نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني مقالا لمسؤول سابق في الأمم المتحدة، أكد فيه أهمية المصطلحات في الحرب بين إسرائيل وفلسطين، مشيرا إلى أن “السجناء” الفلسطينيين رهائن أيضا.
وقال منصف خان إن هناك معركة أخرى غير متوازنة قائمة بالتوازي مع الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة، وإن كانت ليست قاتلة لكنها خبيثة لأنها تشكل التصورات التي توجه السياسة.
وأوضح خان، الذي عمل في مجالات حقوق الإنسان والشؤون السياسية في مكتب الأمين العام السابق كوفي عنان، أن الحكومة الإسرائيلية ووكلاءها دأبوا على تعقب استخدام اللغة التي يعتبرونها ضارة بإسرائيل وسردية احتلالها، ويمكن للمرء أن يجادل بأن هذا جزء من الدبلوماسية.
وقال إن حرب المصطلحات التي تشنها إسرائيل أصبحت شاملة مثل هجومها على غزة؛ وعندما يتعلق الأمر بالحرب على الكلمات، فإنها تشبه سخافة التنمر في المدرسة.
وضرب مثلا بانتقاد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين الأخير لرئيس وزراء أيرلندا ليو فارادكار، مغردا “يبدو أنك فقدت بوصلتك الأخلاقية و(..) تحاول شرعنة الإرهاب وتطبيعه. عار عليك”.
ووصف خان الهجوم بأنه كان فظّا على رئيس وزراء إحدى دول الاتحاد الأوروبي لجرأته على استخدام كلمات مقطع توراتي من العهد الجديد “طفلة بريئة كانت “مفقودة” وعثر عليها الآن”، في إشارة إلى الطفلة إيميلي، البالغة 9 سنوات، والتي تحمل الجنسية الأيرلندية والإسرائيلية وكانت رهينة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولم يقل فارادكار إنها كانت “مخطوفة” في قطاع غزة.
وقارن الكاتب هذه الواقعة التي وصفها بزوبعة في فنجان، بالاستخدام الواسع النطاق لمصطلح “سجناء” لتعريف الفلسطينيين، بما في ذلك مئات الأطفال، بعضهم في عمر إيميلي، والذين اعتقلوا تعسفيا ويقبعون في السجون العسكرية الإسرائيلية لأشهر أو سنوات أو عقود.
وذكر أن إسرائيل اعتقلت مليون فلسطيني في الأراضي المحتلة، وفقا للأمم المتحدة، من بينهم عشرات الآلاف من الأطفال، لفترات زمنية مختلفة منذ عام 1967.
كسر الإرادة الفلسطينية
وعلق خان أنه بموجب قواعد لاهاي واتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة والبروتوكول الإضافي الأول، فضلا عن القانون الإنساني الدولي العرفي، لا يُسمح باحتجاز الأفراد في حالات الاحتلال الحربي إلا “للضرورة القصوى” لأمن سلطة الاحتلال أو “لأسباب أمنية حتمية”، وبعد محاكمة عادلة ونزيهة لهؤلاء “الأشخاص المحميين”.
لكن بموجب القانون الإسرائيلي، يمكن الحكم على طفل فلسطيني بالسجن 20 سنة بتهمة رشق حجر. وفي عام 2011 نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بيانات عسكرية داخلية تظهر أن 99.74% من المحاكمات أسفرت عن 9542 إدانة مقابل 25 حكما بالبراءة.
وتابع المسؤول الأممي السابق أنه وفقا لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فإن كل الأسرى المحتجزين لديها هم بحكم تعريفهم رهائن. وأيضا العسكريون منهم، الذين يسمون أسرى حرب، هم كذلك رهائن، وفقا لحماس.
وفي هذا الصدد، من الواضح أن الفلسطينيين المحتجزين تعسفا، صغارا وكبارا، ذكورا وإناثا مثل إيميلي، هم أيضا رهائن. وليسوا مجرد سجناء أو سجناء سياسيين أو أشخاص محتجزين تعسفيا بموجب القانون الدولي، بل رهائن. والثمن هو كسر الإرادة الفلسطينية في مقاومة الاحتلال.
وبما أن النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ العسكرية والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يعدّان أخذ الرهائن في صراع دولي أو داخلي جريمة حرب، يمكن مقاضاة مرتكبيها في محكمة وطنية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.
فلهذا السبب سوف يلاحقك وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ليتنمر عليك ويسكتك بعبارة “عار عليك”، إذا تعرضت لسوء حظك لتسمية رهينة فلسطينية “رهينة”، وهذا ما يجعل الكلمات مهمة في الحرب.