وفي مقالةٍ نشرتها شبكة “سي إن إن”، الإثنين، لكريستوفر ماكاليون، زميل في Defense Priorities، وهي مؤسّسة فكرية للسياسة الخارجية، مقرها واشنطن، انتقد قيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بـ”توريط” أميركا في عدة صراعات دولية، وتبريره لذلك بأنه “صراع عالمي بين الديمقراطية والاستبداد”.
ووفق ماكاليون، فإنّ “هذه الادّعاءات لا تصمد أمام التّدقيق”؛ لأن “تورُّط أميركا في هذه الأزمات لا يؤدّي إلا إلى إرهاق قدراتها، وتحريك مخاطر غير ضرورية، وتأجيج العداوات المحلية، وحرمان الشعب الأميركي من الموارد التي يُمكن استخدامها بشكل أفضل في الداخل”.
وعن هذا السّخط الداخلي، أضاف: “الشعب الأميركي أصبح عازفا على نحو متزايد عن تحمّل فاتورة المساعدات العسكرية للصراعات في الخارج إلى أجل غير مسمّى، حيث أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة انحدار الدعم بين الديمقراطيين والجمهوريين لكلِّ من إسرائيل وأوكرانيا”.
وبعد سردِه لأشكال التدخّل الأميركي في عدّة صراعات، قال إنّ هذه السياسة لم تجلب لبلاده في النهاية إلا “عداوات” في العالم، وساعدت في “تمكين” المليشيات المدعومة من إيران، واندلاع الحرب الحالية في غزة، بعد أن شجّعت واشنطن إسرائيل على توسيع المستوطنات وحصار غزة.
وانتهى الكاتب الأميركي للقول: “يُعلن بايدن أن أميركا منارة للعالم، ومع ذلك، وبينما تُحاول أميركا دعم امبراطورتيها، فإن جمهوريتها تتألّم. يجب أن ننقذ الجمهورية، وليس الامبراطورية”.
ووافقت إدارة بايدن، السبت الماضي، على بيع 14 ألف قذيفة دبابات (ذخائر ذكية) لإسرائيل بنحو 106.5 مليون دولار، دون العودة إلى الكونغرس.
ودافع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مساء الأحد، عن قرار بيع الذخائر، قائلا في مقابلتين مع محطتَي “إيه بي سي” و”سي إن إن”، إن “إسرائيل تخوض حربا الآن مع حماس، ونريد التأكّد من أن لديها ما تحتاج إليه للدفاع عن نفسها”.
ووفق بيان لوزارة الدفاع (البنتاغون)، فإن البيع سيكون من مخزون الجيش، ويتكوّن من قذائف “إم 830 إيه 1” شديدة الانفجار متعدّدة الأغراض والمضادة للدبابات مع جهاز تتبّع (إم.بي.إيه.تي) ومعدّات ذات صلة.
تسريع وتيرة الحرب
الباحث في شؤون الأمن القومي الأميركي، سكوت مورغان، يعلّق لموقع “سكاي نيوز عربية”، على هذه الصفقة، بأنّ هذه الذخائر سبق ورفضت إدارة الرئيس الأسبق، باراك أوباما، تزويد تل أبيب بها عندما طلبتها في حرب 2014 التي استمرّت أكثر من 50 يوما، من باب الضغط عليها لإنهاء الحرب.
وعلى هذا، يرى أنّ قرار بايدن المعاكس لسياسة أوباما يقف وراءه:
- رغبة واشنطن في تحويل غزة إلى مكانٍ لا يشكّل تهديدا لأمن إسرائيل؛ بحيث لا يمكن تكرار هجوم 7 أكتوبر.
- يكون ذلك بالسيطرة حتى أكبر قدر ممكن في جنوب غزة، لا سيما مدينة خان يونس، التي تقول تل أبيب إنها مركز قيادات “حماس” جنوبا.
- استمرار القتال حتى تحقيق هذه الأهداف، وظهر هذا جليا في استخدام واشنطن حق النقض “الفيتو” ضد قرار في مجلس الأمن الدولي، نهاية الأسبوع الماضي، يقضي بوقف إطلاق النار في غزة.
استدارة كبيرة
يرى الباحث المتخصّص في الشؤون الأميركية طارق البرديسي، في موافقة بايدن على صفقة الذخائر، تحوّلا لم يكن متوقّعا حين تولّى بايدن الحكم؛ حيث كان يُنظر إليه على أنه امتداد لأوباما، وأن فترته هي “الفترة الثالثة” لإدارة أوباما.
ويُرجع البرديسي، في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، هذه “الاستدارة الكبيرة”، حسب تعبيره، في سياسات بايدن، إلى قرب موعد إجراء الانتخابات الأميركية (المقررة نوفمبر 2024)، وما يأمله من تحقيق إسرائيل لأي إنجاز عسكري، يبرّر ما قدّمه لها من دعم كبير.
ما قدرات قذائف “إم 830 إيه 1″؟
- شديدة الانفجار وخارقة للدروع.
- تستخدم ضد أهداف أخرى؛ مثل المباني والحصون والمركبات المدرعة.
- تتميَّز بقدرتها الفائقة على اختراق الدروع، حيث يمكنها اختراق أكثر من 1200 ملم من الدروع الفولاذية المدرعة.
- فعّالة للغاية في تدمير الأهداف.
- تعدّ مِن أكثر قذائف الدبابات تطوّرا في العالم.
- تضمن للدبابات القدرة على مواجهة التحديات التي تفرضها الآليات العسكرية المُعادية؛ سواء الدبابات أو المركبات المدرّعة.
- يُمكنها إصابة الأهداف على مسافاتٍ تصل إلى 5 كيلومترات، وهذه المسافة تعدّ كافيةً لمقاتلة الدبابات المعادية من مسافات آمنة.
- يُمكنها اختراق الدروع الفولاذية المدرّعة التي تزيد سماكتها على ضِعف سُمك الدروع الموجودة في مُعظم الدبابات الحديثة.