“ماذا عن الأوكرانيين؟”.. جدل بشأن سياسة تكبيل طالبي اللجوء بأجهزة تتبّع في بريطانيا

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

لندن- تدور حالة من الجدل بشأن تكبيل طالبي اللجوء بأجهزة تتبّع في بريطانيا، وهو ما اعتبرته مؤسسات المجتمع المدني انتهاكا واضحا لحقوق الإنسان، لكن وزارة الداخلية البريطانية ترى ذلك “حتمية لضبط سياسة الهجرة الجديدة”.

وأكدت الوزارة في حديث للجزيرة نت أنها قامت بتفعيل تجربة تعرف بالمراقبة الإلكترونية “إي إم” منذ منتصف يونيو/حزيران 2022 ويتوقع أن تمتد التجربة حتى ديسمبر/كانون الأول القادم.

وتسعى الداخلية البريطانية للتوسع في استخدام التقنية، حيث تقوم بتتبع طالبي اللجوء من خلال “إسوارة” في الكاحل عند إطلاق سراحهم المشروط، لتتبعهم عبر نظام المراقبة الإلكترونية الذي يرصدهم في منطقة محددة ويستبعدهم من مناطق أخرى ويلزمهم بالوجود في مكان وتوقيت محددين.

الجزيرة نت اطلعت على وثيقة رسمية تكشف معدلات مرتفعة للهروب بين طالبي اللجوء (الجزيرة)

لخفض معدلات الهروب من الرقابة

وقال متحدث رسمي باسم وزارة الداخلية للجزيرة نت “نحن عازمون على كسر نموذج أعمال مهربي البشر المجرمين ومنع الناس من القيام برحلات خطيرة عبر القناة البحرية (بين بريطانيا وفرنسا)، والذين انتهكوا إطلاق سراحهم المشروط بالتتبع، بما في ذلك إزالة جهاز التتبّع، وقد تتم مقاضاتهم أو إبعادهم عن المملكة المتحدة إذا لزم الأمر”.

وأوضح المتحدث أن اتخاذ قرار فرض جهاز التتبع يتم بشكل فردي بعد دراسة كل حالة على حدة، وأن التجربة تهدف إلى قياس مدى فاعلية المراقبة الإلكترونية في خفض معدلات هروب طالبي اللجوء من رقابة وزارة الداخلية.

وثيقة المراقبة

واطلعت الجزيرة نت على وثيقة رسمية تضم تفاصيل تنفيذ مشروع المراقبة الإلكترونية، والتي كشفت عن معدلات مرتفعة للهروب من هذه الرقابة بين طالبي اللجوء الذين تم إعلامهم بإعادة النظر في طلباتهم أو رفضها مبدئيا.

كما أشارت الوثيقة إلى استثناء الحوامل والأطفال من برنامج المراقبة الإلكترونية، وأوصت باتخاذ إجراءات الأمن والسلامة، فيما يعاد النظر في كل من تم تقييده بالإسوارة كل ثلاثة أشهر، ويمكن تجديدها تبعا للموقف.

وبحسب الوثيقة، يهدف البرنامج لاحتواء تدفق الوافدين الذين يصلون عبر القوارب الصغيرة أو من خلال مسارات خطيرة، موضحة أن تلك المسارات من شأنها أن تسهل تسلل الخارجين عن القانون بين اللاجئين، وجميع بياناتهم ومواقعهم ستكون محمية بموجب قانون حماية البيانات البريطاني.

ووفقا للوثيقة، فإن “تطبيق المراقبة الإلكترونية لن يصنف انتهاكا لحقوق الإنسان بموجب المادة الثامنة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان “إي سي إتش آر”، حيث يتم استخدام مسارات التتبع في حالات محددة، مثل الاشتباه في خرق شروط إطلاق السراح الخاص بالهجرة أو وجود معلومات استخباراتية تستدعي التتبع.

الداخلية البريطانية لا تصنف تطبيق المراقبة الإلكترونية انتهاكا لحقوق الإنسان (أسوشيتد برس)

شهادات اللاجئين

تواصلت الجزيرة نت مع اثنين من طالبي اللجوء الأفغان المكبلين، وهما مجاهد والي وشفيق خاكسر.

