظمة “كروس” التي تقدم منحا للطلاب “الذين يعانون مؤقتا من صعوبات خطيرة بنسبة 55 في المئة منهم للطلاب الأجانب، في حين أنهم يمثلون 10 في المئة من الطلاب المسجلين في التعليم العالي خلال نفس الفترة”.