وأوضح والي أنها المرة الثانية التي يدخل فيها بريطانيا، حيث دخل عام 2007 صبيا دون ذويه، ولكن بعد فترة أُبلغ بمرض والدته العضال فعاد طواعية إلى أفغانستان، وبقي هناك حتى تسلمت طالبان الحكم في صيف 2021، حيث تعرض للتهديد وفضل العودة إلى المملكة المتحدة.

أما خاكسر فقد دخل البلاد في المرة الأولى عام 2007 وكان صبيا بلا عائلته أيضا، ووضع حينها تحت رعاية أسرة إنجليزية حاضنة لمدة عامين، قبل أن يتم ترحيله إلى أفغانستان عام 2016.

وأوضح خاكسر أنه عاش لفترة في أفغانستان حتى حكمت طالبان، ووقتها أثيرت حوله شكوك في كونه جاسوسا بريطانيا بسبب وجوده أثناء طفولته في المملكة المتحدة، وبدأ بالشعور بعدم الأمان وقرر مغادرة البلاد.

عند وصوله إلى بريطانيا تم القبض عليه بمجرد نزوله من القارب، وحُكم عليه بالسجن لمدة عام، قضى منها ستة أشهر، قبل أن يطلق سراحه مشروطا بالتقييد بجهاز التتبع لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.

وبحسب روايتهما، لم توجه لهما أي اتهامات سوى دخول بريطانيا بشكل غير قانوني، ومع ذلك لا تتكفل الحكومة بأي شيء يتعلق بالمأوى الخاص بهما رغم عدم التصريح لهما بالعمل إلى حين البت في قرار اللجوء الخاص بهما.

جهاز التتبع الملحق بأحد أطراف المهاجرين المصدر وزارة الداخلية
الداخلية البريطانية: هدف برنامج التتبع قياس مدى فاعلية المراقبة الإلكترونية في خفض معدلات هروب طالبي اللجوء (الجزيرة)

“عاملهم مثل الأوكرانيين”

وتعليقا على ذلك، تواصلت الجزيرة نت مع “مجلس اللاجئين” المشارك في “تحالف معا من أجل اللاجئين”، والذي يضم العديد من منظمات المجتمع المدني الساعية لتمكين هذه الفئة بالمملكة المتحدة.

وأعرب الرئيس التنفيذي لمجلس اللاجئين إنفر سولومون عن قلقه من نظام المراقبة، وقال “إنها معاملة للناس كأشياء بدلا من رجال ونساء وأطفال ضعفاء يبحثون عن الأمان، يجب أن تتم معاملتهم برحمة وإنسانية تماما كما رحب البريطانيون باللاجئين الأوكرانيين”.

من جهته، قال الكاتب والناشط من أصول أفغانية جولوالي بصارلاي إنه يعرف العديد من المكبلين بإسوارة التتبع، مشككا في فاعلية الجهاز لمنع الهروب، مشيرا إلى إمكانية قطعه بآلة حادة.

وفي سياق مشابه، تناولت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية الأسبوع الماضي تظاهرة إلكترونية نظمها مقيدون بتلك الإسوارة من طالبي اللجوء القادمين من ألبانيا، حيث قطعوا أجهزة التتبع في بث مباشر، ثم الهروب من رقابة وزارة الداخلية.

وأوضح جولوالي أنه لا يمكنه التأكد من وجود جنسيات أخرى -خاصة من الأفارقة- بين المكبلين بإسوارة التتبع رغم أنه يعرف الكثير من الأفغان الذين تعرضوا للتكبيل بالفعل، مضيفا “السجون ممتلئة باللاجئين ولا تستوعب الجميع، لذلك يفضلون تقييدهم بأجهزة التتبع”.

وتعرضت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان لانتقادات بسبب تعليقها على احتماليه التوسع بأماكن الحجز في المملكة المتحدة، بحسب صحيفة الإندبندنت.

ورغم تصاعد نبرة المعارضة الرافضة لنظام المراقبة الإلكترونية فإن زعيم حزب العمل المعارض كير ستارمر أكد أنهم سيوافقون على تقييد طالبي اللجوء بأجهزة تتبع في حالات محددة، بحسب تصريحات متلفزة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *